هذا ما استهلكه السوريون من المتة خلال عامين.. فأي فائدة جناها اقتصادنا؟!
قسيم دحدل
أن تبلغ الكميات التي تستوردها سورية من مادة المتة الـ 24799 طناً، وبقيمة 28.537.287 يورو في عام 2019، وتصل إلى 33407 أطنان بقيمة 36.363.977 يورو عام 2018، وتكون في عام 2015 نحو 24 ألف طن بقيمة 23 مليون يورو، وفقاً لمصادر في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لـ “البعث”، فهي قضية يجب أن تحظى بالشديد من المراجعة والحساب النقدي المالي، كونها تأتي في المرتبة الثانية باستيراد المشروبات الساخنة في سورية بعد الشاي، ما يعني أن هناك كتلة مالية وازنة من القطع الأجنبي يتمّ استنزافها، وذلك بتمويل المصرف المركزي الذي يدرجها على قوائم المستوردات المشمولة بالتمويل تارة، وتارة ينفي، علماً أنه في آخر تعميم للمركزي (وكان في شهر كانون الأول من العام الماضي 2019) تمّ إدراج مادة المتة على قوائم السلع المشمولة بتمويل استيرادها (أي أن الشركة المستوردة للمتة يحقّ لها تمويل استيراد هذه المادة بسعر 436 ليرة للدولار آنذاك)، أي قبل نحو ستة أشهر فقط، وهو الزمن اللازم لاستيراد المادة، بدءاً من تقديم طلبات الاستيراد وحتى وصولها إلى السوق المحلية؛ كما كان للمركزي قبل ذلك، وفي شهر أيار من العام نفسه، قائمة تضمّ أكثر من 40 مادة تتنوع بين غذائية ودوائية وأولية وعلى رأسها المتة، يمكن تمويل مستورداتها بالقطع الأجنبي وفق السعر الرسمي؟!
لا يستهان!
ولو أردنا حساب قيمة ما نستورده من مادة المتة فقط (كنسبة وتناسب) من مجمل قيمة المستوردات السورية والبالغة 4.23 مليارات دولار في عام 2019 ،وفقاً لحسابات وإحصائيات غير رسمية (لبيانات مركز التجارة الدولية ICT “الخارطة التجارية”)، لرأينا أن ما تشكله المتة وحدها، من قيمة نقدية وبالقطع الصعب، من إجمالي قيمة مستورداتنا السنوية، يعدّ رقماً لا يُستهان به مطلقاً. ولعلّ ما يجعلنا نعتد بتلك البيانات، والتي أكدت تراجع المستوردات بنسبة 10% في العام الماضي عن العام 2018، هو تراجع كميات المتة المستوردة وقيمها في العام 2019 مقارنة بالعام 2018، كما أوردنا أعلاه.
لم تنخفض
المفارقة الغريبة العجيبة أن مادة المتة، والتي نسوقها مثلاً لا حصراً، رغم الخصوصية المثبتة لها في التقليد السوري، لم تشهد أسعارها أي انخفاض، لا في حالة الكميات الكبيرة التي تمّ استيرادها في العام 2018، ولا في حالة الكمية التي انخفضت وبمقدار 8608 أطنان عام 2019، مقارنة بالعام الذي سبقه 2018، سواء تمّ تمويلها من المركزي أو لم يتم!!
انقطاع المادة!!
وعليه أن يصل – مثلاً – سعر علبة المتة لإحدى الماركات وزن 500 غرام، إلى نحو 3 آلاف ليرة سورية، وأن نستطلع أمس عدداً من أصحاب محال البيع بالمفرق، ويؤكدون انقطاع محالهم من المادة منذ أسبوع، فهو أمر يثير العديد من التساؤلات، ليس أقلها: هل هناك رفع لأسعارها مجدداً؟! إذ أن عدم توفرها عند بائعي المفرق يعني ثالثاً إما أن هناك احتكاراً، وإما أن هناك تصديراً، أو أن هناك تهريباً؟؟!
أما.. وأما!
الآن نأتي للتساؤل الأبلغ في دلالاته وآثاره، لنقول: إن كان التاجر الذي يستورد المتة (ويحتكر استيرادها لنفسه في بلد المنشأ، وبالتالي يحتكر دخولها للسوق السورية) يموّلها هو باليورو، دون أن يكون للمركزي أي دخل في ذلك، فهذا حكماً يعني أنه سيبيعها بالليرة داخل سورية؛ والسؤال المستحق الإجابة: كيف وبماذا سيستورد مجدداً؟ الجواب: بالطبع سيستورد باليورو.. وبناء عليه نسأل: من أين يأتي بالأخير.. يا أصحاب العقل والتدبير؟
وإن كان يستوردها ليصدّرها – ولسنا ضد ذلك – فما هو حجم الاستفادة النقدية، والضريبة المالية، التي تستفيدها خزينتنا العامة، من الليرة واليورو؟ هذا ولم نتطرق لآفة التهريب!!
السؤال الغصة!
الزهورات والمليسة والزوفا والبابونج والزعتر والميرمية.. إلخ، كلها نباتات وإضافة إلى أنها ساخنة، هي طبية بامتياز، والسؤال “الحلم” الممكن تحقيقه هو: ماذا لو استطاع السوريون، صرف تلك الملايين من القطع الصعب، على تبديل تقليد وعادة، بشربهم لنباتاتنا الصحية الموصوفة عالمية، أليس في ذلك رفعاً ودعماً لقيمة الليرة السورية، وبالتالي دعم التنمية الزراعية والاقتصادية والصناعية، وبالآن معاً، قطع تلك الأيادي في الداخل والخارج التي لا تدخر وسيلة لتدمير قيمتها؟!