الدراما السورية “الصافية” غصة في القلب!
شاهدنا في السنوات الأخيرة الثنائية السورية اللبنانية في معظم الأعمال الدرامية، واعتدنا نوعاً ما على وجودها، وقد انقسم الجمهور إلى من يتابعها ويؤيدها وينتظرها معتبراً إياها خطاً درامياً مختلفاً ومعاصراً، وقسم آخر لم يحبذها ولم يمل إليها، واعتبرها دراما الاستعراض والمبالغات والقصص الغربية التي لا تمت لواقعنا العربي بصلة، ولكن في الموسم الرمضاني الذي انتهى منذ أيام قليلة، لم تكن تلك الثنائية هي الوحيدة التي ظهرت في الدراما السورية، حيث يكاد لا يخلو أي عمل درامي سوري من مشاركة فنانين ونجوم عرب من لبنان ومصر والعراق والأردن، وحتى من تونس والجزائر، كما لم تكتف الدراما السورية لهذا العام بزياراتها إلى الشقيقة لبنان، بل جالت في أماكن جديدة ومختلفة، حيث تم تصوير بعض أعمالها في الإمارات العربية المتحدة وفي الجزائر، وفي المرات التي لم تذهب هي إلى خارج سورية أحضرت فنانين عرباً ليشاركوا في أعمالها، كما كان أحياناً لسفير الدراما، أي الفنان السوري، مشاركة وحضور في دراما أردنية، وهذا مؤشر ودليل على نجاح درامانا السورية بكل مكوناتها، واعتراف بها كورقة حظ رابحة في السباق الرمضاني، وحالة إيجابية للغاية، ولكن للأسف في المحصلة كانت نتيجة هذه التشاركية عدم وجود عمل سوري صاف مئة بالمئة!.
بالطبع أسفنا هذا لا يتعارض مع اعترافنا بـ “الجماهيرية” الكبيرة للأعمال السورية المشتركة، فهي متابعة عربياً بشكل كبير، وتحظى بميزانية مرتفعة تخدمها إلى أقصى الحدود، وتتهافت عليها المحطات والشاشات العربية، وكي نكون واضحين وبعيداً عن أي التباس، نريد التأكيد على أن الدراما “العربية المشتركة” لم تكن في يوم من الأيام تهمة، ولن تكون، ولكن يجب أن نعلم أيضاً أن المطالبة بعمل سوري بحت بكل طاقمه ونجومه ليس تهمة أبداً، وأن أمنية متابعة دراما محلية تحاكي قضايانا وهمومنا الحقيقية ليست جريمة يجب أن نتستر عليها، وشوقنا لرؤية ممثّلينا ونجومنا السوريين في عمل واحد يجمعهم دون سواهم ليس “جناية نحاسب عليها”، ورغبتنا بأن نرى قصة حب درامية أبطالها سوريون ليست “عيباً وحراماً”، وحتى تفضيلنا لسماع لهجاتنا وكلماتنا ومفرداتنا في مسلسل ما ليست نوعاً من “العنصرية والكراهية”، وحبنا وتعصّبنا لدرامانا السورية الصرفة ليسا شيئاً علينا الخجل منه، بل هو أمر نفخر به، كما أنه ليس كل من لا يحبذ الأعمال المشتركة “غيوراً” من نجاح تلك الأعمال، بل ببساطة هو غيور على الدراما السورية النقية، فكل من تابع “نهاية رجل شجاع”، أو “أسعد الوراق”، أو “أحلام كبيرة”، أو “الندم”، وسواها من الأعمال التي حفرت في الذاكرة والقلب، وعرف قدرة الدراما السورية “الصافية والنقية” على خلق لوحات فريدة في محليتها وواقعيتها وسوريتها، من حقه أن يشتاق لها ولأبطالها ولكل تفاصيلها، وأن يأخذه الحنين لأيامه ولحظاته الجميلة معها، وللذاكرة التي صنعتها بداخله وبداخل كل سوري، وفي النهاية فإن الأهم والمطلوب منا أن نعلم وندرك بل ونجاهر بأن جميع ما سبق هو حقوق مشروعة لكل سوري تربّى على دراما محلية تفوقت في فترة ما- وبكل تواضع- على كل ما سواها من دراما عربية، ما يجعل غياب الدراما السورية الصافية “غصة” في القلب.
لوردا فوزي