احتجاجات الغضب تتسع.. إلى تورونتو وبرلين
رغم تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام “القوة العسكرية غير المحدودة” ضد المظاهرات، اتسعت رقعة الاحتجاجات، أمس الأحد، لتمتد إلى ما لا يقل عن 30 مدينة أمريكية، كما وصلت إلى مدينة تورونتو الكندية وبرلين عاصمة ألمانيا، تنديداً بمقتل الرجل الأميركي ذو الأصول الإفريقية جورج فلويد على يد شرطي بمدينة مينيابوليس من ولاية مينيسوتا.
وأفادت مصادر أمنية بمقتل محتج بمدينة إنديانابوليس عاصمة ولاية إنديانا، وإصابة اثنين آخرين، في اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين ورجال الشرطة، وقالت الأخيرة: إن مقتل المتظاهر جاء برصاص مجهول، مؤكدة أن عناصرها لم يطلقوا النار، ولكنها لم توضح ملابسات العملية.
كما أكدت وحدات الأمن في إنديانا إطلاق قنابل مسيلة للدموع على المحتجين بعد تواصل أعمال الشغب والنهب.
ومع امتداد رقعة المظاهرات والاحتجاجات أعلنت السلطات الأميركية فرض حظر تجوّل في كل من أتلانتا ولوس أنجلوس وفيلادلفيا وناشفيل، في محاولة لاحتوائها.
وعلى غرار العاصمة واشنطن و10 ولايات أميركية أخرى، قرّرت سلطات كاليفورنيا نشر قوات الحرس الوطني في مركزها بمدينة لوس أنجلوس، وذكر عمدة المدينة إريك غارسيتي على حسابه بموقع تويتر أن نشر هذه القوات يأتي لدعم استجابة السلطات المحلية بغية ضمان السلام والأمن في شوارع مدينتنا.
من جانبها أعلنت عمدة سان فرانسيسكو لندن بريد عن فرض حظر التجوال، مهددة بأن الحرس الوطني على درجة الاستعداد القصوى تحسباً لأعمال شغب محتملة.
كما تم نشر قوات للحرس الوطني في أكبر مدن ولايات كولورادو وجورجيا وكنتاكي ومينيسوتا وميزوري وأوهايو وتينيسي وتكساس ويوتا وويسكونسين، بالإضافة إلى العاصمة واشنطن.
ولم تمنع كل هذه الإجراءات من تجدد المظاهرات، وهزت صدامات بين متظاهرين ورجال شرطة، مساء السبت، عدداً من مدن الولايات المتحدة فرض فيها حظر للتجوّل لمحاولة تهدئة الغضب الذي انفجر في البلاد بعد وفاة جورج فلويد.
وتوعّد ترامب “بوقف العنف الجماعي” بعد ليلة من أعمال العنف في مدينة مينيابوليس حيث توفي الرجل.
وفي هذه المدينة الواقعة في ولاية مينيسوتا بشمال البلاد، قام عناصر يرتدون ملابس شرطة مكافحة الشغب بضرب المتظاهرين، الذين تحدّوا منع التجوّل، وبصدهم بقنابل دخانية وصوتية.
وقبيل ذلك أبدى محتجون تصميمهم على البقاء في المكان. وقالت ديكا جاما (24 عاماً) “لا يمنحونا خياراً آخر، هناك شعور كبير بالغضب”، مؤكدة أنها جاءت “تطالب بالعدالة” لجورج فلويد.
ووقعت مواجهات في مدن نيويورك وفيلادلفيا ولوس أنجليس وأتلانتا أيضاً، ما دفع المسؤولين في المدينتين الأخيرتين، ومعها ميامي وشيكاغو، إلى منع التجول.
وزعم ترامب، الذي دان مرات عدة الموت “المفجع” لجورج فلويد، إن التظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل، فيما دان المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن العنف في الاحتجاجات، مشددا ًفي الوقت نفسه على حق الأميركيين في التظاهر، وقال في بيان: إن “الاحتجاج على هذه الوحشية حق وضرورة. إنه رد فعل أميركي خالص”، لكنه أضاف: إن الأمر لا ينطبق على “إحراق مدن وتدمير مجاني”، مؤكداً أن “العنف الذي يعرّض حياة الناس للخطر ليس كذلك. العنف الذي يطال الأعمال التي تخدم المجتمع ويغلقها ليس كذلك”.
وحمل حاكم مينيسوتا تيم والتز أيضاً عناصر قادمين من خارج ولايته وقد يكونوا فوضويين برأيه، ولكن من المدافعين عن تفوّق العرق الأبيض أو مهربي مخدرات أيضاً، مسؤولية الفلتان.
وليتمكن من استعادة سيطرته على الوضع، أعلن عن حشد جنود الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفاً، في سابقة، وطلب مساعدة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، وقال الأخير: إن وحدات للشرطة العسكرية وضعت في حالة تأهب لتتمكن من التدخل إذا احتاج الأمر، خلال مهلة أربع ساعات.
ولم يمنع نشر 2500 شرطي وجندي من الحرس الوطني مساء الجمعة وفرض منع للتجول في مينيابوليس، من تفاقم الوضع في المدينة، التي شهدت عمليات نهب وإضرام حرائق عمداً.
وتصاعد التوتر بسرعة في مينيابوليس والمدن الأخرى. وتجمعت حشود من المحتجين في دالاس ولاس فيغاس وسياتل وممفيس. وحتى في واشنطن، أطلقت غازات مسيلة للدموع بالقرب من مقر الرئيس ترامب، وانبعث دخان الحرائق.
وفي نيويورك اعتقل أكثر من مئتي شخص بعد صدامات أسفرت عن سقوط جرحى في قوات الأمن. وألقيت زجاجة حارقة داخل سيارة للشرطة كانت خالية. وقال قائد الشرطة ديرموت شيا: إن “عدم مقتل أي شرطي معجزة”.
وفي أتلانتا وميامي أحرقت آليات لدوريات للشرطة، وفي لوس أنجليس جرح خمسة شرطيين واعتقل مئات الأشخاص في تظاهرة سلمية شهدت أعمال عنف من إحراق متاجر وعمليات نهب طالت خصوصاً المحلات الفاخرة في حي بيفرلي هيلز.
وفي مدينة هيوستن، مسقط رأس فلويد وحيث سيدفن، قالت ربة العائلة شافون ايلين إنها “منهكة وحزينة” من رؤية “إخوتها وأخواتها يقتلون بالخطأ بيد شرطة هيوستن ولم يتم تحقيق العدالة يوماً”.
ويطالب المحتجون هذه المرة بأن يحاسب المسؤولون عن موت فلويد الذي انتشرت صوره في جميع أنحاء العالم.
وأوقف الشرطي الأبيض ديريك شوفين، الذي يظهر في تسجيل الفيديو وهو يثبت فلويد على الأرض بساقه، الجمعة، واتهم “بالقتل غير العمد”. لكن العديد من الأميركيين يرون أن هذا ليس كافياً، ويطالبون باتهامه بالقتل العمد وتوقيف ثلاثة شرطيين آخرين متورطين في الحادثة.
وحركت الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها الولايات المتحدة التظاهرات والتحركات ضد العنصرية في دول أخرى، ففي تورونتو الكندية، تظاهر آلاف الأشخاص تعبيراً عن احتجاجهم وإدانتهم للممارسات العنيفة والعنصرية للشرطة في الولايات المتحدة وكندا مع المواطنين من أصول إفريقية، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها “حياة السود تهم”، و”لم أعد قادراً على التنفس” وهي العبارة التي قالها فلويد عندما كان شرطي يثبته على الأرض قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، في جريمة أخرى تضاف إلى سجل الجرائم التي يرتكبها عناصر الشرطة الأميركية.
وضم الحشد أشخاصاً من كل الأعراق، وعكس تنوّع تورونتو، أكبر مدينة كندية يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة، وهتف المتظاهرون “لا عدالة لا سلام”.
ونظمت المظاهرة إثر وفاة امرأة سوداء الأربعاء الماضي في تورونتو بعدما سقطت من شرفة تقع في الطابق الرابع والعشرين خلال عملية للشرطة في ظروف ما زالت غامضة، وتتزامن مع المظاهرات الحاشدة التي تشهدها جميع أنحاء الولايات المتحدة بعد وفاة فلويد البالغ من العمر 46 عاماً خلال توقيفه من قبل الشرطة.
كما تجمع متظاهرون ألمان أمام السفارة الأميركية في العاصمة برلين احتجاجاً على مقتل فلويد ورفع المحتجون صوراً ولافتات عليها شعارات مثل “حياة السود مهمة” ورددوا عبارات التنديد بعنصرية الشرطة الأميركية.