إيطاليا تعيد فتح حدودها لإنقاذ الموسم السياحي
بعد شهر من بدء اجراءات رفع العزل، أخذت الحياة الطبيعية تعود إلى إيطاليا تدريجياً بعد فتح الحدود أمام السياح الأوروبيين، أمس الأربعاء، في خطوة جديدة نحو إعادة الوضع إلى طبيعته وإطلاق الموسم السياحي مع اقتراب الصيف، فيما استؤنفت الرحلات الدولية إلى البندقية وفلورنسا ونابولي وتتسارع إلى روما وميلانو.
ووصلت حوالى 30 رحلة دولية إلى مطار فيوميتشينو في العاصمة روما، وبدأ مسافرون يخرجون بانتظام من قاعة الوصول، والمشهد نفسه تكرّر في محطات الإقلاع، فيما أعلنت شركة اليطاليا استئناف رحلاتها مع إسبانيا، مع أول رحلة بين روما وبرشلونة.
واستؤنفت حرية التنقل بين مناطق إيطاليا العشرين من الشمال الى الجنوب، في إجراء كان ينتظره الإيطاليون بفارغ الصبر، ولخصته الصحافة تحت عنوان “إيطاليا تتحرر من الإغلاق”. وبحسب وكالة الأنباء الإيطالية “انسا” فإن السماح بالتنقل مجدداً بين المناطق أدى إلى ازدحام على متن العبارات التي تنطلق إلى صقلية أو تغادرها.
وفي محطة ميلانو المركزية، كان المسافرون يهرعون إلى القطارات ويجري أخذ حرارتهم قبل أن يستقلوا القطار، وقالت وزيرة النقل باولا دي ميشيلي، التي جاءت تتفقد الاجراءات الصحية المعتمدة عند مغادرة القطارات السريعة في محطة تيرميني في روما، إن “حركة القطارات عادية”.
وأبدى مسافرون لدى ركوب القطارات في ميلانو عاصمة إقليم لومبارديا بشمال إيطاليا سعادتهم بإمكانية السفر للقاء أقاربهم وأصدقائهم.
ولا تزال منطقة لومبارديا واحدة من أشد مناطق العالم تضرراً بالجائحة، ويشكل عدد الوفيات بها نحو نصف عدد الوفيات في إيطاليا بسبب الفيروس التاجي. وأصبح ارتداء الكمامة إجبارياً، كما أن أفراد الأمن الذين يفحصون درجات الحرارة يذكرون المواطنين بأن الوباء لم يصبح تحت السيطرة بعد.
ومازالت قواعد التباعد الاجتماعي سارية وتعمل المتاجر بشكل منتظم على الحد من دخول الزبائن.
وبدأت إيطاليا التي سجلت أكثر من 33 ألفا و500 وفاة بكوفيد-19 خلال ثلاثة أشهر، العودة الى الحياة الطبيعية واستئناف عجلتها الاقتصادية في مطلع أيار مع رفع الحجر تدريجياً.
وأعادت المتاجر والمقاهي وحتى غالبية الصروح والمواقع السياحية فتح أبوابها: كاتدرائية القديس بطرس والكولوسيوم في روما وبومبيي وبرج بيزا وكاتدرائيتي ميلانو وفلورنسا ومتاحف الفاتيكان. لكن كل هذه المواقع، على غرار البندقية، لا تزال تنتظر الزوار. وباستثناء عدد صغير من الزوار الإيطاليين، فإن هذه الأماكن تبدو بشكل غير معتاد فارغة لا سيما وأنها في الأوقات العادية تكون تعج بالسياح.
وفي روما، استفاد زوجان عقدا قرانهما حديثاً من قلة عدد الزوار للتوجه إلى موقع فونتانا دي تريفي الشهير في وسط العاصمة لالتقاط الصور. وقال الزوج “يجب الاستفادة من هذه اللحظات، في روما إنه أمر نادر”.
وكان الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا حذر الثلاثاء في مناسبة اليوم الوطني من أن الأزمة الصحية “لم تنتنه بعد” في البلاد، مشيداً بـ”وحدة” البلاد في مواجهة “عدو غير منظور”.
وفرضت إيطاليا إغلاقاً اقتصادياً في مطلع آذار، ومنذ ذلك الحين بدأ عدد الحالات يتراجع بانتظام.
وقال خبير الفيروسات الشهير ماسيمو غالي في حديث صحافي: إن الوباء بات تحت السيطرة كما يبدو، “لكن كوفيد-19 يكمن تحت الرماد وحين يجد الظروف المواتية، ينفجر”.
وتواجه البلاد حاليا أسوأ انكماش منذ الحرب العالمية الثانية وهي بحاجة ماسة لعودة السياح حيث أن هذا القطاع يشكل 13 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي. لكن هذا الرهان يتجاوز إلى حد كبير الحدود الإيطالية في حين أن إسبانيا واليونان وفرنسا تعتزم أيضا استئناف القطاع السياحي مع استقطاب الزوار الأجانب.
وقلقاً منها ازاء احتمال تجدد الوباء في لومبارديا، التي كانت بؤرة المرض في أوروبا، أبقت سويسرا والنمسا حدودها مغلقة مع إيطاليا، ما أثار استياء روما.
وسيعقد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لهذه الغاية سلسلة لقاءات في نهاية الأسبوع مع نظرائه الأوروبيين ولا سيما وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في روما، وقال دي مايو: “الهدف هو أن نظهر للجميع أن إيطاليا مستعدة لاستقبال الأجانب بأمان وبأقصى قدر من الشفافية بخصوص الأرقام”، وأضاف: “استقبال السياح يعني تحريك الاقتصاد واعطاء التجار والمقاولين وأصحاب الفنادق فرصة العمل”.
وأفادت صحيفة كورييري ديلا سيرا الاثنين أن 40 فندقا فقط من أصل 1200 فندق في العاصمة أعادت فتح أبوابها.
وفي أحد الفنادق قرب البانثيون في روما، لاحظت عاملة الاستقبال بعض الحركة، “لكن ليس هناك أي حجوزات من الخارج قبل منتصف حزيران”، وقال ميمو بورجيو (62 عاماً) وهو صاحب مقهى قرب الكولوسيوم: “لن نرى السياح الأجانب قبل نهاية آب أو أيلول. إن الصينيين والأميركيين لن يأتوا. الأوروبيون خائفون، فنحن ننتظر إذن السياح الإيطاليين. لكن بدلاً من روما فإنهم سيتوجهون إلى البحر”.