دراساتصحيفة البعث

قرار مجنون لامنطقي …!

ترجمة وإعداد: هناء شروف

 

يتفاعل الرأي العام مع قرار ترامب بقطع العلاقات مع منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة يوماً بعد يوم بشكل كبير، ولاتزال الإدانات العالمية الواسعة توجّه لهذا القرار الذي من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف الجهود الصحية على المستوى العالمي، لأن الولايات المتحدة تعتبر أكبر مصدر للدعم المالي لمنظمة الصحة العالمية، كان القرار قد وصف بالمجنون والمتهور لتزامنه مع تفشي المرض في الولايات المتحدة بشكل كبير، واعتبر بأنه ليس أقل من محاولة لإعادة تركيز الانتباه بعيداً عن كيفية التعامل مع هذه الجائحة التي أودت بحياة آلاف الأمريكيين.

أنشئت منظمة الصحة العالمية في عام 1948، وتعتمد على 7000 موظف في العالم بأسره، وتتوقف عملياتها ومهامها على الاعتمادات الممنوحة لها من قبل الدول الأعضاء، وعلى تبرعات الجهات الخاصة، وتعد الولايات المتحدة الممول الرئيسي للمنظمة مع مساهمة تبلغ 893 مليون دولار خلال الفترة 2018/2019، أو حوالي 15% من ميزانية المنظمة، وتسهم الأموال الأمريكية بشكل رئيسي في تمويل برامج المنظمة في أفريقيا والشرق الأوسط، ويشارك نحو ثلث هذه المساهمات في تمويل عمليات الطوارئ الصحية، فيما يُخصص الجزء المتبقي في المقام الأول لبرامج التصدي لشلل الأطفال، وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية، والوقاية من الأوبئة ومكافحتها.

يقول أحد أطباء الأورام البريطانيين البارزين: “لا يوجد منطق” في قرار الرئيس الأمريكي بقطع الروابط مع منظمة الصحة العالمية، بينما وصفها وزير الصحة الألماني بأنها خطوة “مخيبة للآمال” وسط الوباء العالمي.

لكن ترامب يصر على أن منظمة الصحة العالمية فشلت في الاستجابة بشكل صحيح لأزمة الفيروس التاجي، واتهمها بأنها تخضع “لسيطرة الصين الكاملة”، وبأنها “دمية في يد الصين” التي انطلق منها الوباء في نهاية 2019، وأكد أن واشنطن ستعيد توجيه مساهمتها السنوية، نحو 324 مليون جنيه استرليني في 2019،إلى هيئات دولية أخرى، لذلك علّق الدكتور ستيفين جريفين، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة ليدز، بأن الفصل بين الهيئات الدولية الأخرى ومنظمة الصحة العالمية في هذا الوقت مع انتشار فيروس كورونا في العالم والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تسبب بها، ليس له معنى، وأضاف: “لا يوجد منطق لهذه الخطوة”، إن الأوبئة، بحكم تعريفها، أزمة عالمية، وإن عدم مواجهة كوفيد 19 بجبهة موحدة يبدو عديم الجدوى.

وفي تغريدة له مؤخراً، اعترف وزير الصحة الألماني، ينس سبان، بأن منظمة الصحة العالمية بحاجة إلى الإصلاح، ولكن قرار الانسحاب بالكامل كان “ردة فعل مخيبة للآمال للصحة الدولية، وقد حان الوقت للتضامن والوقوف معاً لإنهاء الوباء بأسرع ما يمكن لإنقاذ الأرواح.”

في واقع الحال، الوقت ليس مناسباً لإضعاف وكالة الصحة الرائدة في العالم التي أظهرت قيادة قوية في جميع أنحاء العالم بخصوص هذا الوباء، وقرار الرئيس الأمريكي “غير قانوني” من ناحيتين: الأولى أن الولايات المتحدة وقعت وصادقت على معاهدة الانضمام لمنظمة الصحة العالمية، والثانية أن الاعتمادات المخصصة لها يصوت عليها الكونغرس الأمريكي، بمعنى آخر، لا يوجد منطق لهذه الخطوة، والمنطق هو أن ترامب لا يهتم بالعالم أو بالوباء، بل يهتم بنفسه وإعادة انتخابه رئيساً، هذا هو منطق ترامب، وهو يعتقد أن إلقاء اللوم على الصين ومنظمة الصحة العالمية للفيروس سيكسبه الانتخابات.