الحلول السياسية السلمية انتهت ..!
ريا خوري
على الرغم من إعلان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ثقته في موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على ضم أجزاء من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار وشمال البحر الميت، صدر عدة مرّات عن شخصيات هامة في الإدارة الأمريكية تصريحات تؤكِّد أنَّ خطوة الضم قد تجهض صفقة القرن الأمريكية. مع العلم أنَّ تسوية القضية الفلسطينية طوال السبعين عاماً الماضية لم تكن مسألة حيوية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، بقدر أهمية ضمان تدفق النفط والغاز وحماية الكيان الصهيوني.
إن قرار الكيان الصهيوني المحسوم والمنتظر بضم أجزاء من الضفة الغربية، وأغوار الأردن وشمال البحر الميت، سيدشن مرحلة جديدة يكتنفها التوتر والغموض، سواء على صعيد القضية الفلسطينية، أو على صعيد الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل. والآن لم يعد بوسع الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يهمها هذا كثيراً، أن تقدم نفسها كوسيط نزيه وفاعل بين الطرفين “الإسرائيلي” والفلسطيني، بعد أن كان لها دور في اللجنة الرباعية الدولية.
وبعد أن تبنَّت الولايات المتحدة الأمريكية منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب كل المواقف الصهيونية، بما في ذلك إعطاء الضوء الأخضر لضم أراضي الضفة الغربية وأغوار الأردن وشمال البحر الميت، لم يعد لأمريكا من الناحية المنطقية والواقعية والأخلاقية الادعاء بالسعي لإيجاد تسوية (عادلة) بعد أن جعلتها مستحيلة عملياً، لأن ضم أجزاء من الضفة الغربية هو استمرار لسلسلة من الإجراءات العدوانية التي باركتها الولايات المتحدة الأمريكية، وفي مقدمتها الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها. تلا ذلك التراجع عن الموقف الذي التزمت به كل الإدارات الأمريكية السابقة التي اعتبرت المستوطنات غير شرعية، وهو ما يعني تلقائياً حق الكيان الصهيوني ليس فقط في إقامتها، ولكن أيضاً في ضم الأراضي المقامة عليها وفي محيطها.
الخلاف الآن يدور حول توقيت إعلان قرار قيادة الكيان الصهيوني بعملية الضم، ومساحة الأراضي التي سيشملها الضم في المرحلة الأولى. وكان هذا أحد الأسباب الأساسية لزيارة مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني الشهر الماضي.
وحتى الآن لا يوجد لدى الولايات المتحدة الأمريكية تصور لطبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه في مرحلة ما بعد الضم على مستوى علاقتها بالكيان الصهيوني وموقفها من القضية الفلسطينية. وبهذا الخصوص كتب الصحفي الأمريكي الشهير ستيفن كوك سيناريو هاماً يتصدى من خلاله إلى قضية هي غاية في الحساسية تخص العلاقات الأمريكية مع الكيان الصهيوني وتضع تصوراً أقرب إلى فكر المقاومة. لقد وضع ستيفن كوك رؤيته في مجلة (فورين بوليسي) بعنوان صريح وواضح: “كيف ننهي العلاقات الخاصة مع الكيان الصهيوني” ومحورها يؤكد أنه لم يعد هناك ما بات يُعرَف بحل الدولتين، بمعنى آخر يريد أن يخبر العالم بأن مرحلة المضي قدماً في البحث عن حلول سياسية سلمية قد انتهت. ويشرح كوك، ما يجب أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية حالياً هو إعادة النظر في مساعدتها للكيان الصهيوني بعد أن تجاوزت المساعدات 142 مليار دولار، ولكن ماذا عن الشعب العربي الفلسطيني وقضيته المركزية؟ يجيب ستيفن كوك إنهم غاضبون، وهذا أمر متوقع، لأن الولايات المتحدة الأمريكية غسلت يديها من قضيتهم -حسب تعبيره – لكنهم كما يقول: “هم من وثقوا بالولايات المتحدة على الرغم من توفر المؤشرات التي كانت تدعوهم لتجنب ذلك”.