الجيش اللبناني: لا تهاون مع العابثين بالاستقرار
دقت أحداث الشغب، التي اجتاحت شوارع العاصمة بيروت، ناقوس الخطر، ودعت السياسيين على اختلاف مستوياتهم إلى إصدار البيانات المنددة بما جرى، داعية إلى الوحدة الوطنية ونبذ العنف والحفاظ على العيش المشترك، في حين طالب نواب وشخصيات وطنية باتخاذ إجراءات عميقة وجوهرية لمنع الانجرار وراء الفتنة المقيتة، فيما كانت قيادة الجيش اللبناني أكثر حزماً في بيانها، مؤكدة أنها لن تتهاون في الرد على مثيري الشغب ومحرضي الفتنة.
وجاء في بيان صدر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش: إنه وأثناء تنفيذ وحدات الجيش اللبناني المنتشرة مهامها في حفظ الأمن وفتح الطرق التي قطعها محتجون ومنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة تعرّضت عناصر من الجيش إلى عمليات رشق بالحجارة والمفرقعات الكبيرة ما أدى إلى إصابة 25 عنصراً بجروح، إصابة أحدهم بليغة، كما أوقفت وحدات الجيش 4 أشخاص لقيامهم بأعمال شغب وتكسير خلال الأحداث.
وحذّرت القيادة في بيانها من مغبة الانجرار وراء الفتنة، مؤكدة وجوب التعامل بمسؤولية ووعي وحكمة للحفاظ على السلم الأهلي وصوناً للوحدة الوطنية، كما دعت المواطنين إلى ضرورة الوعي لدقة المرحلة وخطورتها والالتزام بالإجراءات الأمنية، منبهة إلى أنها لن تتهاون مع أي مخل بالأمن أو عابث بالاستقرار لأن أمن الناس والوطن فوق أي اعتبار.
في الأثناء عاد الهدوء إلى مدينة بيروت وضواحيها ومدينة صيدا، فيما سير الجيش اللبناني دوريات في مختلف المناطق، وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن الجيش أعاد فتح طريق الأولي التي قطعها محتجون، مساء السبت، وطرق مدينة صيدا، فيما أصدرت الفعاليات في المدينة بيانات أكدت فيها أن الأعمال الاحتجاجية ولدت من رحم مطالب معيشية واقتصادية محقة، وحرفها عن مسارها المطلبي لا يصب في صالح أحد.
إلى ذلك أعلنت السلطات إلغاء تظاهرة المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية، التي كانت مقررة أمام السفارة الأميركية في عوكر تضامناً مع الشعب الأميركي، واستنكاراً للتدخلات الأميركية في شؤون لبنان الداخلية، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة.
وفي ردود الأفعال، اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن قوتنا ستظل في وحدتنا الوطنية، مناشداً الحكماء، الذين عايشوا أحداث 1975-1976، وأد الفتنة، وأضاف: “ما جرى جرس إنذار، وليس بالشتائم والاعتداءات نحقق عيشاً كريماً، إذ لا نصرة لأحد على الآخر بالقوة أو العنف معاً”، وتابع: علينا أن نضع خلافاتنا السياسية جانباً، ونسارع إلى العمل معاً، من أجل استنهاض وطننا من عمق الأزمات المتتالية عليه”، كما أشار إلى أنه من حق شبابنا علينا أن نمنحهم حياة كريمة، لا أن ندفعهم إلى التقاتل وسفك الدماء.
بدوره قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: الفتنة مجدداً تطل برأسها لاغتيال الوطن ووحدته الوطنية واستهداف سلمه الأهلي، فحذار الوقوع في أتونها، فهي لن تبقي ولن تذر، ولن ينجو منها حتى مدبريها ومموليها، مضيفاً: كل فعل من أي جهة أتى يستهدف وحدة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وعيشهم الواحد هو فعل إسرائيلي، وأن أي صوت يروج للفتنة بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد هو صوت صهيوني ولو نطق بلغة الضاد، فيما شدّد رئيس الحكومة حسان دياب، في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّ رئاسة الحكومة تدين وتستنكر بأشدّ العبارات كلّ هتاف أو شعار طائفي مذهبي، وتهيب بجميع اللبنانيين وقياداتهم السياسيّة والروحيّة التحلّي بالوعي والحكمة، والتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية المكلّفة حماية الاستقرار والسلم الأهلي”.
واعتبر حزب الله في بيان له أن ما صدر من إساءات وهتافات من قبل بعض الأشخاص مرفوض ومستنكر، ولا يعبر إطلاقاً عن القيم الأخلاقية والدينية لعامة المؤمنين والمسلمين، وحذر بشدة من مسببي الفتن والمستفيدين منها وكل أولئك الذين يروجون للفتنة ويدعون لها، رافضا بشكل تام كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتوتر المذهبي والطائفي والديني.
كما استنكر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في بيان المحاولات المشبوهة لإثارة الفتن بين اللبنانيين وضرب وحدتهم الوطنية والإسلامية خدمة لأعدائهم وتحقيقاً لأهداف سياسية تخدم العدو الصهيوني الذي يتربص بأمننا واستقرارنا ووحدتنا.
وكان 26 شخصا أصيبوا السبت خلال أعمال الشغب من قبل بعض المتظاهرين وسط العاصمة بيروت، حيث أقدم عدد من مثيري الشغب على رشق عناصر الجيش اللبناني بالحجارة وعبوات المياه والمفرقعات النارية، كما حطموا الواجهات الزجاجية لعدد من المحال التجارية في وسط بيروت.
يشار إلى أن مجموعات تستغل المطالب الشعبية بشأن ضرورة تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية في لبنان تقوم بأعمال شغب خلال المظاهرات في عدد من المناطق اللبنانية.