“أبطال الحامية” يوثق فكّ الحصار عن مطار دير الزور وتحرير المدينة
يحمل العرض التجريبي لفيلم “أبطال الحامية” (سيناريو وإخراج غسان شميط، إنتاج المؤسسة العامة للسينما) الذي عُرض في غرفة المونتاج في بناء الفنانين بحضور المخرج الكثير من المشاعر المختلطة التي تمزج الحزن والفرح، لتتوج بالعزة والافتخار لما قدمه أبطالنا بمشاهد مذهلة من المعارك الحقيقية الشمولية لبطولات المشاة والرماة والطيارين وجميع الجنود، لتتكامل مع بطل دير الزور الشهيد عصام زهر الدين الذي كان يخطط للمعارك ويقودها.
وعبْر الفلاش باك من مشهد المقدمة عن الشهداء ينطلق شميط إلى البداية المذهلة لحركة الكاميرا المتسلسلة للأحداث المكثفة التي وثّقت مراحل تحرير دير الزور، لتتوقف عند الحدث الأهم الذي شكّل الذروة بفكّ الحصار عن المطار، معتمداً على اللقطات القريبة في الأنفاق التي حفرها جنود الجيش العربي السوري لتتبع حركة داعش وحماية المطار، واللقطات المرتفعة بفنية واقعية تواكب حركة الطائرات المروحية التي بدت بدقة متناهية في المشاهد الأخيرة أثناء الحصار الخانق ونفاد الذخيرة والطعام والأدوية.
الأمر اللافت في الفيلم ابتعاده عن النمطية والتقليدية بالتعليق الصوتي، إذ عمل على التوازي بمسار السردية التوثيقية بين خطين، الأول سير المعارك على أرض الواقع ومواجهة كتائب داعش في محيط المطار ومناطق عدة، والثاني بتتابع فصول الرواية بالحديث السردي المباشر للضباط المقاتلين بأعلى الرتب العسكرية والتوقف عند هجوم الجيش العربي السوري على المشفى وإطباق السيطرة على الطابق الأول واشتداد المعارك للسيطرة على الطابق الثاني، لتتوقفت الكاميرا مع البطولات الفردية للنسور الذين نفذوا العمليات وتابعوا تنفيذ المهمة رغم إصابة طائراتهم واحتراق أجزاء منها، إضافة إلى الكثير من المشاهد المؤثرة.
كما تضمن الفيلم الكثير من المشاهد الموجعة للأوضاع الصعبة التي عاشها جيشنا وصمد، منها مداخلة أحد الجنود داخل زاوية في مركز القيادة يتدثر بغطاء صوفي وتنهمر عليه الأمطار من تشققات الجدران، وهو يشكر الله على نعمه ويتفاءل بالنصر القريب، وأظهر شميط أيضاً دور متطوعي الهلال الأحمر.
الفرات شاهداً
وبفنية رائعة ينهي شميط “أبطال الحامية” الذي بدأه بتكريم الشهداء وتصوير أضرحتهم وحديث عائلاتهم عنهم وعن آخر لقاء معهم بلقطة رائعة من الأعلى تصور دير الزور والدمار شبه الكامل، تتخلله الأشجار الخضراء برمزية إلى الأمل المتجدد الممتد إلى مياه نهر الفرات وضفافه الخضراء.
ووظفت الموسيقا التصويرية التي ألّفها الموسيقي خالد رزق بفنية مباشرة بالتركيز عليها في بداية الفيلم وفي مشهد الانتصار كي لا تؤثر على وقع المعارك ومداخلات أبطال الفيلم.
المشهدية والسردية
الفيلم الذي أهداه المخرج إلى “كل الذين قضوا دفاعاً عن الوطن وما بدلوا تبديلاً”، كان مدار حديث خاص معه حول مجريات الفيلم والمادة الفيلمية، إذ أوضح شميط الذي قدم مجموعة أعمال وثائقية عن الحرب الإرهابية بأن أكثر من نصف المعارك كانت مشاهد حقيقية من خلال كاميرا الموثق الحربي، ومن التصوير المباشر الذي رافق معارك البطل عصام زهر الدين، إضافة إلى المعارك الحقيقية التمثيلية وتقنيات الغرافيك. وتابع شميط بأن إعداد الفيلم تطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، وكانت الصعوبة بمنتجة المعارك وتسلسل الأحداث من بداية حصار دير الزور حتى تحريرها، وربط الخطوط السردية والمعارك. ورأى شميط بأن مشهدية المعارك الحقيقية أقدر على وصف الحدث من التعليق، وأن مهمة مخرج الفيلم الوثائقي تدعيم الأفكار بالتوثيق والمصداقية والاعتماد على التكثيف، ليصل إلى أن أبطال جيشنا وكل الجنود والقوات الرديفة والمدنيين المحاصرين اشتركوا بتحرير دير الزور، وبأن كل منطقة في دير الزور تشهد حكايات وأحداثاً من الضروري أن تكون مادة لفيلم وثائقي، ولاسيما جبال الثردة التي قصفتها أمريكا وعملت داعش على السيطرة عليها للتمكن من دير الزور، إلا أن جميع محاولاتهم فشلت. وخلص إلى أن السينما الوثائقية رديفة الأدب بتوثيق الحرب الإرهابية على سورية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.
وذكر شميط أنه من المتوقع أن يلحق أبطال الحامية بجزء ثان يوثق دور المدنيين بتحرير دير الزور، ويتضمن رواية شمولية لمعاناة دير الزور بالحرب والحصار، إضافة إلى مشروعات أخرى، منها مرور الغربان وياسمين شوكي.
ملده شويكاني