ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية ينعكس على أسعار الحليب ومشتقاته
تشهد أسعار الحليب ومشتقاته ارتفاعاً متزايداً تجاوز ضعف سعره مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما جعل هذه المادة الغذائية الغنية بالكالسيوم تغيب عن الكثير من موائد السوريين، وخاصة ذوي الدخل المحدود، نتيجة هذا الارتفاع الذي شكّل عبئاً على المواطن المضطر لشراء هذه المنتجات بأسعارها المتقلبة رغم ثبات وتدني دخله، مقابل تأمينها هامشاً ربحياً كبيراً لمربّي الأبقار الذين باتوا يسعّرون منتجهم كيفما يحلو لهم .
وفي جولة على الأسواق المحلية، تم لحظ وتسجيل مشاهدات عديدة في محال بيع الألبان والأجبان التي خلت من تحديد لسعر الحليب البقري يتناسب مع التكلفة الحقيقية له، ناهيك عن عدم التنظيم في عملية البيع. وما يزيد الطين بلة ليس ارتفاع الأسعار فحسب، بل عمليات الغش من خلال إضافة المياه أو وجود كميات كبيرة من حليب البودرة التي تباع على أنها حليب طبيعي دون رقيب أو حسيب، إضافة إلى تذبذب أسعار البيع يومياً بين محل وآخر بما يتراوح بين 450 – 500 ليرة للكغ الواحد من الصنف نفسه، كما أن الملاحظ أيضاً في الأسواق عدم وجود تصنيف حقيقي للحليب ومشتقاته تميّز الألبان والأجبان الطبيعية من غير الطبيعية، أي لا توجد بطاقة مواصفات للمادة يكتب فيها تاريخ التصنيع والمادة المصنّعة منها “حليب طبيعي أو بودرة”، وإنما يكتفي أصحاب المنشآت ومن خلفهم أصحاب المحال بوضع الأسعار دون بطاقة المواصفات.
ويعزو مختصون سبب الارتفاعات الأخيرة لمادة الحليب إلى ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية، ويؤكدون أن تحليق أسعار مادة الحليب مردّه أولاً ارتفاع أسعار المادة العلفية لدى القطاع الخاص، وخاصة بعد أن وصل سعر طن الشعير إلى ٢٠٠ ألف ليرة، وسعر طن مادة العلف الجاهز للأغنام والأبقار إلى نحو ٤٠٠ ألف ليرة، مع الإشارة هنا إلى أن المقنن العلفي الموزع من مؤسسة الأعلاف غير كافٍ، وخاصة أن الرأس الواحد من الأبقار بحاجة يومياً إلى ١٢ كيلوغراماً، يضاف إلى ما سبق من ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية إذ وصل سعر علبة الدواء البيطري الخاص بأمراض كبد الأبقار والأغنام والكلى – على سبيل المثال لا الحصر – إلى نحو ٣٠ ألف ليرة وسعر الحجر الكلسي إلى نحو ٣٠٠٠ ليرة، ويشار أيضاً في هذا السياق إلى أن سعر الرأس الواحد من الأبقار وصل إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون ليرة، وسعر الرأس الواحد من الأغنام إلى نحو ٣٥٠ ألف ليرة.!..
يرجع أحد المربّين ارتفاع سعر الحليب البقري إلى فقدان حليب الأغنام من السوق لأن الأخيرة في فترة ولادات، الأمر الذي زاد من الطلب على حليب البقر واستخدامه في صناعة الجبن واللبن المصفى والسمن، مبيّناً أن ارتفاع أسعار الأدوية وتكاليف العلاج للأبقار يؤثر أيضاً في تكاليف العملية الإنتاجية التي سجلت أيضاً ارتفاعاً بأسعار الأطباء البيطريين إلى الضعف، وتحلق أسعار بعض مستلزمات عملية الإنتاج وخاصة الأعلاف كالذرة الصفراء وكسبة فول الصويا والمتممات العلفية بنسبة 30-60%، موضحاً أن المؤسسة العامة للأعلاف توزع المقنن العلفي على المربين لحاجة قطعانهم بالسعر المدعوم على الفلاحين ولكن بكميات محددة، الأمر الذي جعل بعض التجار يسيطرون على تجارة الأعلاف التي ارتفع سعرها مع ارتفاع سعر الصرف.
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، علي الخطيب، بيّن أن سبب ارتفاع أسعار الحليب يعود إلى غلاء المادة العلفية المستوردة، والارتفاع الذي تم تسجيله مؤخراً على مؤشر سعر الصرف والعقوبات الأحادية الجانب المفروضة على سورية التي تستهدف المواطن السوري ولقمة عيشه بشكل مباشر، وعدم نضوج المراعي حالياً.
وعن الأسعار الصادرة من الوزارة والعمولة المحددة التي يجب أن يتقاضاها كل من بائع الجملة والمفرق والتي من الملاحظ عدم التقيّد بها عند الأغلبية من بائعي المادة، قال الخطيب: إن تسعيرة الكغ الواحد من الحليب البقري هي 350 ليرة حسب نشرة أسعار تموين دمشق، وكيلوغرام اللبن المصفى بـ 1200 ليرة، مشيراً إلى أن الحليب يصنّف “كامل الدسم وخالي الدسم”. وأما بالنسبة للعمولة المحددة لبائع الجملة فهي 7% ولبائع المفرق 5% وذلك للحليب كامل الدسم، أما الحليب الخالي الدسم فقد حدّدت النسبة بـ10% لبائع الجملة و5% لبائع المفرق للحليب كامل الدسم.
وقال مدير حماية المستهلك إن الألبان والأجبان تعامل في الأسواق كبقية المواد المطروحة فيه، حيث تتم الرقابة المباشرة عليها من دوريات حماية المستهلك ويتم سحب العينات من المواد المشتبه بمخالفتها ومطابقتها للمواصفات أو من خلال المشاهدة للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية السورية لإيصالها إلى المواطنين بالجودة والمواصفة الجيدة والسعر المحدد أصولاً، حيث يتم تنظيم الضبوط اللازمة أصولاً بحق المخالفين وفق أحكام القانون رقم 14 لعام 2015 وحسب نوع المخالفة (الغش في المادة – تقاضي أسعار زائدة – عدم الإعلان عن الأسعار – مخالفة المواصفات)، كما يتم تلقي شكاوى المواطنين عبر هواتف الشكاوى الخاصة بالوزارة ومديرياتها وعبر تطبيق عين المواطن، حيث تتم معالجتها بشكل فوري من جهاز حماية المستهلك أصولاً وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين في حال ثبوت صحة الشكاوى، منوهاً إلى أنه عندما يتم تسعير هذه المواد من اللجان المختصة في المكاتب التنفيذية يتم الأخذ بعين الاعتبار هامش الربح المحدّد والتكاليف الحقيقية سواء لبائعي الجملة أم المفرق ويصدر سعرها النهائي للمستهلك، وبالتالي يتوجب على جميع الفعاليات التجارية المتعاملة بهذه المواد التقيد بالأسعار المحددة أصولاً لعدم تعرضها للعقوبات، مبيّناًً أنه خلال هذا العام تم تنظيم عدد كبير من الضبوط واتخاذ الإجراءات القانونية والعقوبات الرادعة بحق المخالفين، ومنها الغرامة المالية والإحالة موجوداً إلى القضاء في حال كانت المخالفة تستوجب ذلك وإغلاق المحل أو الفعالية التجارية، وذلك وفق نوع ودرجة جسامة المخالفة ولاسيما المتعلقة منها بالغش والبيع بسعر زائد وعدم الإعلان عن الأسعار.
عبد الرحمن جاويش