“الموجة وطائر النورس”.. لليافعين وليس للأطفال!
بعد تجربتها الأولى في مجال الإخراج المسرحي تستعد الفنانة هدى الخطيب لتقديم العرض المسرحي “الموجة وطائر النورس” اليوم على مسرح القباني، مدة أسبوعين، وتشير في حوار مع “البعث” إلى أن عملها المسرحي الأول في مجال الإخراج سبق وأن قدمته منذ خمس سنوات تحت عنوان “قارع الطبل” عن قصة للأخوين غرين، وهي اليوم تستعد لتقديم “الموجة وطائر النورس” عن قصة من الأدب العالمي ترجمها الراحل سعد صائب المعروف بأياديه البيضاء على الترجمة لأدب الأطفال على صعيد الوطن العربي.
قصة حب لليافعين
لم تكتفِ الخطيب كمعدّة بتحويل القصة إلى نص مسرحي، ولإغنائها ضمَّنتها سونيتات لشكسبير هي عبارة عن حواريات حب بين روميو وجولييت، ليتناول العرض قصة حب أرادت لها أن تكون لليافعين، وهي الفئة التي نادراً ما يتم التوجه إليها، مع حرصها على أن تذكر للجمهور بأن هذه المسرحية لليافعين وليست للأطفال، مع أنها وبسبب الظرف العام لا تستبعد أن تحضرها العائلة بغضّ النظر عن الشريحة المستهدفة لها، مؤكدة أن موضوعة الحب من الموضوعات التي تحرص دائماً على تناولها في أعمالها ولها تجارب سابقة في هذا المجال، حيث تتناول قصة حب بين موجة بحر وطائر النورس، لتنتهي القصة نهاية غير متوقعة، مبيّنة أنها كمخرجة حرصت على الاهتمام بالحوار بالدرجة الأولى إلى جانب توفير بيئة فنية مغرية على صعيد الديكور والموسيقا والإضاءة رغبة منها في أن تترسخ الكلمة الجميلة في ذهن الجمهور بعد أن انحدر مستوى الكلام عند هذه الفئة نتيجة متابعة التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي ليكون العرض دعوة للعودة للكتاب واللغة الراقية وللشعر من خلال أداء جميل لمجموعة من الفنانين الذين بذلوا جهوداً كبيرة لإيصال رسالة العرض في ظرف كان من الضروري التوجه إلى جمهور المسرح بعد فترة حظر عانى منها الجميع، ولاسيما أطفالنا.
اشتغلت الخطيب بمسرح الطفل بعد تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخصصت في جامعة باريس الثامنة بمسرح الدمى والمسرح المدرسي، مبيّنة أنها ومنذ البداية كان لديها رغبة في مخاطبة اليافعين مع إدراكها بأن مسرح اليافعين ليس بالأمر السهل، خاصة أن “الموجة وطائر النورس” يتضمن أشعاراً قد تكون صعبة وأن تقبلها من قِبَل الجمهور لن يكون بالأمر اليسير لكنها وبعد تجربة طويلة في مجال المسرح تعوّل كثيراً على ذكاء الطفل واليافع للتفاعل مع هذا العرض بالشكل الذي ستقدمه فيه، مشيرة إلى الصعوبة التي واجهتها في عملية إعداد النص وتضمينه أشعاراً لشكسبير، مفسرة الخطيب قلة الأعمال المسرحية الموجهة لليافعين لعدم وجود هذا الاختصاص في المسرح.
غياب الفكرة والموضوع
تختبر هدى الخطيب مدى نجاح العمل من خلال رد فعل الجمهور المعنيّ وليس من خلال آراء بعض الزملاء من الممثلين والمخرجين والنقاد الذين غالباً ما ينتقدون العرض من خلال وجهة نظرهم ككبار، في حين أن الأصح هو الوقوف على رأي اليافع ومدى تفاعله مع هذا العرض الذي مدته لا تتجاوز الثلاثين دقيقة لقناعتها أن ما تريد قوله لا يستهلك وقتاً أطول من ذلك، منوّهة بابتعادها عن مسرح الدمى بسبب غياب الفكرة والموضوع المناسب، وما إن يتوفر لديها ذلك حتى تعود إليه.
تجربة لا بد منها
ويبيّن الفنان تاج الدين ضيف الله الذي يقوم بدور البطريق ويمثل الجانب الشرير في القصة أن العرض مختلف بطرحه لخصوصية جمهوره، مع إشارته إلى أنه عرض يمكن أن يحضره الكبار ولكنه لا يناسب الصغار، مشيراً إلى أهمية وجود مثل هذه العروض التي تخاطب فئة مهملة مسرحياً وتلفزيونياً وسينمائياً، مع تأكيده على أن هذا العرض وإن خُصِّص لليافعين إلا أن العائلة عندنا اعتادت على حضور العروض المسرحية بعيداً عن هكذا تصنيف، لذلك سيأتي الجميع برأيه لحضوره، مشيراً إلى أنه يجسد شخصية البطريق الذي يستأذنه طائر النورس للزواج من الموجة إلا أنه يرفض ويحاول منع هذا الزواج لتكون النهاية مفاجئة للجميع، منوهاً ضيف الله بأن أهم ما يميز الخطيب برأيه اشتغالها على التفاصيل وسعيها دائماً لتقديم أعمال جدية تحتاج لعقليات مختلفة، وهي تقدم تجربة لا بد منها سعياً لتقديم ما هو جديد.
مغامرة
يطل الممثل الشاب نجيب السيد يوسف من خلال هذا العرض لأول مرة أمام جمهور دمشق وهو القادم من مدينة حلب والمقيم في دمشق منذ سنة تقريباً، وسبق لليوسف أن قدم في حلب عدة أعمال مسرحية مثل “جزيرة التنابل” وكان أول عمل له في المسرح إخراج سندس ماوردي لفرقة المسرح القومي في حلب، ثم تتالت أعماله مع المخرج حكمت نادر عقاد وغيره، وهو يفتخر بتجربته مع المخرج إيليا قجميني في مسرحية “لوقيانوس” وهو عمل تطلَّب منه جهداً كبيراً، مؤكداً السيد يوسف أن العمل مع المخرجة هدى الخطيب مغامرة فيها روح التحدي والاكتشاف في كل مرة، مؤكداً أنه استفاد من كل الملاحظات التي قدمتها له وهو سعيد بوجوده ضمن فريق يضم أسماء مهمة في عالم المسرح، مشيراً إلى أنه يجسد في العمل شخصية طائر النورس الذي يعشق إحدى الموجات على شاطئ البحر لتكون نهاية هذا الحب نهاية غير تقليدية، منوهاً بأن أكثر ما أعجبه في هذا العمل هو سونيتات شكسبير وتقديمه للدور باللغة العربية الفصحى، ولا يخفي أن مشاعر كثيرة ستنتابه في أول لقاء له مع جمهور دمشق (خوف، سعادة، مسؤولية) لأن الذائقة الفنية للجمهور الدمشقي برأيه مختلفة ومتمرسة ومدركة لخصوصية العرض المسرحي، مؤكداً أن هذا العمل سيكون عملاً مفصلياً في مسرح اليافعين وسيؤسس لهذا النوع من المسرح فيما بعد، معترفاً أن التوجه لليافع الذي يمتلك إحساساً مختلفاً ومشاعر متعددة ومفردات خاصة أمر ليس بالسهل ويتطلب من الممثل جهداً إضافياً وشعوراً كبيراً بالمسؤولية وأداء جيداً وتلويناً هائلاً في الأحاسيس قبل الصوت، حيث يجب أن يدخل الممثل عقل المتلقي قبل قلبه، مع إشارته إلى أن ردود الفعل لن تكون واحدة، وهذا أمر طبيعي، لكنه متيقن أن الجمهور سيشاهد عرضاً مختلفاً وجديداً.
العمل من إعداد وإخراج: هدى الخطيب، تصميم الإضاءة: نصر سفر، سينوغرافيا: كنان جود، تأليف الموسيقا: زيد أحمد، تصميم الرقص: جمال تركماني، تصميم المكياج: سهى العلي، تصميم الأزياء: ريم الماغوط، مساعد مخرج: رامي السمان، إنتاج مديرية المسارح والموسيقا-مسرح الطفل والعرائس.
الممثلون: رنا جمول – تاج الدين ضيف الله – روجينا رحمون – نجيب السيد يوسف.
أمينة عباس