محليات

أين هي؟!

يضع مسلسل الحرائق المتكرر في كل عام الدعوات التي تطلقها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ووزارة الإدارة المحلية “البيئة” بين الفينة والأخرى لتوعية الناس، والتنبيه للأخطار البيئية الناجمة عن التعديات التي تتعرّض لها الشجرة والثروة الحراجية من حرائق وقطع وتحطيب وتفحيم في مواجهة مع حقيقة الدور المطلوب منها، والمسؤولية الملقاة على عاتقها في حماية الأراضي الزراعية، والمحميات، والغطاء الأخضر بشكل عام،  وطبعاً نحن هنا لا نبرىء الأيدي المشبوهة في الداخل والخارج التي تعبث وتخرّب، ولكن نريد التأكيد على مطلب مهم جداً يتعلق بالطرق الزراعية التي يمكن أن تساهم في التخفيف من الأضرار نظراً لدورها في تسهيل عمليات إخماد الحرائق، وتأمين وصول الآليات والمعدات بأسرع وقت ممكن.

وبالعودة إلى الواقع ولهيب النيران الذي يلتهم تعب الفلاح ويبدد ثروات بيادره، ويلحق الكثير من الأضرار بالثروة الشجرية، نجد أن القراءة المتأنية لمسلسل التعديات والحرائق تكشف وجود حلقة مفقودة في العلاقة ما بين عمل الجهات المعنية التي تصرح بإنجازاتها على صعيد الحماية والرعاية،  وواقع الحال الذي ينبئ بالمزيد من الخسائر على كافة الصعد، وانطلاقاً من ذلك عندما نقول إن دعوات وتصريحات الجهات المختلفة، سواء كانت وزارة الزراعة أو الإدارة المحلية ” البيئة” في مجال حماية الغطاء الأخضر والبيئة، هي مجرد محاولات لرفع المسؤولية عنها وتبرير تقصيرها بطريقة مغايرة للحقيقة الموجودة على الأرض، وخاصة من ناحية التخفيف من حجم الأضرار التي نراها الآن في كل مكان بعد أن استبيحت قدسية الشجرة وحصانتها، حيث تظهر المقارنة بين المشاهد المأساوية للمجازر المرتكبة بحق المناطق المشجرة، والأرقام التي ترصدها الجهات المعنية في تصريحاتها، والإجراءات التي تقوم بها في مجال الحماية والمحافظة على البيئة الشجرية بكائناتها المختلفة، مدى الإمعان في الإهمال والتوغل في زواريب الإخفاق .

لقد قلنا وحذرنا عبر الكثير من المقالات والزوايا التي دققنا من خلالها ناقوس الخطر حول مصير الغطاء الأخضر والثروة الحراجية، وانتقدنا أداء الجهات المعنية في مجال تأمين الحماية للثروة الحراجية، وللأشجار التي  بقيت  حبيسة  الممارسات الورقية الخلبية  والدعوات الإعلامية، فهل ستشهد الفترة القادمة إجراءات تنفيذية على صعيد شق الطرق الزراعية، إلى جانب ولادة تشريعات صارمة تحمي المناطق المشجرة أياً يكن موقعها (داخل أو خارج المخططات التنظيمية)، أم سيترك هذا الكائن الشجري خارج دائرة الحماية ليتلاشى وجوده من بيئتنا مع استنزافه المستمر في القادم من الأيام؟

بشير فرزان