الجعفري: يجب رفع العقوبات الاقتصادية الغربية فوراً
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن سياسات الحصار وفرض الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب كانت ولا تزال جزءاً من السياسات الغربية التقليدية العمياء والوجه الآخر للإرهاب الذي سفك دماء السوريين ودمر منجزاتهم، مشدداً على وجوب رفعها فوراً.
وأوضح الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن أمس الثلاثاء عبر الفيديو حول الوضع في سورية، أن استهداف الشعب السوري في عملته الوطنية ولقمته ودوائه ومعيشته، ووضع العراقيل أمام قدرة مؤسسات الدولة على تلبية احتياجاته الأساسية، ومواصلة توفير الخدمات العامة ينفي أي مزاعم غربية بالحرص الإنساني، مشيراً إلى أن آخر مثال على محاولات الإضرار بالشعب السوري تجلى بقيام أطراف لبنانية بحرق شحنات مساعدات إنسانية غذائية دأب برنامج الغذاء العالمي على إدخالها على مدى سنوات إلى محتاجيها من السوريين عبر الأراضي اللبنانية.
محاولة لفرض القانون الأمريكي
ولفت الجعفري إلى أن عدم تجاوب الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي مع المطالبات الأممية والدولية الداعية لوضع حد للإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة على الشعب السوري، بما فيها دعوات الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى سورية غير بيدرسون، وإقدامهما على تجديد وتشديد مفاعيل هذه الإجراءات، بالتوازي مع دخول ما يسمى “قانون قيصر” الأمريكي حيز التنفيذ يمثّل استهتاراً من الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بكل إنجازات البشرية المتراكمة من القانون الدولي ومحاولة لفرض القانون الأمريكي على العالم، وأشار إلى أن التصريحات الصادرة عن جيمس جيفري مؤخراً تمثل اعترافاً صريحاً من الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين، وتؤكد مجدداً أن الإدارة الأمريكية تنظر إلى المنطقة بعيون إسرائيلية، لأن المطالب التي يتحدث عنها جيفري هي مطالب إسرائيلية قديمة متجددة تهدف لإعادة تشكيل المنطقة على نحو يحقق أجندة الهيمنة عليها.
الاحتلالان التركي والإسرائيلي يتطابقان
وشدد الجعفري على أن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين الذي يفترض أن الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن مؤتمنة عليه لا ينسجم مع غض هذه الدول وحلفائها وأدواتها نظرها عن ممارسات حليفها التركي في حلف الناتو وتبني جرائمه في سورية وليبيا ودول أخرى والدفاع عنها، كما أنه لا ينسجم مع غض النظر عن الاحتلال الأمريكي-التركي لأجزاء من سورية ورعاية الإرهاب فيها، وعقد لقاءات بين ممثلي حكومتي هاتين الدولتين والتنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية، وبين أن ذلك تجلى مؤخراً في تسلل وزيري دفاع وداخلية النظام التركي إلى محافظة إدلب السورية لاستغلال الهدوء الذي ساد بعد اتفاق موسكو، والقيام بتعزيز وجود قوات الاحتلال التركي والتنظيمات الإرهابية العميلة لها، علاوة على سعي النظام التركي لإحلال التعامل بعملته مكان العملة الوطنية السورية في المناطق التي يحتلها ومحاولة تتريكها لتتماثل قوات أردوغان مع الكيان الإسرائيلي في احتلالهما أراضي سورية ويتكامل الاحتلالان ويتناغمان خدمة لمشغلهما الأمريكي.
ولفت الجعفري إلى أن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين لا ينسجم وإصرار الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن على عدم القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، وقيامها بتحريك بقاياه بين العراق وسورية كلما اقتضت مصلحة تلك الدول ذلك، مشيرا إلى اعترافات إرهابيي “داعش” الذين ألقى الجيش العربي السوري القبض عليهم وأكدوا فيها تلقيهم تدريبات على أيدي قوات الاحتلال الأمريكية في منطقة التنف المحتلة، وقبل أيام اعتراف الإرهابي الداعشي “محمد حسين سعود” بأنه يعمل لحساب الاستخبارات البريطانية التي طلبت منه وعدد من الإرهابيين جمع معلومات حول منشآت ومواقع عسكرية سورية وروسية في سورية.
وأوضح الجعفري أن سورية وجهت قبل أسبوعين شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بحق حكومات بعض الدول الأعضاء وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا، التي لم تكتف على مدى السنوات التسع الماضية بدعم وتمويل وتسليح التنظيمات والمجموعات الإرهابية متعددة الجنسيات والولاءات والتسميات والميليشيات الانفصالية العميلة، بل عمدت إلى التدخل العسكري المباشر في سورية من خلال شن أعمال العدوان الأحادي تارة والثلاثي تارة أخرى، واحتلال أجزاء من الأراضي السورية وارتكاب جرائم القتل والتدمير والتهجير والتغيير الديمغرافي ونهب الموارد والثروات الطبيعية والتاريخية، بما فيها النفط والغاز والآثار والمحاصيل الزراعية، وحرق وإتلاف ما لم تتمكن من سرقته منها، وفرض المزيد من الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري.
وأشار الجعفري إلى أن هذه الممارسات والانتهاكات الجسيمة لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة تبرز تناقضاً في سلوك هذه الحكومات مع مقاصد وأهداف الميثاق ورؤيته للعمل الدولي متعدد الأطراف وعودة إلى منظور عصبة الأمم التي شرعنت العدوان والاحتلال فحكمت على نفسها بالفشل، كما أن هذه الممارسات تمثل محاولات فاضحة للتدخل الخطير والهدام في مسار العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص وذلك بهدف تحويلها من مسار قائم على الحوار الوطني السوري-السوري بملكية وقيادة سورية إلى شكل من أشكال فرض إرادة هذه الدول على الأمم المتحدة ووسيلة لفرض إملاءات حفنة من الدول على حساب سيادة سورية ومقدرات شعبها ورفاهه وأمنه.
وبين الجعفري أن سورية طالبت في الشكوى الأمين العام ومجلس الأمن بوضع حد للتدخلات الخارجية المعادية لسورية وإلزام الدول الأعضاء كافة بالامتناع عن أي ممارسات تهدف إلى تقويض استقلالية ومسار العملية السياسية والمساس بمصالح وخيارات الشعب السوري وأمن واستقرار سورية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، كما طالبت الأمين العام بتكليف الجهات القانونية المختصة في الأمانة العامة بإعداد تقرير عاجل حول مدى انسجام القوانين والقرارات الأمريكية والأوروبية بفرض حصار اقتصادي على الشعب السوري مع أحكام الميثاق وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآثارها الكارثية على حياة الشعب السوري، مشيراً إلى أن سورية تتطلع لاستجابة الأمين العام لطلبها وإعلامها بأقرب وقت ممكن بما تم اتخاذه من إجراءات بحكم موقعه وولايته ودوره في تيسير العملية السياسية في الجمهورية العربية السورية.
انفصام سياسي أمريكي
وختم الجعفري بالقول: عندما تسرق الولايات المتحدة علانية 200 ألف برميل نفط من حقول النفط السورية بشكل يومي و400 ألف طن من القطن وتضرم النار في آلاف الهكتارات من حقول القمح وتسرق خمسة ملايين من رؤوس الماشية وتتفاخر بـ “تقسيم سورية” وإضعاف قيمة الليرة السورية عمداً وعندما تفرض إجراءات اقتصادية قسرية تهدف إلى خنق الشعب السوري وتحتل أجزاء من الأراضي السورية وتحمي شريكها التركي الذي يحتل أراضي أخرى وعندما تقوم مندوبة الولايات المتحدة بالرغم من كل ذلك بالحديث عن قلق إدارتها من تدهور الوضع المعيشي للمواطن السوري وتعزو هذا التدهور إلى ما تسميه “النظام” يصبح السؤال المشروع هنا، أليست هذه أعراض انفصام سياسي؟ ألا يشير ذلك إلى حالة مرضية حادة؟.