أحكموا عقال المحاسبة تُعززون سعر الصرف!
لعلّ اجتثاث التهريب أولى الخطوات الواجب تعزيزها لاستقرار سعر الصرف، إذ سبق لنا وأن أشرنا في أكثر من مناسبة إلى أن قيمة فاتورة التهريب تستنزف شهرياً نحو 250 مليون دولار شهرياً، أي بمعدل 3 مليارات دولار سنوياً!
وقد بدأت بالفعل إرهاصات جهود الدولة تثمر بهذا الاتجاه، إذ تفيد المعلومات أن عمليات التضييق على المهربين خلال الأيام القليلة الماضية انعكست على واقع تحسين سعر صرف الليرة مقابل الدولار، هذا من جهة تخفيف ضغط التهريب على طلب القطع من السوق وإمكانية الحدّ من استنزاف ما أوردناه آنفاً من أرقام.
أما من جهة تفعيل البنية الإنتاجية فنبيّن أنه، وعلى اعتبار أن التهريب يقوّض عمليات الإنتاج ويهدّد المنتج المحلي بالانحسار، فإن القضاء عليه لا يفسح المجال لانتعاش هذا المنتج فحسب، بل إن ذلك سيتسبّب بفقدان بعض المنتجات المهربة من السوق المحلية، والتي كانت قد دخلت ضمن الأنماط الاستهلاكية لدى العديد من الشرائح، وبالتالي فإن فقدانها من السوق يحدث فجوة، وردم هذه الفجوة يحتاج بالمحصلة لإنتاج بديل، ما يعزّز بالنتيجة فرصة أمام العملية الإنتاجية ككل لإنتاج هذا البديل، وانعكاس ذلك بالمجمل العام على تحسين الاقتصاد الوطني عبر توفير القطع الأجنبي الذي كان يستنزف لصالح التهريب، من خلال تفعيل البنية الإنتاجية.
وإذا ما علمنا أن بعض كبار المتمولين من المصارف، كانت لهم اليد الطولى بالمضاربة بسعر الصرف، من خلال توظيف ما تمّ منحهم من قروض بعمليات المضاربة دون المشاريع الاستثمارية التي اتخذوها ذريعة للحصول على قروض ليست بالقليلة، فهذا يضع الجهات المعنية على محك محاسبة هؤلاء، والضرب بيد من حديد لتصويب مسار العملية التمويلية.
يضاف إلى ما سبق أن بعض كبار التّجار أيضاً مازالوا يضاربون بسعر الصرف بطريقة غير مباشرة، عبر تسعير سلعهم وموادهم بأسعار أكبر حتى من سعر الدولار الرائج بالسوق السوداء، ما يتوجب بالضرورة ملاحقتهم وكبح جماح أرباحهم الفلكية.
نعتقد أننا أمام مرحلة حرجة، يُخشى أن يدفع المواطن ثمنها في حال استمر انفلات رموز التهريب وحاشيتهم، والمضاربين من كبار المتمولين من المصارف، وكبار التّجار، خارج عقال الملاحقة والمحاسبة!
حسن النابلسي
Hasanla@yahoo.com