منشطات الذاكرة.. تعاط عشوائي لعقاقير مهربة وسوق نشطة في فترة الامتحانات!!
على الرغم من طول فترة التحضير لامتحانات الشهادتين هذا العام بسبب الأوضاع الصحية الاستثنائية هذا العام، وبالرغم من تقليص المادة التعليمية التي سيتم امتحان الطلبة بها في الامتحانات النهائية، إلا أننا، ككل عام ،نجد هؤلاء الطلبة في سباق مع الزمن في الأيام الأخيرة لفترة التحضير، وكأنهم كانوا نياماً طيلة العام الدراسي واستيقظوا في عجلة من أمرهم ليوصلوا الليل بالنهار كي يستطيعوا ختم المنهاج الدراسي، ولأن الوقت داهم أغلبهم نراهم يبحثون عن شتى السبل كي يستطيعوا السهر أكبر وقت ممكن علّ وعسى يحصلون على درجات عالية في امتحاناتهم، لتكون المنشطات والعقاقير أسرع وأسهل تلك الطرق بغض النظر عن النتيجة الصحية السلبية التي تنتظرهم.
مصدر رزق
لم يمنع فقدان الصيدليات للكثير من أنواع الأدوية وغلاء أسعارها وإغلاق البعض منها، هؤلاء الطلبة من البحث المطوّل للحصول على أي عقار يبقيهم في حالة يقظة تامة طوال النهار والليل، ومما لا شك فيه أن الأزمة التي مرت علينا سهلت وصول هذه العقاقير وانتشارها في أغلب الصيدليات بطرق غير نظامية وبيعها للطلاب دون وصفات طبية طمعاً من هؤلاء الصيادلة بالمنفعة المادية غير آبهين بحياة هؤلاء الطلاب، ناهيك عن الدور السلبي لبعض قنوات الإعلام والتي تواظب خلال هذه الفترة على عرض الإعلانات الخاصة بمثل هذه العقاقير أو خلطات أعشاب سحرية لبثّ الطاقة والنشاط في أجساد طلبتنا، واللوم الأكبر يقع على الأهالي الذين يمارسون أقصى درجات الحزم على أبنائهم كي يدرسوا ويجتهدوا بأي طريقة، لكن حقيقة الأمر أن هذه المنشطات لا تفي بالغرض المطلوب فقد أكدت الصيدلانية روان عيسى أن إقبال الطلبة على السؤال عن هذه العقاقير لم ينخفض هذا العام عن الأعوام الماضية، بل على العكس نجد أن الأجيال المتعاقبة تزداد في اعتمادها على هذه المنشطات، أملاً بالسهر المضني الذي لا يؤدي إلا للتعب والإرهاق، وللأسف فإن الكثير من الصيادلة يجدون في خوف الطلبة مصدر رزق لهم هذه الفترة، إذ يسعون لتأمينها لهم ودفع الكثير من الأموال لتأمينها لهم مقابل بيعها بأضعاف سعرها، وأكدت عيسى أن المشكلة تكمن في عدم اقتناع الأهل بأن دور هذه الأدوية ثانوي وعليهم ترك متسع من الراحة والنوم للطلاب، واليوم للأسف باتت أغلب صيدلياتنا تتاجر بهذه العقاقير وتصرفها للناس دون استشارة طبية، في المقابل أكد الصيدلاني فادي مهنا أن لجان التفتيش التي تُرسلها نقابة الصيادلة غير قادرة على ضبط كل المخالفات التي تسري في الصيدليات علماً أن لجان المراقبة والتفتيش لا تهدأ عن القيام بدورها، سواء في ضبط هذه الأدوية وغيرها من الأدوية الممنوع بيعها والتي يتم إدخالها إلى صيدلياتهم بطرق غير شرعية، وعلى الرغم من تشديد النقابة على ضرورة إرفاق الدواء بنشرة طبية من الطبيب إلا أن المخالفات مستمرة، الأمر الذي يحتاج إلى قوانين صارمة بشكل أكبر.
دراسة
ورداً على الاعتقاد الخاطئ والسائد عن أن تناول مثل هذه الحبوب يزيد من التركيز، وبالتالي التفوق فإن دراسة عربية أكدت أن هذه الحبوب والعقاقير تؤثر على خلايا المخ مباشرة وتتسبب في زيادة إفراز الوصلات الكيميائية بالتالي يشعر الإنسان المستخدم بنوع من زيادة الطاقة ومقاومة الإرهاق والإنهاك وطرد النعاس ولكن آثارها الجانبية خطيرة، حيث إن استخدامها يسبب الإدمان وكلما زادت الجرعة كانت العواقب خطيرة، حيث ينجم عن تناولها بشكل مستمر حالات الاضطرابات النفسية مثل الذهان الذي من أعراضه الشكوك والهلوسة السمعية والبصرية والعدوانية، إضافة للاضطرابات الوجدانية التي منها الاكتئاب والهوس، وفي حالات الإفراط في استخدامها يصل الأمر إلى الهذيان وربما يؤدي إلى الوفاة.
إدمان وتخدير
كثيرة هي الأضرار السلبية التي ترافق تناول هذه الأدوية، فعلى الرغم من إبقاء الشخص في حالة يقظة شكلاً، إلا أنه في الواقع يكون في حالة شبه تخدير، حيث أكدت لنا الدكتورة” محار زيود” أخصائية تغذية أن هذه العقاقير ليست إلا بداية للإدمان على المخدرات، وما نجده غريباً هو إصرار الطلبة على شرائها رغم تأكيد الأطباء لهم بعدم جدوى هذه الحبوب بل على العكس ما نلحظه هو عدم تذكر الطالب جميع المعلومات التي درسها خلال الليل تحت تأثير هذه العقاقير، ما يدل على أن هذه الحبوب هي مخدّر بسيط يجعل الطالب في حالة يقظة دون تركيز، الأمر الذي ينعكس سلباً على صحته الجسدية والنفسية والدراسية، وطلابنا للأسف في فترة امتحانات الشهادة خصوصاً يبحثون عنها ظناً منهم أنهم يستثمرون وقتهم ساهرين ليدرسوا ويحفظوا، ولكنهم في واقع الأمر لا يستوعبون ما يقرؤون نتيجة تأثير هذه الحبوب المدمرة للدماغ، فهذه الحبوب تسبب خللاً في التوازن الكيميائي للمخ والذي يؤدي إلى الأرق والصداع والدوخة، والقلق والعصبية والحساسية الزائدة وتسارع ضربات القلب وارتفاع الضغط، والقيام بتصرفات غير محسوبة كالعدوانية أو الاندفاع وصولا في النهاية إلى إدمان المخدرات لتخفيف هذه الضغوط، لذا نصحت زيود الطلاب في هذه المرحلة باتباع نظام غذائي يعتمد على الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، والدهون الصحية التي توفر الكثير من الفوائد الصحية، كما يمكن لمثل هذا النظام الغذائي تحسين الذاكرة، وأصرت زيود على أهمية بث التحذيرات وتنبيه الأسر لخطر تلك السموم، لما تسببه من مآس لأبنائها الطلبة.
نشر الوعي
باتت فترة التحضير لامتحانات الشهادتين عبارة عن سوق استثمار للمدرسين وللصيادلة الذين يجدون في هؤلاء الطلبة مصدراً للرزق الوفير برأي الدكتورة فريال حمود “أخصائية اجتماعية”، حيث يتنافس الجميع في كسب المال خلال هذه الفترة، ويسعى الصيادلة لتأمين شتى أنواع العقاقير بطرق مخالفة للأنظمة من باب الطمع، ولم تلق حمود اللوم على الصيادلة فقط بل على الأهل الذي يقع عليهم العاتق الأكبر في تأمين جو دراسي سليم في المنزل خال من المشاحنات والإصرار على تحصيل أبنائهم أكبر قدر من العلامات كنوع من التباهي لا بهدف تدريسهم في فروع مهمّة فقط، ما يضطر الطلاب للبحث عن السبل التي تظهرهم أمام أهلهم يدرسون ويواظبون على السهر كعذر مسبق يقدمونه للأهل في حال إخفاقهم بالامتحان أو حتى عدم حصولهم على النتيجة التي ينتظرها الأهل منهم، ومن أسهل الطرق التي يتجه إليها الطلاب في السهر والمواظبة على الدراسة ليلاً نهاراً هي تلك الحبوب المنشطة والتي راج سوقها كثيراً، خاصة في الأزمة التي نمر بها نتيجة كثرة ضعاف النفوس المتاجرين بهذه الحبوب وبغيرها من السموم التي تفتك بهذا الجيل، لذا لا بد من تضافر جهود جميع الجهات من أسرة ومجتمع ومدرسة ووسائل إعلام لنشر الوعي بأضرار هذه المواد، من خلال تثقيف شبابنا وتعريفهم بالآثار الضارة والمدمرة التي تنتج عن تعاطيها، والتي تكون نتائجها عكسية دراسياً ومدمرة صحياً، وكذلك تلعب الثقة بالنفس وتعزيز عزيمة الطالب وثقته بنفسه من قبل أسرته وتشجيعه عند حصوله على نتائج جيدة، ورفع معنوياته عند حصوله على نتائج متدنية وعدم حرمان الطالب نهائياً من الترفيه أوقات الامتحانات، وتخصيص بعض الوقت لذلك خلال فترة الدراسة وعدم مقارنة الطالب بزميل أو أخ متفوق له دوراً هاماً في ضبط سلوك الطالب خلال فترة الامتحان.
ميس بركات