اللهم قد بلّغنا..؟!
يطرح خبراء الصناعة عدداً من التساؤلات الخاصة بواقع القطاع الصناعي العام (أداء مؤسساته وشركاته)، غايتها سماع الإجابة الشافية الكافية، التي طال انتظارها.
من تلك التساؤلات المتعلقة بانخفاض تنفيذ الخطط الاستثمارية والإنتاجية والتسويقية عام 2019: هل يرجع تراجع أداء هذا القطاع إلى عدم رصد الاعتمادات اللازمة؟ أم هو نتيجة لبطء وتعقيد إجراءات التنفيذ؟ أم أن المشكلة تكمن بعدم كفاءة إداراته وصلاحياتها؟ أم بالتريث لحين إقرار برنامج الإصلاح الموعود الذي طال انتظاره؟
كإعلاميين متابعين ومتخصصين في الشأن الاقتصادي، نؤكد أننا قد تناولنا، أكثر من مرة، تلك الأسئلة/ القضايا، وعلى مدار سنوات طويلة، وبالجملة والمفرق، لكننا – كما الخبراء – لم نسمع ما يفنّد ما تحمله تلك الأسئلة من جدليات مزمنة لم تستطع الحكومات المتعاقبة تفنيدها، رغم أنها صاحبة القرار النهائي فيما كان يقدّم إليها من الإدارات المتعاقبة للقطاع!
واقع مستدام خلق حالة من عدم الوضوح والشفافية في العلاقة ما بين الحكومة ككيان أعلى، وبين الوزارة بصفتها المجزوءة المسؤولة عن إدارة هذا القطاع ورسم خططه وإستراتيجياته.
وباعتقادنا أن السبب الكامن وراء ما وصل إليه هذا القطاع، من ترهل وتراجع وعدم القدرة، يرجع لكل تلك الأسئلة، التي هي بحدّ ذاتها أسباب سبات هذا القطاع خلال العقود والسنوات الماضية، وعلى رأس تلك الأسباب عدم البت ببرنامج إصلاح هذا القطاع، رغم الثبوت وبالدليل القاطع أنه القطاع الخلاص للعديد من مشكلاتنا الاقتصادية الصناعية المعيشية، سابقاً وحالياً.
رغم ذلك سعت الإدارة الحالية للقطاع جاهدة في ظل تلك الحواجز والعقبات (الأسئلة – الأسباب)، لعمل تغيير ملموس وفق مقولة: “نريد العنب لا قتل الناطور”، لكنها ونتيجة لمعرقلات مصطنعة من خارجها وحتى داخلها، لم تتمكّن من تحقيق ما تسعى إليه من إعادة أركان القوة والنهوض بمقدار المأمول والمعول عليه من هذا القطاع في المرحلة الحالية والقادمة.
وخير دليل ما صرّح به وزير الصناعة مؤخراً، خلال اجتماعه ولقائه مع المديرين العامين للمؤسسات التابعة للوزارة، ومديرين في الإدارة المركزية، من أجل تقييم واقع عمل تلك المؤسسات والشركات التابعة لها، حيث قال: “أنا غير راضٍ ضمنياً، عن عمل بعض المؤسسات والشركات، والبيانات المقدمة تحتاج إلى تصحيح”، وقال أيضاً: “لا نريد مديرين لا يعملون، ولابد من محاسبة المقصّرين، ولا أحد فوق القانون، وأي مدير كان خارج السرب سيبقى خارج الوزارة، لأن عقلية بعض المديرين في الوزارة لا تصلح”.
أكثر من هذا كشفه عن أن بعض المديرين يعملون على مبدأ “ودّع واستقبل”، مطالباً إياهم القيام بجولات ميدانية، وبشكل مباشر، للاطلاع على واقع العمل.
وإذا ما رجعنا لحقيقة تصريحات الوزير، نجدها مستندة إلى مؤشرات تواضع نسب تنفيذ الخطط الاستثمارية لمؤسسات القطاع العام الماضي 2019، وما إعفاء مدراء، إلاَّ ترجمة لما كان يرتكب من قبلهم بحق مؤسساتهم، ولعلّ ما بحوزتنا من تقارير رقابية حول كيفية تعاطي الإدارة السابقة لمؤسسة الصناعات الغذائية، مثلاً، والتي اكتُفي بـ “إعفائها”، يؤكد أن القطاع العام الصناعي، على محك القطع الحاسم بين ما فات وبين ما هو آتٍ، وإلاَّ مات بطريقة إمراضه وإطالة عمره، ليظل “مغارة..” للصوص في داخله، ولصوص القطاع الخاص، المرتبط بقاؤهم وتكبير ثرواتهم، بالإبقاء على قطاعنا الصناعي العام؟!
اللهم قد بلّغنا.
قسيم دحدل