ثقافةصحيفة البعث

رؤى حمزة: “مفاتيح الهمم” الأول من نوعه لذوي الاحتياجات الخاصة

تلوح الإعلامية الشابة رؤى حمزة بالأمل والعمل في وجه مصاعب الحياة وتحدياتها التي كانت قاسية معها منذ عمر السادسة عشرة، حيث تعرضت لخطأ طبي أدى إلى حدوث إعاقة جسدية في الطرفين السفليين واستخدامها للكرسي المتحرك، ولكنها نهضت من قلب المأساة لتحقق الحلم وتصبح نموذجاً يقتدى به وحكاية نجاح جميلة، حيث تقوم حالياً بإعداد وتقديم برنامج “مفاتيح الهمم” البرنامج الأول من نوعه الذي يعنى بأصحاب الاحتياجات الخاصة ويسلط الضوء على حكاياتهم وإنجازاتهم الإيجابية والفاعلة، والذي نال عدداً من التكريمات داخل وخارج سورية.

بداية المشوار

بدأت رؤى مشوارها الإعلامي – كما روت لنا – من خلال برنامج هدفه الدمج بين الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص الأسوياء حمل عنوان (حقّن نوقف حدّن) قدمته لسبع سنوات ثم تطوعت في مركز (همس للطفولة)، وبعدها بدأت في مجال الإعلام من خلال مبادرة أقيمت في دمشق بعنوان (عدسة سلام) التي كانت تضم التصوير والتصميم وصناعة الأفلام والصحافة والإعلام وتدربت أيضاً في إذاعة (شام إف أم) على مبادىء التحرير وعملت في مواقع إلكترونية عديدة منها معاق نيوز، دكتور اكس، مجلة آفاق ذوي الاحتياجات الخاصة البريطانية وغيرها، وتؤكد رؤى: الإعلام كان شغفي وطموحي منذ الصغر وللأسف بعض الظروف منعتني من تحقيق حلمي بدراسته بشكل أكاديمي لكن من حسن الحظ دخلت هذا المجال بشكل عملي فأنا حالياً المقدمة والمعدة لبرنامج مفاتيح الهمم والذي جاءت فكرته مع الأستاذ ماهر شبانة مدير جمعية شمعة أمل التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مصور ومخرج البرنامج وكان له دور أساسي في نقطة التحول في حياتي ومساعدتي على بلوغ الهدف عبر هذا البرنامج من خلال إيمانه بقدراتنا وإمكاناتنا وخلق فرصة حقيقية لنا للتأكيد بأننا قادرون على تغيير واقعنا وتطوير مجتمعنا.

مفاتيح الهمم

وأوضحت رؤى أن “مفاتيح الهمم” برنامج يعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، ويسلط الضوء على قصصهم وإبداعاتهم والصعوبات التي تواجههم والحلول التي يجب اتخاذها.. بدأ في شباط ٢٠١٩، بجهد شخصي ودون أي تمويل أو دعم من أي جهة أو مؤسسة بمعدات بسيطة وإمكانات غير احترافية؛ وبالطبع، وبحكم معرفتي الوثيقة بهذه الشريحة، يتم بدقة اختيار الضيوف وانتقائهم ممن لهم بصمة وتأثير كبير في المجتمع، حيث نقدمهم بأفضل صورة ثم يتم تسويق الحلقات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى قناتنا الرسمية على اليوتيوب، وتفخر رؤى بأن “مفاتيح الهمم” انطلق من سورية ووصل اليوم إلى لبنان ومصر وتونس والمغرب العربي وعدد من الدول وحقق نجاحاً كبيراً، وهذا الشيء لمسناه من خلال الصدى والتفاعل الذي حظي به سواء من قبل القنوات الفضائية والإذاعية السورية والعالمية أيضاً ومن خلال تفاعل ومحبة الناس للفكرة والبرنامج، ونال عدداً من التكريمات منها في مصر، حيث شاركت في مؤتمر لتصوير دور المرأة المعاقة من قبل المركز العربي للإعلام المتخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى التكريم في عدد من المراكز الثقافية بدمشق ومؤخراً في ملتقى يوم المرأة العالمي في طرطوس.

لا ترى رؤى أن إعاقتها هي السبب في نجاح البرنامج لأن المجتمع لن يستمر في التفاعل معك لو لم تكن شخصاً مؤثراً وناجحاً، مبينة أن أحد أهم أسباب نجاحه وانتشاره أنه الأول من نوعه الذي ينقل الصورة الإيجابية لذوي الاحتياجات الخاصة ويغير نظرة المجتمع، فصورة أصحاب الهمم وإيمانهم اليوم بواقعهم ولدا تحدياً وحافزاً عند الكثير منهم، إضافة إلى بساطة وعفوية البرنامج وخصوصية الضيوف الذين تركوا في كل حلقة بصمة حب وصدق، والأهم هو روح الفريق والانسجام والتعاون والمحبة لإنجاز هذا البرنامج، مؤكدة أنه بعد كل نجاح حققته كانت تزيد مسؤولية العمل وأهمية تطوير البرنامج بشكل أفضل، وتتعزز الثقة وروح التحدي والإصرار، ومحبة الناس ودعمها كانت من أهم العوامل التي تزيدني تصميماً وإرادة على الاستمرار وتقديم المزيد، ولعل الدور الأول والأساسي في دعمي وتشجيعي يعود لوالدي وللعائلة والأصدقاء، أما في المجال الإعلامي ففي المقدمة شريك الإنسانية ماهر شبانة ولكل شخص أخذ بيدي من خلال تسليط الضوء على تجربتي وبرنامجي وكان له دور في إيصال مفاتيح الهمم لأكبر عدد ممكن.

الإرادة والأمل

تمتلك رؤى ثقة وإيماناً بأنه وعلى الرغم من أن هناك أشياء فقدتها وفقدها “أصحاب الهمم” لكن في المقابل تم تعويضنا بأشياء عظيمة ومختلفة هي في الحقيقة نعمة أرسلت لنا لنكون خير مثال ومع أنني أعلم أنه ليس من السهل التأقلم مع حياة مختلفة عن الحياة الطبيعية، ولابد أن كل واحد منا مر بلحظات من الضعف، لكن علينا أن نتجاوز إعاقتنا وواقعنا ونخلق من ألمنا أملاً ونكون نموذجاً ناجحاً.

ووجهت رؤى رسالة لأصحاب الهمم بأن دعونا نثبت أننا أشخاص منتجون ونوصل صوتنا ورسالتنا للجميع، ونحول نظرات الاستعطاف إلى نظرات فخر واعتزاز بما نحن قادرون على فعله لكي يعلم المجتمع بأنه لا إعاقة ولا مستحيل مع الإرادة، وأشارت رؤى إلى أنها ستقوم في الفترة القادمة بتقديم برنامج مختلف كلياً عن “مفاتيح الهمم” من حيث الفكرة والموضوع، وسيكون هذه المرة على شاشات التلفزة وليس فقط على مواقع التواصل الاجتماعي.

لوردا فوزي