بعد قلب الطاولة في وجه التوقعات.. الوعي الحزبي يعبّر عن ذاته في استئناس السويداء
السويداء – رفعت الديك
قلبت عملية الاستئناس الحزبي في السويداء الطاولة على معظم التوقعات المحتملة لنتائج تلك العملية، وقد برزت حالتان أساسيتان: أولهما، استبعاد الرفاق أعضاء مجلس الشعب الحاليين الأربعة من القائمة، وكذلك الرفاق في المكاتب التنفيذية للنقابات والمنظمات الشعبية، وتميزت القائمة بوجود وجوه جديدة تعكس رغبة الجهاز الحزبي في التغيير وضخ دماء جديدة للمؤسسة التشريعية، وإن كان فرض وجود العنصر الشبابي والرفيقات شكل نقطة اختلاف بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، وبينما يؤكد عضو قيادة فرع الحزب الرفيق المهندس أنور الحسنية أنه رغم عدم امتلاك الشباب للتجربة والقاعدة الاجتماعية لكنهم بالمقابل يمتلكون مؤهلات واختصاصات يمكن توظيفها في المؤسسة التشريعية على مستوى الوطن،
ويضيف: إن نتائج الانتخابات في فرع السويداء عكست أمرين: اولهما مدى الحضور الحزبي والجماهيري للمرشحين على مستوى المحافظة كون الناخبين يمثلون الكوادر القيادية للحزب على مستوى المحافظة، وثانيهما تنوع الاختصاصات المهنية والشرائح العلمية والتوزع الجغرافي في القائمة، مؤكداً أن النتائج كسرت التقليد السابق باختيار القائمة ضمن روائز محددة، منها المهام المنفذة المكلف بها ما يعكس طبيعة عمرية محددة في المجلس، والأهم أن الانتخابات عكست رغبة الجهاز الحزبي بوجود ممثلين جدد ووجوه جديدة.
عضو مجلس الشعب موعد ناصر يخالفه الرأي، حيث غياب الخبرات السابقة، سواء من أعضاء مجلس الشعب أو القياديين في النقابات المهنية، سيحرم المجلس من تلك الخبرات، فلابد من الدمج بين الدماء الجديدة والخبرات للوصول الى النتائج المطلوبة. وبين ناصر أن فرض العنصر الشبابي والنسائي في القائمة يضعف الحالة الديمقراطية، وكان من المفترض تأهيل الشباب وتدريبهم، ومن ثم زجهم في هذا الاستحقاق الوطني.
الرفيق خالد كرباج، الذي نجح في عملية الاستئناس، يرى أن القائمة الناجحة عكست إحساساً عالياً بالمسؤولية لدى الجهاز الحزبي من خلال الغنى والتنوع في الكوادر، وعكست رغبة الجهاز بالتجديد في حياة الحزب الداخلية وانتقاء وجوه جديدة، وهذا دليل حيوية الحزب وتجدده بشكل دائم، والأهم انه لم تبرز أي حالة من الحالات المرضية كالتكتلات والتشلل إذ تميزت الانتخابات بالشفافية والديمقراطية عملا بالرسالة التي وجهها الرفيق الأمين العام للحزب.
وقد يكون وعي الجهاز الحزبي بدا واضحا في عملية الترشح أولاً، والاختيار ثانياً، حيث كانت الخيارات صعبة أمام الناخبين في ظل وجود باقة كبيرة من الخيارات، حيث يقول الدكتور وليد حذيفة أن نتائج الاستئناس الحزبي في السويداء كانت موضوعية وملبية لطموحات جماهير السويداء، فقد أفرز الاستئناس باقة من أزهار المحافظة الجميلة، ممن يمتلكون مقومات التمثيل البرلماني الحقيقي، من حيث كفاءاتهم العلمية، وخبراتهم العملية، وتاريخهم الوظيفي والاجتماعي المشرّف، وهذا ما ترك وسيترك انطباعاً شعبياً إيجابياً، ويسهّل على القيادة المركزية للحزب الاختيار، فجميعهم بسوية عالية، ما يعني أن حالة الرضا العام ستكون عالية، بل ويمكنني القول إن البعض يتمنى لو أن المرشحين الثمانية يصلون معاً إلى المجلس.
الدكتور فايز عز الدين، رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب، يقول أن العمل الديمقراطي داخل المؤسسة كانت نتائجه إيجابية في عمل الحزب وبنيته، والتجربة الديمقراطية تحتاح الى قراءة وعي الجهاز الحزبي الذي مازال حتى اليوم لا يبحث عن الأفضل بل عن المصالح المشتركة والذاتية التي تتقدم على مصلحة الحزب، ومع ذلك عكست نتائج الانتخابات رغبة الجهاز الحزبي في التجديد وعدم التكرار، وهي رسالة للمنظمات والنقابات التي لم ينجح ممثلوها في اعادة النظر بأدائها، ويبقى المهم – حسب عزالدين – أن يكون في المجلس أدوار، وأن لا يكون الرفاق أعضاء في مجلس الشعب بل ممثلين للشعب عبر العيش بين الناس وعكس همومهم، وبالتالي أن يكون المنصب خدمة وليس امتيازاً. وبين عز الدين أن العملية الانتخابية بهذه الصيغة تأخذ حيزاً من النجاح وهي أفضل من عملية اختيار الممثلين عبر القيادات، خاصة أن القيادات السابقة قدمت أعضاء لمجلس الشعب لا يمكن الرضى عنهم حتى في عائلاتهم نتيجة الانتقاء العشوائي الذي مررنا به. ويبقى المهم هو تقييم التجربة الديمقراطية بشكل دائم وقياس مدى وعي الجهاز الحزبي في هذه العملية وتقوية سواعد المنظمات الشبابية لتنتج كوادر مقبولة عند الجهاز تفوز دون فرض القيادات، للوصول إلى تجربة ناضجة بعيداً عن منغصات الفرض. ولابد أيضاً من الأخذ بعين الاعتبار قلة عدد المقاعد المخصصة للمحافظة والبالغة ستة مقاعد، وهذا يحتاج لإجراء مقارنات حقيقية بين الناجحين كي لا نفوّت الفرصة على أي من الناجحين ذوي الكفاءة العالية لصالح العنصر الشبابي.