الموظف “الغلبان”!!
لم يتبدل حال الموظف الملاحق دائماً بصفة “الغلبان”، ولم تتغير حياته ومعاناته في مواجهة العوز والقلة المعيشية، فالمشاهد ذاتها تتكرر رغم كل الجرعات الداعمة لانتشاله من واقعه المحشور في خانة الديون المتراكمة، والهروب من الدائنين، وإدخال دخله (الراتب) في معادلة شهرية مستحيلة الحل قوامها متتالية “أول وآخر الشهر” التي أثبتت عجز الحكومات المتعاقبة وإخفاقها المتواصل في سيناريوهات السياسات الاقتصادية التي استهدفت العبء المعيشي، نظراً لانحراف البوصلة عن سمتها الحقيقي (المواطن)، حيث لم نقرأ في الخطط الموضوعة على مدار السنوات الماضية إلا الكثير من الانقلابات السعرية السريعة في الأسواق لمختلف المواد، والتصاعد المستمر في أسعار المحروقات، ولا شك أن المضغ الدائم الآن لمصطلحات الحرب والحصار ونهج النهش المستمر في عوامل استقرار الحياة العامة من خلال سياسة “عقلنة الدعم”، يكشف حقيقة اقترابنا من خط الصدمة الصاعقة، بغض النظر عن خصوصية المرحلة.
ومع العجز عن إدارة دفة القرار الاقتصادي حسب ما تشتهيه يوميات الموظف العاصفة بمئات المفاجآت القاتلة، ومع اختلاف الظروف والوقائع على مدار الساعة، لابد أن تكون هناك خطوات حقيقية للنهوض بالحياة المعيشية، وإعادة التوازن بين الدخول برواتبها الهزيلة، وحالة الفوضى السعرية التي تنهش بأنياب الغلاء جيوب الناس، ولا شك أن تحقيق هذا التوازن يحتاج إلى قرار جريء، ونهج اقتصادي صحيح، بعيداً عن سياسة الالتفاف التي تعوّدنا عليها خلال المراحل السابقة التي اعتمدت على إسكات جوعنا وفقرنا بزيادات غير قادرة على انتشال دخولنا من هاوية العجز، واليوم لا يمكن تجاوز الوقائع المعيشية وحالة الإفقار المتوالدة في المجتمع من خلال الاستمرار بعمليات التشويش المالي، والانغماس في سوق العملات المتأرجحة بين الصعود والهبوط دون أي تأثير على الأسواق التي باتت خاضعة بالكامل لتعاملات السوق السوداء.
ولا شك أن حالة الترقب والانتظار وتساؤلات الناس التي تلاحقنا في كل مكان نتواجد فيه عن إمكانية رفع مستوى دخل المواطن تفرض علينا وعلى الجهات المسؤولة مسؤولية الإفصاح السريع عن المستجدات، وتوضيح كل ما يدور في فلك المعادلة المعيشية التي يريد الناس أن توجّه بوصلة القرار فيها بشكل سليم باتجاه الناس، وتحسين المستوى المعيشي المتخم بالهموم والتحديات، فقد يصل صراخهم إلى من يهمهم الأمر.
فهل نشهد في الأيام القادمة قرارات على هذا الصعيد، وتحديداً فيما يخص الرواتب، وزيادة الكتلة المالية بنسب مئوية عالية، أم تبقى حياة الموظف عالقة خلف قضبان الأمل؟
بشير فرزان