اقتصادسلايد الجريدةصحيفة البعث

هل يكفي إنهاء تكليف مديرة “صناعاتنا الغذائية” رغم كل النتائج المؤسفة؟

قسيم دحدل

ترهل وتراجع مؤشرات أداء معظم شركات المؤسسة العامة للصناعات الغذائية، وتوقف معمل الفيجة لمدة شهر كامل دون إعلام الوزارة من قبل المؤسسة؛ وتعطيل القوانين ومخالفة تعليمات رئاسة مجلس الوزراء وتوصيات اللجنة الاقتصادية فيما يتعلق بتوزيع المياه؛ وفوقها تراكم مخازين العديد من المواد الغذائية لأعوام عدة!!

مصدر مطلع في وزارة الصناعة كشف لـ “البعث” أن الأسباب أعلاه، وغيرها، كانت وراء إنهاء تكليف مديرة المؤسسة السابقة ريم حللي من منصبها. ووفقاً للمصدر نفسه، فإنها لا تشكل سوى ١% من الأسباب التي استدعت إعفاءها وبناء على التقارير الرقابية!!

حد الإدانة

مثلاً، كشف تقرير الرقابة الداخلية رقم 65/ و. م. ر تاريخ 26 – 3 – 2020، الذي حصلنا على نسخة منه، نتائج التدقيق الميداني الذي تمّ في الشركة الحديثة للكونسروة والصناعات الزراعية لمختلف النواحي الإنتاجية والفنية والمالية (كونسروة دمشق بتاريخ 24/ 3/ 2019)، حيث بيّن العديد من الشبهات المستغربة الوقوع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نكتفي بشيء مما تضمنه التقرير، ولكم أن تتوقعوا ما كان من ارتكابات تصل حدّ الإدانة برأينا، ما يجعلنا نتساءل إن كان إنهاء التكليف كافياً؟!

متوالية مشبوهة!

جاء في التقرير وتحت بند: “تراكم مخزون منذ أعوام وما هي الإجراءات لمنع حدوث هذا المخزون”، أن مادة الفول المدمس وزن 1 كغ، وبعد أخذ عدة عينات تبيّن أنها تعود لشهري حزيران وكانون الأول 2017، وكانون الثاني وشباط وآذار ونيسان 2018، وبكمية 8657 علبة، وهي مواد تمّ إنتاجها من عقد إدارة التعيينات العسكرية رقم 1/621 تاريخ 19/ 12/ 2016، والبالغة 300 ألف علبة، ولدى الاطلاع على كشوف الإنتاج، تبيّن إنتاج 150110 علبة 1 كغ فول مدمس عام 2017 و164567 علبة عام 2018، وبزيادة مقدارها 14677 علبة عن كمية العقد، والتي بقي منها 8757 علبة حتى انتهاء صلاحيتها، وهنا تبيّن لنا إنتاج كمية أكبر من كمية العقد وتمّ تسويق جزء منها ولم يتمّ تسويق الكمية المتبقية”.

عذر أقبح..

كما ورد في التقرير: “مادة فول مدمس وزن 380 غراماً إنتاج 2019 عدد 10832 علبة، ولدى الكشف عليها تبيّن أنها فاسدة نتيجة عيوب فنية وإنتاجية، ولدى سؤال الإدارة عزت الموضوع إلى قدم الآلات ونظام التعقيم، علماً أنه تمّ تركيب معقم أفقي حديث في الشركة بداية العام 2019″!

نكتفي مما يُحزن القلب ويستنزفُ الوقت والجهد ويهدر المال العام والغذاء، وخسارة ما يجب أن يتحقق من عائد مالي وحرمان المواطن من المنتجات الغذائية! حيث كشف التقرير ما لا تحتمل هذه المادة عرضه من كميات فاسدة ومنتهية الصلاحية، كمادة الحمص بطحينية والبازيلاء الخضراء ومربى التفاح، وغيرها من المواد منتهية الصلاحية، بذات الحجة الواهية آنفة الذكر وهي: قدم آلات ونظام تعقيم”!!

تَقْطَع الشك..؟!

ما سبق يدلّ على ما كان من تقرير حول نتائج أعمال المؤسسة العامة للصناعات الغذائية خلال عامي ٢٠١٨ – ٢٠١٩ الصادر عن وزارة الصناعة بتاريخ 29/ 03 /2020، ويتكشف مدى التراجع في المؤشرات المالية، في معظم شركات المؤسسة، الأمر الذي يدفعنا للسؤال عما كانت تفعله الإدارة السابقة لها، ومديرتها ريم حللي، غير الصمت على “إنجازات” الخسائر المتتالية؟!

ولعلّ ما يحبل به التقرير من تراجع في القيم المالية لمعظم شركات هذه المؤسسة، يدعو للكثير من الاستهجان والغرابة لقطاع يستحيل أن يتراجع أو حتى يخسر، وخاصة في ظل ما كان من ظروف ولا يزال، حيث السوق المحلية متعطشة لأبسط منتج غذائي صناعي!!

حتى “شريك الماء”!

الغريب العجيب، مثلاً لا حصراً، أن يصل بلُّ التراجع في القيم المالية إلى ذقن الشركة العامة للمياه، حيث تراجعت تلك القيم من ٣.٥٦٨.١٣٤ مليار ليرة عام ٢٠١٨، إلى ٣.٢٣٩.٩٤٩ مليار ليرة عام ٢٠١٩، أي ما مقداره ٣٢٨.١٨٥ مليون ليرة!!

وإذا كانت هذه هي الحال مع “شريك الماء” (ونقصد الشركة العامة للمياه)، والذي لا يتخيل أحد أن يخسر، فلا نستغرب تراجع النتائج المالية لشركات الكونسروة والألبان، حيث تراجعت القيم المالية لكونسروة دمشق من ١٢٨.٩٤٣ مليون ليرة عام ٢٠١٨، إلى ٥٣.٣٠٤ مليوناً عام ٢٠١٩، أي ما مقداره ٧٥.٦٣٩ مليوناً، وليزداد تتراجع القيم المالية سلباً لكونسروة الميادين من – ٣.٩٨٠ ملايين ليرة في ٢٠١٨ إلى – ٩.٩٤٦ ملايين العام الماضي وبمقدار ٥.٩٦٦ ملايين ليرة، وكذلك كونسروة إدلب من -٨٠٠ ألف ليرة عام ٢٠١٨ إلى -٢.٣٧٢ مليون بمقدار ١.٥٧٢ مليون ليرة؟!

أما ألبان دمشق فكانت القيم المالية ٨.٨٠٩ مليون عام ٢٠١٨ لتتراجع سلباً – ٦٠.٢٨٤ مليوناً العام الماضي وبمقدار ٦٩.٠٩٣ مليوناً، وحتى في ألبان حمص كان التراجع من ٤٩٥.٠٦٢ مليوناً عام ٢٠١٨ إلى ٢٦٠.١٢٦ مليون ليرة العام الماضي بمقدار ٢٣٤.٩٣٦ مليوناً!!

إجمالي!

ولو تابعنا نتائج أعمال المؤسسة، لوجدنا النمو السلبي في القيم المالية في كلّ من شركات زيوت حماة والشرق وغراوي وبيرة بردى وتجفيف البصل وغيرها، ليكون إجمالي التراجع من ٧٩٧.٠٣٥ مليوناً، حيث كان إجمالي القيم المالية  لـ ١٥ شركة التابعة لمؤسسة الصناعات الغذائية ٣.٧٣١.٥٦٣ مليار ليرة عام ٢٠١٨، لتهبط إلى ٢.٩٣٤.٥٢٨ مليار ليرة  العام الماضي٢٠١٩!

للمدراء النائمين؟

لا شك أن العديدات من “المأسوف على شبابهن” من شركات قطاعنا العام الصناعي، هو ما دعا وزير الصناعة خلال اجتماعه التقييمي وضمّ المدراء العامين للمؤسسات الصناعية وبحضور معاوني الوزير والمدراء المركزيين في الوزارة، إلى التشديد على ضرورة تخفيض الكلف الإنتاجية وإعادة حساب التكاليف بشكل حقيقي واقعي وعدم المبالغة بالنفقات، ودراسة قطع التبديل الراكدة في المستودعات وعدم تجاهل خسارة أي شركة، على أن تكون المؤسسة مسؤولة بشكل مباشر عن أي شركة خاسرة..، وما دعاه أيضاً ليؤكد على مدراء المؤسسات بزيارة الشركات أسبوعياً والوقوف على الصعوبات التي تعاني منها، وأشار إلى المتابعة الجدية لاستثمار العقارات بما يحقّق الريعية الاقتصادية ومعالجة موضوع المخازين وتأمين حاجة السوق المحلية وإعادة دراسة توزيع العمالة وزيادة كميات الإنتاج.

وهمية لا تعبر!

بينما ذهب معاونه الدكتور جمال العمر إلى اتهام بعض المؤسسات بأن أرباحها وهمية، مشككاً بصحّة الأرقام والتقارير المقدمة من المؤسسات!! ولفت إلى أنه وعلى الرغم من أن لكل مؤسسة خطة، ومتابعة لنتائج أعمالها، لكن يلاحظ انخفاض في بعض أرقامها، خاصة وأن بعضها يوضع بالقيمة، علماً أنها لا تعبّر عن الواقع الحقيقي لعمل الشركات، إذ تكون نسب التنفيذ متدنية بالكمية، لكنها مرتفعة بالقيمة، بسبب تغيرات الأسعار؛ مؤكداً وجوب أن تخرج كل المؤسسات من سيناريو رمي خسائرها على شماعة الأزمة، لأن هذا غير مقبول، إلا في حال عدم تأمين المواد الأولية المستوردة.

Qassim1965@gmail.com