الاستئناس في ريف دمشق.. تشويش كبير انعكس في النتائج!!
ريف دمشق ـ بلال ديب
على ما يبدو، لم تكن عملية الاستئناس الحزبي لاختيار مرشحي “البعث” في ريف دمشق إلى انتخابات مجلس الشعب على قدر تطلعات كافة الكوادر البعثية أولاً، ولا حتى الشعبية على مستوى المحافظة، فقد عكست حجم التشويش الكبير لدى القواعد التي يفترض أن يكون بيدها أمل الحزب ومستقبله ومصير جماهيره المتعطشة للتغيير، وإذ بها تسقط في عملية كتابة أسماء ممثليها فتُضيع ثلث خياراتها، كما رأى عدد غير قليل من الرفاق المستأنسين والمرشحين الذين استطلعت “البعث” آراءهم.
نبدأ تحليلنا لوقائع الاستئناس الحزبي الذي بدأ يوم السبت الماضي واستمر قرابة 40 ساعة متواصلة من الثلث المُلغى من أصوات المقترعين، والذي وصل إلى 517 من أصل 1620 ورقة، وهو ما نبّه إليه – منذ اللحظة الأولى لانتهاء عملية فرز الأصوات – الرفيق الأمين العام المساعد للحزب، الرفيق هلال الهلال، الذي تابع بدقة ولساعات طويلة مراقبة عملية الاستئناس، والإشراف على التقيد بأسسها، منتقداً ما حصل رغم كل التوضيحات التي قُدمت للحيلولة دون حدوث أي خلل.. ولكن الأخطاء وقعت، ما يؤكد حجم الضغوطات النفسية التي تعرض لها أعضاء المؤتمر، ولعل أبرزها ما جرى على مدخل قاعة الاستئناس، وممن يسمون أنفسهم “مندوبي المرشحين” وما حملته أيديهم من حلويات فاخرة وأقلام عالية الجودة مرفقة ببطاقة عليها اسم المرشح، وعبارات “زكاتك حطلنا هالإسم!!”، أو ” اوعك تنسى فلان..!!”؛ لتأتي المرحلة الثانية من المشهد المربك، والتي سببت إحراجاً كبيراً للرفاق المقترعين، مع غياب الغرف السرية التي استعيض عنها بطاولات مكشوفة أمام الرفاق القائمين على التنظيم، ما يوحي للناخبين أنهم مراقبون؛ وان لم يكن الهدف من ذلك هو المراقبة، إلا أنها بدت كذلك، حتى أن البعض صحح للناخبين أخطاء وقعوا فيها أثناء الاقتراع، ما عزز الإحساس بالمراقبة، ونسف سرية الاقتراع، وجاء مناقضاً صراحة لما جاء في بيان القيادة المركزية حين أكد أن “عملية الاستئناس الحزبي تتم عبر آلية الاقتراع الحر، وفي غرف مغلقة، يحدد فيها كل رفيق أسماء من يرى فيهم الجدارة لتمثيل الحزب في هذا الاستحقاق”.
ثالث المشاهد تمثل في الجمهور المحيط بالناخبين، والذي لم يتنبه أحد إلى ضرورة عدم تواجده داخل القاعة إلا في الساعة الأخيرة، ما دفع المنظمين مراراً على فصل المروجين والمرشحين عن الشريط الأحمر الرقيق الفاصل بينهم وبين الناخبين.. ومع ذلك بقي الجميع في الصالة!!
وقد عبر عدد من الناخبين عن عدم استغرابهم وفي النتائج المسجلة، فهي جاءت نتاج سلسلة من الانتخابات الحزبية التي لم تكن على مستوى طموحهم وتطلعاتهم للتغيير، وهذا أمر طبيعي؛ ولم ينس الرفاق بعد ما جرى فيها من إعادة نظر نتيجة للكثير من الشكاوى والاعتراضات، وقد اعتبر بعض الرفاق أن ما جرى تفويت للفرصة التاريخية التي مُنحت للقواعد لاختيار ممثلي الحزب والشعب إلى مجلسهم، وقد بدأ هذا الاحساس يتسلل مع بدايات العد والفرز، حيث أخذت الأرقام ترتفع في اتجاهات ومسارات محددة لأسماء معينة، واستمرت في التصاعد في مشهد أوحى للبعض وكأنها قوائم جاهزة مُعدة بعناية، ويستدل عليها من تقارب أعداد الأصوات الموزعة على أفراد القائمة الناجحة، وتمايز المتصدرين بعدد كبير عن بقية الناجحين، في وقت لم تحصل بعض الشعب (يبرود والمحاربون القدماء) على أي تمثيل ما يخالف الشروط المبينة بالقرار 205 حول تنظيم العملية الانتخابية بضرورة مراعاة التمثيل الجغرافي، وتضمنت قائمة الناجحين 17 ناجحاً من اربع شعب (الزبداني والقطيفة ودوما الاولى والنبك) من أصل 30 وتقاسمت 9 شعب 13 مقعداً.
من جهة أخرى، يمكننا القول إن دقة إحصاء الأوراق وانتظام عملية الفرز والجهد الكبير الذي قام به المشرفون على سير العملية الانتخابية والتدوين اليدوي والإلكتروني كان أبرز ما في المؤتمر، لكن النتائج – وكالعادة في هكذا مناخ – تبنى عليها أحلام وطموحات، بالمقابل تتكسر أخرى، وهذه طبيعة الانتخابات!!