دمشق لاختيار مرشحيها.. ومخالفات بالجملة في استئناسات درعا والقنيطرة والحسكة
محافظات – البعث:
في تجربة جديدة ونوعية داخل الحياة الحزبية والوطنية، تواصلت أمس عمليات الاستئناس لاختيار مرشحي حزب البعث العربي الاشتراكي لانتخابات مجلس الشعب، حيث سجلت مشاركة الرفاق البعثيين بمستويات عالية وغير مسبوقة من المنافسة للفوز بالترشيح ونيل ثقة الكوادر الحزبية، والفوز بثقة المواطنين من خلفهم، رغم التحديات والظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، مجتمعاً ومؤسسات وقوى سياسية.
ومع أن المتابعة السريعة والأولية لسير عمليات الاستئناس قد تكون حافلة بالمفاجآت والمواقف غير المألوفة، ولربما الصادمة، إلا إن الحراك البعثي الداخلي يبدو واعداً بكل معنى الكلمة، ذلك أن قيادة الحزب تدرك تماماً أن الطريق إلى الديموقراطية المفتوحة محفوف بالصعاب والمخاطر، وهو طريق طويل معبداً بالأشواك ويتطلب قدرة هائلة على الصبر والتحمل والأنفاس الطويلة، فالديموقراطية داخل وخارج الحزب لن تأتي بضربة واحدة وهي تحتاج إلى التفهم والانتظار والاستيعاب بما يضع سورية على طريق التعافي السياسي والمجتمعي، وليس أجدر من “البعث” لريادة التجربة.
فقد افتتحت، أمس الاثنين، عملية الاستئناس الحزبي لفرع دمشق للحزب، بحضور وإشراف الرفيق المهندس هلال الهلال الأمين العام المساعد للحزب.
وأكد الرفيق الهلال أن المسؤولية الملقاة على عاتق الرفاق الناجحين ستكون مضاعفة خاصة بعد التحديات الأخيرة التي يتعّرض لها الوطن، مشيراً إلى ضرورة تحويل الكلمة التاريخية لقائد الوطن الرفيق بشار الأسد الأمين العام للحزب لمنهاج عمل، وأوضح أن دور البعثي الأصيل هو الالتصاق بالقواعد الجماهيرية وخدمة المواطنين، وشدّد على ضرورة الالتزام بالشفافية المطلقة والانتخابات الديمقراطية من خلال اتباع آلية الانتخاب الحر بغرف سرية.
وبلغ عدد الناخبين في فرع دمشق ١٥٤٩ رفيقاً ورفيقة، كما بلغ عدد المتنافسين ١٨٦.
درعا
وفي درعا (دعاء الرفاعي)، توالت ردود الأفعال تجاه عملية الاستئناس التي جرت الأسبوع الماضي، وأبدى عدد من الرفاق والرفيقات استغرابهم من الآلية التي فرضت خلال العملية والأخطاء الكثيرة التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد.
وفيما بين المهندس أحمد سويدان، الفائز من فئة الشباب، أن عملية الاستئناس تمّت بمنتهى الشفافية بعيداً عن التكتلات وسط جو من الشفافية والديمقراطية، كشف الرفيق كمال العتمة، الذي لم يحالفه الحظ على الرغم من حصوله على ١٧٧ صوتاً، أنه تمّ توجيه الرفاق المنتخِبِين بانتخاب قائمة مكوّنة من ١٤ مرشحاً، حيث أجهض هذا التوجيه فرص فوز أميني فرع سابقين اثنين، وجميع ضباط الجيش العربي السوري والشرطة المتقاعدين، وهم ٦ ألوية و٣ عمداء و٣ عقداء، وكافة ذوي الشهداء والجرحى والكثير من الرفاق الوطنيين الشرفاء من تلك القائمة، وهو ما يعد مخالفة لتعليمات القيادة، والتي نصّت على أن تبقى القيادات الحزبية والادارية على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وأشار الرفيق العتمة إلى أن المؤتمر لم يبدأ ولم يختتم بنشيد البعث، إضافة إلى أن أسماء المقبولين لم تعلق بفرع الحزب، ولم تعلن إلا ليلة الانتخاب، وهو ما شتت المرشحين لعدم معرفتهم بأرقامهم، كما أن الأرقام تمّ تغييرها لعدة مرات، ما أحدث لغطاً بين المرشحين والناخبين، وأدى لإلغاء عدد كبير من الأوراق. وقال إن النتائج أفرزت إضافة إلى ما سبق حالة من العشائرية، كما أن بعض الناجحين كانوا من خارج المحافظة وتنظيمهم الحزبي خارج فرع درعا، وهذا أمر لا يلبي الشروط المحددة من قبل القيادة، وتمنى إنصاف باقي الرفاق المرشحين وعدم اعتماد نتيجة الاستئناس كنتيجة نهائية، مع الأخذ بعين الاعتبار الموقف السلبي والحيادي لبعض المرشحين ممن ثبت تخلف بعض أبنائهم من خدمة العلم، وضرورة إنصاف باقي الفئات التي لابد أن تمثل كافة شرائح المجتمع.
العديد ممن خاضوا التجربة أكدوا أن سلبيات كثيرة رافقت العملية، وبعض ممن لا يحق لهم الانتخاب شاركوا وأعطوا أصواتهم للبعض دون الآخر، وكلها أخطاء تنظيمية من الضروري أن يتم تلافيها في مرات قادمة، إضافة للفوضى العارمة التي جرت في الغرف السرية، وصعود بعض المرشحين وإجبار الناخبين ضرورة وضع أسمائهم في القائمة، وهو الأمر الذي أثار انزعاج الرفيق ياسر الشوفي عضو القيادة المركزية مشرف فرع درعا، وأكدوا أنه على الرغم من كل السلبيات إلا أن العملية تمت وسط جو من الارتياح.
القنيطرة
وفي القنيطرة (محمد غالب حسين)، وبعد الاستئناس الذي تمّ خلاله انتخاب ضعف العدد من الرفاق البعثيين المرشحين لعضوية مجلس الشعب، حاورت البعث عدداً من الرفاق البعثيين، والذين أجمعوا أن الاستئناس ساهم بزيادة بتوسيع مساحة اتخاذ القرار، لكنها أشارت إلى أن القيادة المركزية للحزب لم تقيّد قبول الترشيح والانتخاب كما يجب، وتركت الأمر فضفاضاً والباب موارباً، وأضافوا: إن مجلس الشعب هو المؤسسة التشريعية الرقابية الأسمى للوطن، ويجب ألا يصل للقبة إلا أصحاب الكفاءة والخبرة والاختصاص، ومن غير المعقول أبداً أن يسمح لمن يحمل الشهادة الثانوية فقط بالترشح، ويجب أن يكون المؤهل العلمي الشهادة الجامعية، واقترحوا أن يكون الاستئناس متسلسلاً تنظيمياً، أي استئناس للشعب الحزبية ومن ثم الفرع، مشيرين إلى أن فرض العنصر الشبابي والنسائي بكل ورقة استئناس ساهم في نتائج لا تسر أبداً.
الحسكة
وفي الحسكة (اسماعيل مطر)، حملت ليلة الاستئناس تحالفات وتقاسم مصالح انتخابية، بهدف الحصول على ثقة الجهاز البعثي، وقبل بدء العملية بساعة سارع مندوبو المرشحين إلى أبواب قاعة الاستئناس ووزعوا بطاقات الدعاية “كروت التعريف” على الناخبين.
“البعث” رصدت آراء عدد من المرشحين والناخبين، والذين أجمعوا على أنه ما حدث أن قيادات الفرق الحزبية في المدن والأرياف لم تعرف المرشح، وربما لم تسمع به من قبل، ما جعل الاختيار يخضع لمعيارين: الأول إما إن المرشح من شريحته حصراً ومن منطقته القريبة منه، أو أن هناك همزة وصل لجأ إليها المرشح لضمان صوت الناخب، والأساليب هنا مختلفة ومتنوعة: إما عشائرية أو زيارة البيوت في القرى. إضافة لذلك فإن بعض قيادات الفرق الحزبية لم يعرف التعامل مع الورقة الانتخابية ومعايير وشروط الاختيار، لذلك ألغيت أوراق انتخابية كثيرة وصلت إلى 331 ورقة، وهذه الأوراق ترجح النجاح لكثير من المرشحين، وتغيّر من نتائج الاستئناس حتى في الترتيب.
وأكد الزميل الإعلامي يونس خلف أنه ربما الأكثر خطورة في عملية الاستئناس ما ظهر حتى الآن من نتائجها، وهو فوز عدد كبير من شريحة واحدة من أصل العدد المطلوب، فلم ينجح من شرائح أخرى رفاق لهم حضورهم وقبوله، وهذا يعني أن البعض لم يتجاوز بعد الأمراض الطائفية والعشائرية، وتركز اهتمامهم على ضمان مقاعد في مجلس الشعب وإقصاء ما تبقى مهما كان حزبهم بحاجة لهم. وتابع: إن إلغاء أكثر من ٣٠٠ ورقة انتخابية يعني عدم جدوى مشاركة أكبر عدد من الرفاق في الاستئناس. لأن النتائج بالمحصلة لم تصل إلى مرحلة الإجماع على المرشح الناجح. فربما تتغير المعطيات عندما يتم فرز كافة الأوراق. ولذلك فإن السؤال المتداول بين الرفاق هو: لماذا تم إلغاء هذ العدد الكبير من الأوراق من أجل العنصر النسائي أو الشبابي وكان يمكن أن يتم اختيار أكثر الشباب اصواتاً بدلا من إلغاء الأوراق؟ واقترحوا أن تكون قائمة الشباب والنساء منفصلة، كما هو الحال بالنسبة لفئة أ والفئة ب، وأن يتم فرز كل الأوراق حتى يتحقق الهدف من توسيع المشاركة.
وأشار الرفيق المحامي عيد سالم المنديل الى أن إنجاز الاستحقاقات الدستورية مصلحة وطنية والمشاركة فيها هو واجب مقدس وحق لكل مواطن، وتمنى أن تكون المرحلة اللاحقة من انتخابات مجلس الشعب واعدة وكبيرة لأن التعويل فيها كما في غيرها على الوعي الكبير الذي يتميز به المواطن السوري دائماً.
وتساءل الرفيق محمود المحيميد: ماهي فائدة استبدال الاسم بالرقم اذا لم يكن هناك عملية فرز الكترونية، وعن سبب الأعداد الكبيرة للأوراق الملغاة، والتي تجاوزت الثلث من عدد أصوات الناخبين، وغياب ما يزيد على الـ 200 رفيقاً ورفيقة.
في المقابل، أشاد الرفيق الدكتور عبد الناصر الابراهيم بعملية الاستئناس وبأنه تمّ معرفة القيادات القاعدية على أرض الواقع وتلمس احتياجاتهم ومطالبهم، فيما ذكر الرفيق فاضل الحوران أنه كان يتم التركيز على التمثيل المناطقي، حيث تم اقصاء بعض الكفاءات من خلال عقد اتفاقات وتكتلات وعشائرية، مبيناً بأن بعض الرفاق أمناء الفرق الحزبية تحكموا بمصير تصويت الرفاق في قيادات الفرق.
واقترح الرفيق عبد الخالق الحمزة من شعبة ريف الحسكة أن تكون عملية الاستئناس على مراحل، بمعنى أن تكون ضمن الشعب والمناطق، ومن ثم تكون المرحلة الأخيرة على مستوى الفرع، فيما أكد الرفيق القاضي عبود الشواخ أهمية كتابة الإسم بدل الرقم، وأن تكون قوائم العنصر الشبابي والنسائي على حدة، وذلك لعدم معرفة الناخبين بطريقة الانتخاب، ودليل ذلك الإعداد الكبيرة من الاوراق الملغاة، وتوسيع العدد المطلوب إلى ثلاثة اضعاف من أجل توسيع دائرة الخيار.
وتساءل الرفيق حمود الدهش من شعبة الجبسة عن عدم عرض الأوراق الملغاة على شاشة العرض، مطالباً قيادات الشعب بأن تشرح الورقة الانتخابية للرفاق الناخبين قبل عملية الاستئناس الحزبي.