ثقافةصحيفة البعث

في عيد الموسيقا.. تحية للموسيقي السوري ….

لم يكن عيد الموسيقا الذي يصادف 21 حزيران، ويحتفل به عادة أكثر من مئة بلد في أوروبا وحول العالم كما يحب الموسيقيون ويتمنون في ظل جائحة كورونا، وهو العيد الذي كانت تُعزَف فيه الموسيقا في أماكن مفتوحة مثل الشوارع والحدائق والساحات والمباني العامة والمتاحف ومحطات القطار.. إلخ، وجميع هذه الحفلات مجانية، ومع هذا لا يمكن أن يمر هذا العيد مرور الكرام عند الموسيقيين بشكل عام والموسيقيين السوريين بشكل خاص لجملة الظروف الصعبة التي عملوا ويعملون بها في ظل الحرب ووباء كورونا.

رسالة السلام

تؤكد عازفة القانون ديمة موازيني أن وجود عيد للموسيقيين يشعرهم بأهمية اختيارهم لهذا الطريق الصعب والممتع في الوقت نفسه، وهو حافز لإكمال المسيرة، مشيرة إلى أنها كموسيقية محترفة اختارت الموسيقا لتكون وسيلتها للتعبير عما تشعر وتفكر به، معتبرة نفسها محظوظة لأنها تملك هذه الوسيلة الراقية لتعرّف من خلالها على نفسها، مبيّنة أن الموسيقا مختلطة بكل تفاصيل حياتها، فآلة القانون صديقتها الوفية، ومن يعرفها يعرف ذلك جيداً، موضحة أن تأثر الناس بالموسيقا هو مصدر سعادة لكل موسيقي، متمنية لكل الموسيقيين السوريين الخير والنجاح لأن نجاح أي موسيقي سوري هو نجاح للموسيقا في سورية، موجهة التحية لكل من بذل جهداً لأن يكون له مكان متميز في سورية والعالم، وهي فخورة بهم جميعاً، وكل ما تتمناه كموسيقية أن يستمر الموسيقيون في أداء رسالة السلام وأن تصل موسيقانا لكل شرائح المجتمع، وأن يكون الموسيقيون السوريون بموسيقاهم خير وسيلة للتوعية وأن تعيش الموسيقا السورية في ظروف أفضل مما مضى، وأن يتم تكريم الموسيقيين في الوقت المناسب وليس في وقت متأخر.

بناء جيل موسيقي

يبيّن إيهاب قطيش قائد أوركسترا النفخيات أن عيد الموسيقا هو عيد لجميع الموسيقيين الجادين الذين يقدمون أعمالاً فنية جادة وجميلة بعيدة عن التشويه للألحان وقريبة من ذائقة الجمهور والمستمعين، مشيراً إلى أن هذا اليوم يعني له الكثير، ويذكّره كيف بدأ دراسته في المعهد العالي للموسيقا وكيف تخرج ومن ثم دراسته للماجستير في التربية الموسيقية في جامعة دمشق واكتسابه للمهارات والأفكار التي جعلها تصب في تطوير قسم النفخيات والإيقاع في معهد صلحي الوادي حين كان رئيساً للقسم لمدة خمس سنوات، مبيناً أن طموحه هو بناء جيل موسيقي واعٍ ومحترف ومبدع ويعمل بجدّ على تطوير نفسه من خلال الدراسة وجمع المعلومات بكل الوسائل والمتابعة المستمرة للتطورات التي تشهدها الموسيقا، مؤكداً أنه يضع كل إمكاناته الموسيقية لتخريج عازفين مهتمين بالموسيقا الكلاسيكية الجادة.. ووجه التحية في هذا العيد لأساتذته الذين ساندوه وساهموا بتطويره ولكل الزملاء الموسيقيين المبدعين والملهمين للأجيال القادمة المتلهفة لإيجاد القدوة المثلى والإخلاص ولأصدقائه وزملائه على جهودهم الكبيرة في مساعدته في تأسيس أوركسترا النفخيات السورية.

الموسيقا في وجه الحرب

يشير علي أحمد قائد أوركسترا شام الإيقاعية إلى أن هذا  العيد يعني كل موسيقي في العالم، وخاصة في سورية التي واجه فيها الموسيقي الحرب بالموسيقا التي لعبت دوراً كبيراً في الدعم النفسي للناس من خلال موسيقيين عانوا الكثير في ظل نقص الكوادر، خاصة في السنوات الأولى من الحرب، فبذلوا جهوداً كبيرة لتهيئة جيل يسد النقص الموجود والعمل ما زال مستمراً من خلال معهد صلحي الوادي ومديرية المعاهد الموسيقية اللذين ساهما في رفد الفرق بكوادر جديدة لنقاوم بثقافتنا الحقيقية الأكاديمية، مبيناً أحمد أن تجارب عديدة قُدمت خلال سنوات الحرب وهي تجارب تستحق أن تكون عالمية، وقد أثبتت اجتهاد وإبداع الموسيقي السوري المصرّ دائماً على تقديم الغنى الثقافي والوجه الحضاري.. من هنا يحتفي أحمد بعيد الموسيقا من خلال إصراره على أن يبقى مستمراً بطاقته وأن يقدم كل ما فيه مصلحة الفن في سورية البلد الذي يستحق، موجهاً التحية لكل الفنانين الموسيقيين الذين بقوا في سورية وعملوا بجد في ظل ظروف صعبة وما زالوا يقدمون ما عندهم بمحبة وإخلاص ويبدعون لترميم النقص الذي أحدثته الحرب، موجهاً الشكر لوزارة الثقافة ودار الأوبرا والمعهد العالي للموسيقا ومديرية المسارح والموسيقا ومديرية المعاهد الموسيقية، وهي جهات راعية وداعمة للموسيقي السوري ومساهمة في بناء جيل جديد سيكون داعماً كبيراً للثقافة السورية في الأيام القادمة.

فجر جديد

عيد الموسيقا العالمي بالنسبة لعازف القانون حسام المهدي ليس يوماً واحداً، ففي كل يوم يبزغ فجر جديد يشعر أنه يوم للموسيقا، فهو لا يبتعد عن الآلة التي لا تفارقه، متذكراً في هذا اليوم أساتذة رحلوا وقد وضعوا لمساتهم على مسيرته، وطيفهم لا يبارحه أبداً، وهو يقول للجيل الجديد الذي يكنّ له كل الحب: “لاتيأس من شيء.. تعلم وأبدع وثابر، فمن خلال الموسيقا تستطيع إيصال إحساسك وشعورك وتستطيع خدمة بلدك وقضيتك”، في حين يخاطب زملاءه من أساتذة وطلاب: “أنتم مرآة الوطن والوجه المشرق الجميل الذي ينير درب الظلمة، وأنتم من ترفعون راية الحب والأمن والأمان من خلال حبكم لبعض وغيرتكم على بلدكم، فلا تتركوها لأي سبب”.

تقليد عالمي

وينوّه محمد زغلول رئيس مجلس الفرقة السيمفونية الوطنية بأن عيد الموسيقا أصبح تقليداً عالمياً، والموسيقا بالنسبة له ولكل من يعتاد عليها هي الحياة لأنها تلامسنا وتشاركنا حياتنا وتبقى مرافقةً لنا في كل حالات الحياة من حزن وفرح ونجاح وتأمل، وهي منذ الأزل كانت مرافقةً للإنسان في حروبه وانتصاراته، وهي جزء من الطبيعة وقد تطورت تباعاً، وفي هذا اليوم يعايد زغلول كل الموسيقيين في العالم، ويخص بالذكر الموسيقي السوري الذي رغم سنوات الحرب الطويلة والظروف الصحية الصعبة التي نعاني منها على مستوى العالم ظل مستمراً في عمله ويشارك في الحفلات ويدرّس في المعاهد كما كان موجوداً من خلال مقاطع الفيديو على الانترنت في ظل جائحة كورونا لزرع الأمل والتفاؤل لدى مختلف شرائح الشعب، متمنياً أن ينال الموسيقي السوري الرعاية والاهتمام في ظل دعم المؤسسات الرسمية من خلال إقامة الحفلات والأنشطة، والمطلوب أكثر على صعيد الرعاية الصحية بحكم تعرضهم لحالات صحية قد تمنعهم من مزاولة العمل في عمر مبكر، موجهاً التحية لكل موسيقي يساهم في إيصال رسالة الموسيقا، وهي رسالة الحب والسلام النابعة من أقدم مدينة في التاريخ.

الموسيقا الراقية

ويتوجه المطرب عبد النور بلكة بهذه المناسبة بالتحية لزملائه الفنانين ولكل من شجعه ودعمه في موهبته ولكل من منحه علمه في هذا المجال، ويخص روح الراحل الموسيقار عدنان أبو الشامات، داعياً الجميع وخصوصاً زملاءه الموسيقيين الحفاظ على المستوى الراقي للموسيقا والابتعاد عن كل مايؤدي بهذا الفن الراقي إلى المستوى الهابط الذي بات منتشراً هذه الأيام، مشيراً إلى أهمية أن يكون للموسيقا الراقية الدور الأبرز في إعلامنا، وأن تكون الفرص متاحة لمن يملك الموهبة بعيداً عن المحسوبيات لأن من لايملك مفاتيح هذا الفن الراقي من خلال موهبته لايمكن لأحد أن يعلمه إياه، فالموسيقا موهبة تُخلَق مع الإنسان ويمكن صقلها ودعمها بالعلم، لكن لايمكن أن نوجدها بالقوة في أشخاص لايملكونها.

أمينة عباس