أنياب الإعلام
محمد كنايسي
أثارت الانتقادات الموجهة لعملية للاستئناس الحزبي ردود فعل مختلفة بين مرحب بها، ومستاء منها، مع وجود قلّة لا تكترث بالأمر وترى أن تأمين اللقمة أهم من الخوض فيه…
لكن ما يلفت النظر بشكل خاص هو حالة الاستغراب التي يعيشها الكثيرون، والتساؤلات العديدة ذات الصلة. ويبدو أن تلك الانتقادات قد فاجأت الكثيرين الذين كانوا يتوقعون أنها خط أحمر لا يمكن أن تُطرح إلا في وسائل التواصل الاجتماعي – هذا إذا طُرحت – مما يسهّل الرد عليها بالقول الجاهز المعروف إن هذه الوسائل غير ذات مصداقية، فإذا بها تُنشر في موقعي صحيفة البعث والبعث ميديا، وهذه وسائل إعلامية لا يمكن الطعن في مصداقيتها، فضلاً عن أنها تمثّل بالأساس حاملاً لأعلام الحزب. فما الذي حدث؟ هذا هو السؤال الذي يؤرق الذين يريدون لإعلام البعث أن ينحصر في تغطية الأنشطة ونقل الأخبار الحزبية، وكفى الله المؤمنين شر القتال؟، أما أن ينقد هذا الإعلام السلبيات، ويمارس دوراً رقابياً يكشف الأخطاء، فهذا أمر غير طبيعي في رأي من لا يريد له أن يقوم بدوره الوطني المطلوب. وأما السؤال لماذا الآن؟، فسؤال استنكاري يفضح العقلية النمطية التي ترى في الإعلام وسيلة تجميلية أو لا يكون، وكأن الإعلام مفصّل على مقاس هذا المسؤول أو ذاك، وهذا المتنفّذ أو ذاك، وهذا التاجر أو ذاك، في مختلف المواقع…
وإذا كنا نتفهّم انزعاج السلطة التنفيذية من الإعلام، ورغبتها الدائمة في قصر دوره على تلميع سياساتها صحيحة كانت أم خاطئة، فإننا لا نتفهم وجود من يريد أن ينزع أنياب الإعلام في الوسط الحزبي، ويحرم جماهير الحزب والشعب من دور رقابي قادر على حماية المجتمع من تغوّل السلطة وتعسّفها…
ما يحدث بكل بساطة هو أن إعلام الحزب يمارس دوره بكل مهنية وموضوعية في تغطية تجربة ديمقراطية جديدة داخل الحزب هي الاستئناس الموسّع، لأنه يريد لهذه العملية أن تكون فعلاً ديمقراطية ونزيهة وشفافة، خاصة وأنها تتعلق بممثلي الحزب لانتخابات مجلس الشعب، هذا المجلس الذي يتطلع إليه السوريون، وينتظرون منه الكثير في هذه الفترة الدقيقة من حياة الوطن، فالوطن يواجه اليوم تحديات مصيرية، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته كاملة غير منقوصة، وفي المقدمة حزب البعث، وهذا هو بالضبط ما يريده الحزب في هذه المرحلة: أن يتقدم الصفوف في تنفيذ مهمة تصحيح الأوضاع، مما يقتضي أن يبدأ بنفسه، وهو ما يفعله إعلامه الآن بكل مسؤولية.