سياسات أردوغان وكورونا ينهكان الاقتصاد التركي
كشف البنك المركزي في تركيا، أمس الخميس، أن ارتدادات جائحة كورونا تسببت في توقف شبه تام لعجلة الاقتصاد التركي في الربع الثاني من العام، لكن مراقبون يؤكدون أنه “صحيح أن فيروس كورونا فاقم متاعب الاقتصاد التركي إلا أن تدخلات رئيس النظام رجب طيب أردوغان في السياسة النقدية وقيادته معركة خفض نسبة الفائدة إضافة إلى تسميمه علاقات تركيا مع أهم شركائها الأوروبيين، كانت كلها سبباً منطقياً لدفع الاقتصاد التركي إلى حالة الركود”.
وكان لافتاً خلال الأشهر الماضية أن الاقتصاد التركي دخل بالفعل في حالة ركود، وبدت مؤشرات التعافي بعيدة جداً، في ظل تراجع حاد لعدد السياح، خاصة من ألمانيا، التي قررت تمديد حظر السفر إلى تركيا باعتبارها بؤرة خطيرة لفيروس كورونا.
كما تضررت معظم القطاعات الإنتاجية الحيوية الصناعية منها والتحويلية وصناعات النسيج وغيرها من القطاعات التي كانت توفر إيرادات ضخمة للخزينة التركية.
ولم يعد من الممكن تصديق الرواية الرسمية حول تعافي الاقتصادي واختزال علله في “مؤامرة خارجية” مزعومة، خاصة مع مسار الهبوط الحاد في قيمة الليرة وارتفاع نسبة التضخم ومعدل البطالة.
وفي أوضح إشارة على مسؤولية أردوغان عن تدهور الوضع الاقتصادي، أعلن البنك المركزي، على نحو غير متوقع، إيقاف دورة تيسير نقدي استمرت لما يقرب من عام عبر الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8.25 بالمئة، وعزا ذلك إلى ضغوط إلى الجانب صعودي التضخم خلال أزمة جائحة كورونا.
ويخوض أردوغان منذ سنوات معركة لخفض نسبة الفائدة، وبالفعل خضع البنك المركزي للضغوط التي مارسها أردوغان، ومنها إقالة مسؤولين عارضوا هذه الخطوة لأنها تناقض كل أراء خبراء الاقتصاد، واضطر لخفض نسبة الفائدة تنفيذاً لإملاءات أردوغان، فكانت النتيجة كارثية، فتفاقمت أزمة العملة (الليرة) التي شهدت موجة انهيار غير مسبوقة وصلت العام الماضي إلى نحو 40 بالمئة، وتجددت موجة الانهيار في النصف الأول من العام الحالي، كما ارتفعت نسبة التضخم.
ويزعم أردوغان: إنه “يحارب لوبي الفائدة العالية، وأن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يعيد الاستقرار لليرة ويضغط على نسبة التضخم”.
وخفض المركزي سعر الفائدة الرئيسي في تسعة اجتماعات متعاقبة منذ تموز من العام الماضي بعد أن كان وقتها 24 بالمئة.
وقفزت الليرة التركية التي تراجعت بنسبة 13 بالمئة منذ بداية العام في البداية عندما قرر المركزي عدم خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعاً. ومع بلوغ التضخم 11.4 بالمئة فإن أسعار الفائدة الحقيقية تقع بالفعل في المنطقة السلبية بدرجة كبيرة.
ويثبت ذلك أن دفع أردوغان لخفض سعر الفائدة وإقالته في السابق لمسؤولين في البنك المركزي عارضوا اقتحامه وتدخلاته في السياسة النقدية، أن علل الاقتصاد في سياساته.
وفي نيسان خفض البنك المركزي توقعاته للتضخم بنهاية العام إلى 7.4 بالمئة من 8.2 بالمئة سابقاً. وكرر المركزي أمس الخميس أن تأثيرات تباطؤ معدل التضخم “ستكون أكثر وضوحاً في النصف الثاني من العام”، بينما توقع محللون أن ينخفض سعر الفائدة الرئيسية إلى ثمانية بالمئة.