ترامب يحرج قادة العالم..!
ترجمة وإعداد: عائدة أسعد
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يواجه حلفاء أمريكا ومنافسوها خياراً صعباً، ولسان حالهم يقول: ننتظر لنرى ما إذا كان سيخسر جو بايدن المرشّح الديمقراطي المفترض، أو نبرم صفقات الآن لتجنب التفاوض مع ترامب في ولاية ثانية، تناول ترامب هذه المعضلة بنفسه في تغريدة أطلقها في وقت سابق من هذا الشهر: “لا تنتظروا إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية لإبرام الصفقة الكبرى، سأفوز، وصفقتكم الآن أفضل”، ووفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات، طبقت الإدارة الأمريكية التحذيرات نفسها بالضغط على منظمة الصحة العالمية خلال انتشار وباء COVID-19 من أجل إجراء تغييرات لإعادة تدفق التمويل الأمريكي مرة أخرى، والتأكيد أن الطلب هو نفسه: “الالتزام بالإصلاحات التي تهدف إلى تحسين الشفافية، والقضاء على التحيز الملموس تجاه الصين، أو تقديم تنازلات أكثر إيلاماً إذا أعيد انتخاب ترامب”.
ربما ذاقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مخاطر تجاهل البيت الأبيض، فبعد أيام من رفضها دعوة ترامب لحضور قمة مجموعة السبع التي أراد عقدها خارج واشنطن هذا الشهر، أعلنت إدارته عن خطط لسحب ربع القوات الأمريكية المتمركزة حالياً في ألمانيا، وقال ترامب إنه يقوم بذلك لأن ألمانيا لا تفي بالتزامها كعضو في الناتو بإنفاق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024، بينما عزت ميركل رفضها القدوم إلى الولايات المتحدة بحجة الوباء قائلة إنه من السابق لأوانه عقد لقاء شخصي مثل الاجتماع الذي اقترحه ترامب.
في الوقت الحالي يبدو أن الدول أمام خيارين: إما أن تتوقف عن إبرام صفقات مع إدارة ترامب، أو تتمسك بأسلحتها في حال تخفيف إدارة بايدن للموقف الأمريكي، على سبيل المثال لاتزال كوريا الجنوبية تقاوم المطالب الأمريكية بدفع المزيد لاستضافة 28 ألف جندي أمريكي متمركزين في شبه الجزيرة، بينما تتعهد العديد من الدول الأوروبية بالمضي قدماً في خطط فرض الضرائب على شركات التكنولوجيا، على الرغم من تهديد الولايات المتحدة بالانتقام من الرسوم الجمركية.
يقول جون تشيبمان، المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: ستختبئ الكثير من الدول في أوروبا وآسيا خلف COVID-19 وستضغط على زر الإيقاف المؤقت قائلة إنه من الصعب للغاية القيام بالعمل كالمعتاد، ومع احتمال عدم اختفاء الوباء قبل تشرين الأول فإن هذا النطاق الزمني يتناسب مع الانتخابات الأمريكية، وقد يؤدي رد إدارة ترامب المحلي على الفيروس التاجي، والاحتجاجات الأخيرة المناهضة للعنصرية، إلى اختيار العواصم الأجنبية للانتظار، وعدم إبرام الصفقات، وكل هذه الأحداث مجتمعة ستثير تساؤلاً حول ما إذا كان الأمر يستحق الاستثمار أكثر في رئاسة ترامب.
وحسب المسؤولين الحاليين والسابقين، ربما تتخذ الصين نهجاً مماثلاً في الانتظار والترقب، ويقولون إن قادة بكين قد حسبوا أن ولاية ترامب الثانية ستخدم مصالحهم، وفي الغالب بسبب الضرر الذي ألحقه بتحالفات الولايات المتحدة مع الدول الغربية الأخرى.
ووفقاً لكتاب جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق لترامب، لم يخف ترامب رغبته في الحصول على خدمات سياسية، فقد طلب العام الماضي من الرئيس الصيني شي جين بينغ شراء المزيد من المنتجات الزراعية لمساعدته على الفوز بالأصوات في ولايات ساحة المعركة في انتخابات 2020.
كما أعربت الحكومات الغربية عن قلقها بشأن تفضيل ترامب للتحالفات على أساس المعاملات وليس القيم، فعلى سبيل المثال رفضت المملكة المتحدة وكندا خطة ترامب لدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اجتماع مؤجل لمجموعة السبع.
قال بريت ماكغورك المبعوث الأمريكي الخاص السابق للتحالف الذي يقاتل تنظيم “داعش”، والذي ينتقد ترامب بشكل متكرر: إنه في ظل هذا الرئيس انعدمت مصافحة أيدينا، وأصبحت قيمنا في حالة يرثى لها، فهذا الخزان من القوة الناعمة يتم استنزافه أمام أعين العالم، كما أن مسؤولي الإدارة وجهوا الكثير من استراتيجيتهم حول إيران في الأشهر الأخيرة على نحو جعل الأمر أكثر صعوبة على جميع الأطراف لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 في حال فوز بايدن بالبيت الأبيض، وترامب يتطلع إلى تعزيز العلاقات مع الزعماء الذين يشككون في الاتحاد الأوروبي مثل رئيس بولندا أندريه دودا، كما قام المبعوث الأمريكي الخاص للبلقان ريتشارد جرينيل، وهو موال لترامب، بتنظيم اجتماع لقادة صربيا وكوسوفو في واشنطن لتهميش الاتحاد الأوروبي.
إن شركاء الولايات المتحدة لا يترددون في العمل مع ترامب، فقد سارعت استراليا لقبول دعوته للاجتماع، واستراليا واليابان تدعمان بقوة موقفه بشأن احتواء الصين، أما بالنسبة لبايدن فقد تعهد بإلغاء سياسات ترامب التي كانت بحد ذاتها انتكاسات جذرية، ويقول إنه سيعيد دخول اتفاقية باريس بشأن المناخ في اليوم الأول من إدارته، ويراجع جميع التعرفات والعقوبات الأمريكية المفروضة بموجب ترامب، ووفقاً لموقع حملة بايدن على الأنترنت إذا أعادت إيران التزاماتها بموجب الاتفاق النووي فإن الولايات المتحدة ستعزز الاتفاقية وتمددها.