استنزاف !!
لم تلق النداءات المطالبة بحماية الثروة الحيوانية التي تتناقص شيئاً فشيئاً آذاناً صاغية بل على العكس فقد ازداد واقعها سوءاً، حيث غابت الإجراءات الصارمة للحد من التدهور الكبير في أعداد هذه الثروة الوطنية التي لم تسلم من التهريب وتزايد عمليات الذبح العشوائي بحقها، خاصة الثروة الغنمية التي تحتل الأولوية في ترتيب الثروة الحيوانية في بلدنا نظراً لضخامة أعدادها ونسبة مساهمتها في إنتاج اللحم والحليب والصوف فهي تساهم بحوالى 70 ٪ من اللحوم الحمراء و32 ٪ من إجمالي الحليب المنتج، وهي من عروق العواس الذي يعتبر من أفضل عروق الأغنام في المنطقة، ولكنها وللأسف تتعرض للاستنزاف بشكل كبير وتحديداً ظاهرة ذبح الإناث، التي تخطت كافة الخطوط الحمراء إذ يتمّ يومياً ذبح أعدادِ كبيرة من الإناث بعضها داخل المسالخ والبعض الآخر خارجه، وما أكثرها في هذه الأيام الخارجة عن القانون وسلطته الرقابية.
ويبدو أن استمرار هذا الواقع الذي شكلت الظروف بيئة حاضنة لمخالفاته وانتهاكاته المفضوحة.. ينبئ فيما لو استمر الوضع على حاله بانقراض هذه الثروة المستباحة التي عجزت كل القوانين والإجراءات الرقابية عن لجم الممارسات اللامسؤولة التي تتم في سوق المواشي واللحوم، فالضمير غائب والطمع والجشع أكثر حضوراً في أسواق تجمع بين المخالفة التموينية والصحية فليس هناك مراقبة أو إشراف على عمليات الذبح التي تتم بصورة غير قانونية للتأكد من صلاحيتها للاستخدام البشري، خاصة تلك اللحوم التي تباع على البسطات وفي الطرقات وفي الوقت ذاته ليس هناك رقيب أو حسيب لأسعارها المتصاعدة.
ولاشك أن جولة واحدة في سوق باب سريجة وفي ساعات الصباح الباكر ستكون كافية لإزاحة الستار عن عشرات المخالفات التي تتم في غفلة من الجهات الرقابية فالأغنام تُذبح وتُعلّق في المحلات وبشكلٍ علني ودون أي ختم يؤكد مصدرها ومدى سلامتها وخلوها من الأمراض.
ويبقى السؤال: من ينقذ ثروتنا الحيوانية من التهريب والذبح العشوائي الذي يطالها يومياً؟، ومن ينقذ مواطننا المصلوب على أعباء الأزمة من الاستغلال؟، وهل تضع الجهات المعنية حداً لحالة الفوضى والإهمال التي تزداد يوماً بعد يوم سواء في الأسواق أو في أماكن أخرى مازالت خارج المتابعة والاهتمام.
بشير فرزان