أخبارصحيفة البعث

أثيوبيا تناور.. وملف سد النهضة إلى المربع الأول

تناور أديس أبابا فيما يتعلق بملء خزان سد النهضة، عبر إطلاق تصريحات متناقضة تعيد أزمة السد إلى مربعها الأول. فقد أعلنت، أمس السبت، أنها تنوي بدء ملء سدّها العملاق على نهر النيل في “الأسبوعين المقبلين”، متعهّدة في الوقت نفسه بمحاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر والسودان خلال هذه الفترة، برعاية الاتحاد الأفريقي.

ويناقض البيان، الذي صدر أمس السبت عن مكتب رئيس الوزراء أبيي أحمد، جزئياً تصريحات أدلى بها مسؤولون مصريون وسودانيون، مساء الجمعة، وأكدوا فيها التوصل الى اتفاق بين الدول الثلاث خلال قمة افتراضية جمعتها، مع ثلاث دول أفريقية أخرى، على وقف ملء السد إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول الموضوع.

كما يناقض بيان مكتب أبيي أحمد تصريح وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، الذي أكد في تغريدة على تويتر أنه “تمّ التوصل إلى توافق لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سد النهضة الإثيوبي الكبير في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع”.

وتظهر تلك التصريحات المتناقضة جلياً أن أثيوبيا غير جدية في إنهاء الأزمة بطريقة سلمية، ووفق توافقات تجنّب المنطقة صراعات هي في غنى عنها، في ظل أزمات متلاحقة تعصف بشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، كما تظهر أن أديس أبابا تحاول فرض شروطها على مصر، معتقدة بأن الجهود المصرية منصبة على الملف الليبي، واقتراب خطر التنظيمات التكفيرية من حدودها الغربية، لكن القاهرة مصرّة على حماية أمنها القومي ومصالحها من كل الأخطار.

وكانت أثيوبيا أكدت إجراء “مناقشات مثمرة” فقط بمساعدة الاتحاد الأفريقي، وذلك في بيان لوزارة الخارجية، وأضاف: إن السد المشيد على النيل الأزرق، مصدر معظم مياه النيل، يوفر “فرصة لكل الأطراف لنمو اقتصادي غير مسبوق وتنمية مشتركة”، وتضيف: إن مشروع الطاقة الكهرومائية، الذي يتكلف أربعة مليارات دولار، سيولد طاقة تبلغ 6450 ميغاوات.

وعقدت عبر الانترنت، بين زعماء مصر والسودان وإثيوبيا ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، الذي يرأس الاتحاد الأفريقي، قمة. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، في تغريدة على تويتر، إن الزعماء الثلاثة “اتفقوا على عملية يقودها الاتحاد لحل القضايا العالقة”، لكنه لم يقدم تفاصيل.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان عقب القمة: إن إثيوبيا لن تتخذ أية إجراءات أحادية بشأن ملء خزان السد، فيما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: “إن رؤية مصر في هذا الشأن تتمثّل في أهمية العودة للتفاوض، والعمل بجد ودأب من أجل التوصل في أقرب فرصة ممكنة إلى اتفاق حول سد النهضة، مع العمل على تهيئة البيئة المواتية لنجاح هذه المفاوضات، من خلال تعهد إثيوبيا بعدم الإقدام على أي خطوة أحادية”.

وكانت أثيوبيا أصرت على استغلال الأمطار الموسمية للبدء في ملء خزان السد الشهر المقبل، لكن القاهرة لجأت إلى مجلس الأمن الدولي، وذلك في تحرك دبلوماسي أخير، فيما حذّرت الخرطوم من أنّ ملء سد النهضة الاثيوبي دون التوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا يعرّض حياة ملايين الأشخاص للخطر بسبب تأثيره على تشغيل سد الروصيرص السوداني.

ويعقد مجلس الأمن، المؤلف من 15 بلداً، جلسة عامة غداً الاثنين، فيما قال وليام ديفيسون المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية: “هناك تهديد يتمثّل في تدهور العلاقات بين إثيوبيا ودولتي المصب، ومن ثم زيادة الاضطرابات الإقليمية”.

والمخاطر كبيرة بالنسبة لمصر، التي تمتد بها الأراضي الصحراوية، لأنها تحصل على 90 بالمئة على الأقل من مياهها العذبة من نهر النيل.