سورية تطالب الأمم المتحدة بتقرير عاجل حول قانونية الحصار الاقتصادي الغربي
جددت سورية، أمس الأحد، مطالبة الأمم المتحدة بإعداد تقرير عن مدى انسجام القوانين والقرارات التنفيذية الصادرة عن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بفرض حصار اقتصادي على الشعب السوري مع أحكام الميثاق والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، في رسالة وجّهها إلى الأمين العام للمنظمة الدولية ورئيس مجلس الأمن، أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أقدما منذ فترة زمنية على إصدار قرارين تنفيذيين لتجديد وتشديد مفاعيل الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وذلك بالتوازي مع الإعلان الصادر عن الإدارة الأمريكية في السابع عشر من الشهر الجاري حول دخول ما يسمى “قانون قيصر” حيّز التنفيذ، والذي يتضمن فرض إجراءات جديدة اقتصادية ومالية ومصرفية قسرية أحادية الجانب ضد سورية وضد كل طرف ثالث يسعى إلى المشاركة في نشاطات اقتصادية وتجارية استثمارية وخدمية داخل سورية.
وجدد الجعفري مطالبة سورية الأمين العام للأمم المتحدة بتكليف الجهات القانونية والسياسية المختصة في الأمانة العامة إعداد تقرير عاجل يتضمّن توصيات عملية حول مدى انسجام القوانين والقرارات التنفيذية الصادرة عن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بفرض حصار اقتصادي على الشعب السوري مع أحكام الميثاق والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والآثار السلبية العميقة للإجراءات القسرية الأمريكية والأوروبية أحادية الجانب على حياة الشعب السوري وعلى قدرة الأمم المتحدة على تنفيذ برامجها لتقديم المساعدات الإنسانية في سورية.
ولفت الجعفري إلى ضرورة أن يشير التقرير إلى التحديات الخطيرة الناجمة عن الإجراءات الأمريكية والأوروبية القسرية أحادية الجانب على مسار العملية السياسية، التي من المفترض أن تكون سورية يقودها ويمتلكها السوريون أنفسهم دون تدخل خارجي، وأن تسهلها الأمم المتحدة من خلال مهمة المبعوث الخاص للأمين العام غير بيدرسون، الذي أقر مؤخراً بالآثار العميقة للإجراءات القسرية الانفرادية على الشعب السوري، وذلك في إحاطته أمام مجلس الأمن في السادس عشر من الشهر الجاري، وبين أن سورية أكدت في تلك الجلسة على طلبها الرسمي هذا ولا تزال تنتظر من الأمين العام الاستجابة له وإعلامها في أقرب وقت ممكن بما تمّ أو سيتم اتخاذه من إجراءات وخطوات في التعامل مع هذا الموضوع الخطير والمهم اتساقاً مع موقّعه وولايته ودوره في تيسير العملية السياسية في سورية، مشدداً على ضرورة إصدار هذه الرسالة كوثيقة من وثائق مجلس الأمن.
وكانت سورية تقدّمت بشكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن نهاية الشهر الماضي طالبت فيها الأمين العام بتكليف الجهات القانونية المختصة في الأمانة العامة إعداد تقرير عاجل حول مدى انسجام القوانين والقرارات التنفيذية الصادرة عن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بتجديد مفاعيل الإجراءات القسرية المفروضة ضد سورية بالتوازي مع دخول ما يسمى “قانون قيصر” الأمريكي حيز التنفيذ مع أحكام الميثاق وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآثارها السلبية على حياة الشعب السوري، مؤكدة أن الممارسات والجرائم المرتكبة من قبل حكومات تلك الدول ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وتشكل خرقا لأحكام ومبادئ القانون الدولي واعتداء مباشراً على سلامة واستقلال ووحدة الأراضي السورية.
تعطيل إعادة إعمار سورية وعودة المهجرين
هذا وأدان اتحاد المهندسين الزراعيين العرب “قانون قيصر”، الذي يستهدف الشعب السوري، مؤكداً أنه مخالف لجميع القوانين والتشريعات الدولية، وأشار الاتحاد إلى أن الإجراء الأمريكي يستهدف التقانات والسلع والمواد الأساسية لحياة الشعب السوري، الذي هو وحده من سيتحمّل تأثير هذا “القانون”، الذي يرمي إلى إخضاع سورية للإملاءات الأمريكية ومنع الشركات ورجال الأعمال من المساهمة في إعادة إعمار سورية. ودعا الاتحاد إلى رفض تطبيق جميع الإجراءات أحادية الجانب التي فرضتها وتفرضها الإدارة الأمريكية على أي دولة عربية باعتبارها مخالفة للقانون الدولي واتخاذ موقف من الدول التي تنفذها.
ولفت الاتحاد إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة اعتمدت خلال العقود الأربعة الأخيرة سياسة فرض إجراءات أحادية مخالفة لأحكام القانون الدولي على الدول التي تخالف السياسات الأمريكية المعادية لأهداف ومصالح السيادة الوطنية للدول، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات شملت بآثارها معظم الدول العربية من العراق وليبيا والسودان ولبنان واليمن وفلسطين وغيرها لأسباب واتهامات باطل، ورأى أن الأهداف الحقيقية لـ “قانون قيصر” تعطيل إعادة إعمار سورية وكذلك تعطيل مشروعات إعادة المهجرين السوريين إلى مناطقهم بعد إعمارها وبالتالي استمرار معاناتهم، ووقف المساعي التي تقوم بها الدولة لإعادة المناطق الحدودية الشمالية الشرقية وخروج القوات الأجنبية منها بمن فيها الأمريكية والتركية.
ودعا الاتحاد في ختام بيانه الدول العربية لتكون قوة تنهي جميع مظاهر التدخل الأجنبي في شؤونها وتحافظ على مواردها الوطنية من الابتزاز الذي تمارسه الإدارة الأمريكية، مؤكداً أنه بالعمل والتعاون والتكامل تتحقق الأهداف والمصالح التي ينشدها جميع العرب.
“قيصر” يكشف الوجه الحقيقي القبيح للولايات المتحدة
وفي عمان، أكد المجلس الأردني للسياسات الشعبية أن سورية بصمود وتضحيات شعبها وجيشها حمت المنطقة بأسرها، ومن ضمنها الأردن، من الارهاب وتمدده وجرائمه. وأوضح العميد المتقاعد سامي المجالي رئيس المجلس، خلال لقائه القائم بأعمال سفارة سورية فى عمان الدكتور شفيق ديوب على رأس وفد من أعضاء المجلس في مبنى السفارة، أن “ما تتعرض له سورية يمس الأردن في الصميم”، فيما نوه أعضاء الوفد بصمود سورية وأكدوا وقوفهم إلى جانبها في مواجهة الحرب الظالمة، مشددين على أن “قانون قيصر”، الذي فرضته الولايات المتحدة على سورية، يكشف الوجه الحقيقي القبيح للولايات المتحدة.
بدوره قدّم الدكتور ديوب خلال اللقاء عرضا لآخر التطورات في سورية، مبيناً أن الحكومة السورية اتخذت الإجراءات المناسبة للحد من تأثيرات هذا القانون الجائر على الشعب السوري وهي تواصل مع أصدقائها وحلفائها العمل لذات الهدف، ولفت إلى أن سورية تتعرض منذ زمن طويل لإجراءات قسرية أحادية الجانب من قبل الدول الغربية وقد نجحت باستمرار في تجاوز آثارها والانتصار عليها، و”قانون قيصر” لن يختلف عن ذلك، مشدداً على أن أي تحسن في العلاقات بين عمان ودمشق يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
وفي تصريح عقب اللقاء، أوضح المجالي أن الزيارة إلى السفارة السورية في عمان تهدف للتعبير مجدداً عن التضامن مع الشعب السوري بمواجهة “قانون قيصر”، الذي يمثّل الثقافة الأمريكية في أبشع صورها، ولا سيما أن الوقائع تدحض المزاعم الأمريكية، وتؤكد أن هذا القانون الجائر سن ضد الشعب السوري، كما أن تصرفات الإدارة الأمريكية كانت وما زالت تستهدف هذا الشعب عبر حرق محاصيل الحبوب وسرقة الغاز والنفط وقصف المدنيين وعرقلة أي حل سياسي للأزمة في سورية، مشيراً إلى أن الأردن وشعبه متضرران من هذا القانون وتداعياته.
تداعيات سلبية ستطال شعوب المنطقة
وفي بيروت، جدد رئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل مصطفى الفوعاني انتقاد الحصار الاقتصادي والإجراءات الأميركية القسرية المفروضة على سورية، مشدداً على الوقوف إلى جانبها في وجه هذه الممارسات، وأضاف: “لا بد لنا من التأكيد أننا نقف إلى جانب سورية، وسنتجاوز معاً هذه المؤامرة كما تجاوزنا كل المؤامرات السابقة وانتصرنا في كل الحروب”، مؤكداً أن هذا الموقف المبدئي لحركة أمل هو موقف الحليف الوفي لمن وقف دوماً إلى جانب لبنان ومقاومته، لافتاً إلى أن “قانون قيصر” لا يستهدف سورية فقط وإنما كل محور الممانعة وشعوبها مجدداً التمسك بالثوابت الوطنية المقاومة.
بدوره أكد جوزيف قصيفي، رئيس نقابة محرري الصحافة اللبنانية، أن “قانون قيصر” يحمل تداعيات سلبية مباشرة على الشعب السوري ستطال أيضاً الشعب اللبناني والأردن وشعوب المنطقة، لافتاً إلى أن ما تقوم به الإدارة الأميركية هو ظلم موصوف ويتطلب الصمود والثبات لمواجهة تداعياته وآثاره.