المعيار الحقيقي
بين البداية والخاتمة في أي عمل منجز أو قيد الإنجاز تتفاوت النتائج والمخرجات، فيما يبقى النجاح والفشل مرهوناً بالقدرة الفائقة على الفهم وهضم الخطط والبرامج الموضوعة لجهة مدخلاتها وأدواتها، والمفترض أن تكون مبنية على أسس ومعايير علمية، تعطي في المحصلة النتائج المرجوة، وليس العكس كما يبدو عليه المشهد في معظم قطاعات العمل والإنتاج.
ومن حيث الظاهر والمضمون وفي ضوء الأرقام المتراجعة والوهمية في بعض الأحيان، تبدو المؤشرات والمعطيات غير مرضية ولا تتوافق مع الإمكانات والطاقات المتاحة والحاجة الملحة للتقدم خطوات إلى الأمام، ما ينبغي إعادة قراءة النص وتحليل مفرداته، وإيجاد علاقة عضوية متكاملة بين ما هو مكتوب على الورق وبين آليات العمل التنفيذي والتي غالباً ما تكون متعثرة أو متوقفة لأسباب أشرنا إليها غير مرة، وتتمثل في ضيق الأفق والحلول المجتزءة وفي إعادة إنتاج التجارب الفاشلة بأسلوب ترقيعي جديد يضر أكثر ما ينفع لجهة هدر الجهد والمال على السواء.
ما نود تأكيده في الإطارين العام والخاص هو أن الترهل والتقصير في العمل المؤسساتي أخذ مؤخراً أشكالاً عدة وأدى بالنتيجة إلى حدوث خلل حقيقي مرده غياب الآليات والمعايير الموضوعية في مقاربة الأشياء والاحتياجات والمتطلبات، والتعاطي المسؤول مع الحالات الطارئة والظروف الراهنة، خاصة ما يتعلق منها بالواقع المعيشي اليومي المتفاقم والمتأزم في ظل التمادي غير الأخلاقي والإنساني لحيتان ومافيات السوق، وانكفاء الجهات المعنية والمسؤولة عن تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم.
وبما أننا على أبواب استحقاق دستوري جديد والمتمثل بانتخاب مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث نرى أهمية وضرورة أن يكون التغيير حاضراً في أذهان الجميع من خلال التدقيق في الاختيار ومنح الصوت للأفضل والأجدر بتحمل المسؤولية الوطنية، وأن يكون المعيار الحقيقي والأوحد هو تحصين الوطن وتعزيز قدراته لإستكمال مشروع إعادة الاعمار والبناء، وأن يكون هذا الاستحقاق الوطني مدخلاً لخلق حالة مجتمعية متجددة – تتسم بالوطنية والغيرية – عنوانها النهوض والثقة بالنصر وبمستقبل أفضل.
معن الغادري