بعد الضغوط الأمريكية.. قاضي لبناني يقدم استقالته
قدّم قاضي الأمور المستعجلة في مدينة صور اللبنانية محمد مازح استقالته من منصبه في السلك القضائي، بعد ساعات على استدعائه من قبل مجلس القضاء الأعلى لاستيضاح حيثيات قراره بمنع وسائل الإعلام من استصراح السفيرة الأميركية، بعد تصريحاتها الأخيرة التي اتهمت خلالها حزب الله بأنه “حال دون إجراء إصلاحات اقتصادية يحتاج إليها الاقتصاد اللبناني”.
وقال في تصريحات صحفية أنه اتبع في إصداره لقراره الأعراف الدبلوماسية التي تمنع على السفراء التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدين فيه، وأضاف: إنّ “القرار ليس له أي خلفية سياسيّة، بل قرار قضائي بامتياز، ويستند إلى الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية فيينا الّتي تمنع على أي سفير التدخل بالشؤون السياسيّة لأي بلد، وقد صدر بناءً على عريضة من المستدعية فاتن علي قصير، وأنه شخصياً لا يعرفها”.
ولفت إلى أن المستدعية قصير اعتبرت أنّ المقابلة الّتي جرت مع السفيرة على قناة الحدث التابعة للنظام السعودي مسيئة لها وللجمهور الّذي تنتمي إليه، ومستفزّة بكونها تثير نعرات ويمكن أن تحدث فتنة في لبنان، وأشار إلى أنّ “وفقاً للقانون وبعد أن شاهد المقابلة، تبيّن أنّ السفيرة الأميركية أَدلت بأقوال ضدّ حزب لبناني وحمّلته مسؤوليّة الأوضاع الّتي وصل إليها لبنان”، مركزاً على أن “هذا شأن داخلي ولا يحق لا للسفيرة الأميركية ولا لأي سفير أن يتدخّل” متسائلاً كيف يمكن للسفيرة الأميركية أن تحمل حزباً لبنانياً مسؤولية الأزمة الاقتصادية، مبيناً أن ذلك ليس من صلاحياتها.
وفي المواقف، قال رئيس حركة الشعب في لبنان نجاح واكيم: إن تصريحات السفيرة الأميركية تؤكد على نحو فاضح أن بلادها تريد جرّ لبنان إلى فتنة دموية بعد فشل معادلة “إمّا الجوع أو المقاومة”.
كما اعتبر رئيس تحرير صحيفة “البناء” ناصر قنديل أن استقالة القاضي مازح هي رفع للراية البيضاء أمام المشيئة الأميركية”، داعياً مجلس القضاء الأعلى لرفض الاستقالة والحفاظ على استقلالية القضاء، وأضاف: إن القاضي مازح هو من “القضاة الاستشهاديين” الذين كافحوا الفساد في البلاد، وهو معروف باستقلاليته وعدم ارتباطه بأي جهة، وله سابقة في حفظ ودائع المودعين، موضحاً أن “استقلال القضاء يعني استقلال القاضي نفسه، وأن يتخذ قرارات دون تأثيرات خارجية، وهو ما فعله مازح”، وتابع، “يجب سلوك الطرق القانونية للطعن في قرار القاضي مازح، لأن ما جرى اتخذ مسلكاً سياسياً”، وأن ما جرى “غير مقبول، مشيراً إلى أن مجلس القضاء الأعلى هو أمام فرصة لرد الاعتبار إلى القضاء عبر رفض الاستقالة”.
كما أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني النائب حسن عز الدين أن كلام السفيرة الأميركية خطير جداً وفيه تحريض، وأضاف أنّ السفيرة قامت خلال فترة زمنيّة قصيرة بزيارات وتحدّثت إلى الإعلام، أكثر من حقبة أي سفير آخر، وتجاوزت وخالفت كلّ القواعد والضوابط والإجراءات الخاصّة بالسفير في أي بلد كان، لأنّ أيّ ممثّل لدولة ما عليه أن يتقيّد بقوانين البلد، وعدم إثارة النعرات الطائفيّة وغيرها، وعدم التدخل بالشأن الداخلي للبلد.
وسأل أليس هذا تدخّلاً سافراً في صلب الموقع السياسي الأساسي للبلد، وهي تريد أن تفرض شكل الحكومة وكيفيّة تشكيلها ومَن يكون فيها، وأليس هذا تهديداً للاستقرار والأمن والوفاق السياسي الّذي أَجمع اللبنانيّون أن يعيشوا في ظلّه.
كما شدّد على أنّ قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح ليس سياسياً، وهو انطلق في حكمه، باعتباره قاض للأمور المستعجلة، وأنّ كلّ ما يهدّد السلم الأهلي ووحدة الصف، من حقّ القاضي أن يجتهد فيه، ولفت إلى أنّ ما أقدم عليه مازح، شكّل الخطوة العمليّة والمدماك الأوّل في مسار إصلاح استقلاليّة القضاء، حيث نستطيع أن نراهن على هذا الفعل، وهو عبّر بالقرار بشكل عملي، عن استقلاليّة القضاء.
ورأى مراقبون أن تصريحات السفيرة كشفت أن خيوط اللعبة الاميركية في لبنان قد تقطعت ولهذا بدأت الولايات المتحدة بالتدخل المباشر في هذا البلد.
ويؤكد داعمون لخيار المقاومة في لبنان علی أن مشروع الجهات العميلة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني في لبنان باء بالفشل ولهذا قامت الولايات المتحدة بالتدخل المباشر في شؤون لبنان، وأن خيار المقاومة ومشروعه المقاوم يحظى بتأييد ودعم 70% من الشعب اللبناني وتصريحات السفيرة الاميركية ضد حزب الله تمثل إهانة للشعب اللبناني.