محامو تركيا ينتفضون ضد نظام أردوغان: استبدادي ومعاد للدستور
تظاهر آلاف المحامين الأتراك، في مدن تركية عدة، احتجاجاً على سياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان التعسفية، ورفضاً لسعيه لإصدار قانون يسيطر من خلاله على نقابات المحامين، مؤكدين أن القانون يهدف لإسكات المعارضة، وسيؤدي إلى تسييس مهنتهم. وهتفوا: “الدفاع لن يصمت”.
وخلال مظاهرة حاشدة أمام مجمع المحاكم في اسطنبول، أكد رئيس نقابة المحامين، محمد دوراك أوغلو، “ضرورة مواصلة النضال المشترك ضد نظام أردوغان الاستبدادي والمعادي للعدالة والدستور والقوانين، والهادف للقضاء على كل أشكال المعارضة”، داعياً كل النقابات والمنظمات والجمعيات الحقوقية إلى التصدي لمساعي أردوغان للسيطرة على الجهاز القضائي ليكون في خدمة مخططاته ومشاريعه، وأضاف: “بعد أن سيطر أردوغان على المجلس الأعلى للقضاء ووكلاء النيابة والقضاة يحاول الآن السيطرة على نقابات المحامين ليتسنى له إسكات أصوات المعارضة بكل أشكالها”.
وقدّم حزب العدالة والتنمية، بزعامة أردوغان، مسودة قانون إلى البرلمان، أمس الثلاثاء، تسمح بتكوين نقابات متعددة للمحامين في كل إقليم من أقاليم البلاد. ولا يُسمح حالياً سوى بتشكيل نقابة واحدة في كل إقليم.
ويقول المحتجون: إن هذه محاولة لإضعاف النقابات الحالية، التي كانت ضمن أبرز منتقدي سجل حكومة أردوغان بخصوص حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وتقول النقابات: إن النظام القضائي انزلق إلى الفوضى، حيث سُجن محامون وتمّ إسكات محامي الدفاع ودمّرت الثقة في القضاة وممثلي الادعاء العام.
وقال دوراك أوغلو: “نواجه خطراً جدياً يتجلّى في إخضاع القانون في بلادنا للحكومة. إن السلطة تستخدم قدرتها على التشريع كسلاح”، فيما أعرب مجلس النقابات الأوروبية عن “قلقه البالغ” داعياً النظام التركي إلى “الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه عرقلة استقلال التعبير وحريته”.
وشهدت العديد من المدن التركية، ومنها ازمير وغازي عنتاب وانطاليا وايدين، مظاهرات شارك فيها الآلاف من المحامين تعبيراً عن تضامنهم مع مظاهرة اسطنبول، فيما اجتمع ثلاثون من رؤساء النقابات في أنقرة وأعلنوا عن مظاهرة ضخمة سيتم تنظيمها يوم الجمعة المقبل، ودعوا إليها كل المحامين الأتراك.
ومع إخضاع غالبية وسائل الإعلام للسلطة وتوقيف عدد كبير من المعارضين والناشطين المدنيين منذ 2016، تعتبر النقابات أحد آخر معاقل المعارضة في تركيا.
ولئن كان رئيس النظام التركي يؤكد أن القضاة مستقلون في تركيا، فإن المنظمات غير الحكومية تبدي قلقها على الدوام من محاولة إضعاف السلطة القضائية، وخصوصا بعد محاولة الانقلاب في 2016 والتي أعقبتها حملة تطهير لم تستثن المحاكم.
وأشاد أردوغان بمشروع القانون، مؤكداً على أنه سيعرض على البرلمان. وزعم، عقب اجتماع للحكومة، إن هيئات مثل نقابات المحامين لديها “أنظمة سقيمة” وتستخدم “أساليب فاشية” بحق أعضائها.
وكثيرا ما تحدث صدامات بين نقابات المحامين وإدارة أردوغان، وذلك في ظل الانتقادات بغياب استقلال القضاء وسيادة القانون في البلاد.
ودعت رئيسة محافظة إسطنبول، عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، جانان كافتانجي أوغلو، إلى الانضمام إلى مسيرة الدفاع الذي أعلنها رئيس نقابة المحامين في إسطنبول. وقالت: “إننا ننتظر اشتراك محامي حزب الشعب الجمهوري في تجمع المحامين، ونشرت، رسالة على حسابها الشخصي في تويتر، كتبت فيها: “أدعو جميع محامي حزبنا بالكامل، في إسطنبول، بدعم مسيرة الدفاع التي ينظمها المحامون”.
وتطالب نقابات المحامين الفرعية في تركيا النقيب العام، متين فايز أوغلو، بالتنحي عن منصبه بسبب ما بدر منه من تصرفات أثناء مسيرات الدفاع التي أطلقها المحامون في العديد من المحافظات خلال الأيام الماضية، وبدأت الاستقالات في صفوف النقابات الفرعية احتجاجاً على استمرار فايز أوغلو في منصبه.
وقمع أمن أردوغان مسيرة سابقة للمحامين، انطلقت الأسبوع الماضي للاحتجاج على قانون النقابة، الذي يريد أردوغان فرضه.
والاثنين، تصدت شرطة أردوغان لمسيرة شارك فيها عشرات المحامين الكبار، وهي في طريقها إلى العاصمة أنقرة للاحتجاج على مشروع القانون الهادف لإسكات المنتقدين للنظام التركي، ويمهد الطريق لتشكيل نقابات مقرّبة منه، حتى يتمكن من إحكام قبضته أكثر على القطاع القضائي.
وكانت حادثة مقاطعة نقابة المحامين دعوة أردوغان لحضور مراسم الاحتفاء ببدء العام القضائي بالقصر الرئاسي في آب من العام الماضي، النقطة التي أفاضت الكأس وأطلقت يد أردوغان ضد المحامين ونشاطات النقابة.
وتعودت حكومة العدالة والتنمية في السنوات التي تلت عملية الانقلاب على إحكام السيطرة على أكثر من مجال، من الجيش إلى الأمن، وصولاً إلى القضاء والاقتصاد، وحتى الانتخابات عبر تمرير قوانين في البرلمان تسمح لها بإسكات معارضي سياسات أردوغان. وآخر هذه الأساليب، التي تعتمد على القانون، لفرض سطوة حزب العدالة والتنمية على الدولة تشريع كان اقترحه أردوغان يعزز صلاحيات حراس الأحياء، ويسمح لهم بحمل أسلحة نارية والتدقيق في هويات السكان. وقد تم المصادقة عليه من قبل البرلمان في 11 من حزيران الجاري رغم اعتراض عدد كبير من النواب والأحزاب المعارضة عليه.
ويتمتع أردوغان، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للقضاء العام الماضي، صلاحيات كاسحة، تشمل نفوذاً أكبر على القطاع يمكنه من اختيار أعضاء مجلس القضاة والمدعين. ويقول خصوم أردوغان: إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية، وتعرّض للتجريف بدرجة غير مسبوقة.