مراوحة بالمكان!
تعاود الحكومة اللقاء مع قطاع الأعمال مرة أخرى، باجتماعين منفصلين: الأول مع غرف الصناعة صباحاً، والثاني مع غرف التجارة مساءً، وكالعادة يطلق بُعيد انتهاء الاجتماعين سيل التصريحات المفعمة بوعود للقيام بمبادرات لضبط الأسواق وتخفيض الأسعار وتأمين السلع والمواد بعيداً عن الاحتكار.
بدا الاجتماعان الأخيران بمنزلة استنساخ عما سبقهما من اجتماعات لم يكن لها أي أثر على واقع السوق لجهة ما تمّ إطلاقه من وعود سابقة، ورغم أنه ليس من منطق الأمور الحكم على الاجتماعين الأخيرين مباشرة، إلا أننا لا نخفي هواجسنا من أن يكون ما تمخّض عن هذين الاجتماعين من قرارات ووعود وإطلاق مبادرات مجرد استعراض إعلامي ليس إلا، نظراً لأنه سبق لنا وسمعنا مثل هذه الوعود!!
وتزداد هواجسنا حدّة بسبب عدم حضور الإعلام لهذين الاجتماعين، واضطرارنا لمتابعة مجرياتهما من خلال ما كان يبثه المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء من أخبار عاجلة عبر صفحة الفيس بوك الخاصة بالمجلس، أي أننا لم نكن بصورة حيثيات وتفاصيل القضايا التي تمّت إثارتها ومناقشتها، وبالتالي تكوين رؤية أكثر دقة فيما يتعلق بجدية كل من الحكومة وقطاع الأعمال للاضطلاع الحقيقي والفعلي بالدور الاجتماعي في مثل هذه الظروف التي نمرّ بها.
ولا نخفي أيضاً أننا لم نلمس، بعد تكليف المهندس حسين عرنوس برئاسة مجلس الوزراء، وجود نهج حكومي جديد، ونفس مختلف بالتعاطي مع ظروف المرحلة، والعمل على تحسين الوضع المعيشي، ولو بالحدود الدنيا، فالوضع لايزال يراوح بالمكان، هذا إن لم يكن قد ازداد سوءاً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الأمر قد يكون مرتبطاً بالفريق الحكومي ككل الذي قدّم كل ما عنده ولم يبقَ في جعبته أي شيء يقدمه، وليس برئيس مجلس الوزراء المكلف، هذا من جهة السلطة التنفيذية.
أما من جهة قطاع الأعمال، فيمكننا القول إن رؤساء الغرف وأعضاء مجالس إدارتها، لايزالون يعملون بعقلية “الربح والربح فقط”، وكأنهم لم يسمعوا بمبدأ “التجارة ربح وخسارة”، إضافة إلى أن الغالبية العظمى منهم استنفدوا ما في جعبتهم أيضاً لتطوير وتنشيط الحركة التجارية، بعد مضي أكثر من عقد من الزمن على توليهم زمام قيادة الغرف!
ولا يبقى لدينا إلا انتظار التغيير الحكومي المرتقب بعد انتخابات مجلس الشعب، وكذلك انتظار ما ستسفر عنه انتخابات غرفة تجارة دمشق المقررة خلال تشرين الأول المقبل، والتي تمّ تأجيلها أكثر من مرة، عسى أن يُحدث هذان التغييران فارقاً بالمشهد العام للاقتصاد الوطني.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com