أصحاب السلوك الاستفزازي.. تصرفات خارج الإرادة و إساءة غير مقصودة للآخرين!
كثيراً ما نقابل في حياتنا اليومية شخصيات لها سلوكيات حسنة، وسلوكيات سيئة، فلا توجد شخصية تصل إلى الكمال، وجميعنا دون استثناء ينقصنا شيء في شخصيتنا، وهذا يتفاوت من شخص لآخر .
أسباب الظاهرة
فاتن إحسان نظام، مدربة دولية متخصصة في مجال التنمية البشرية، والعلاقات العامة، قالت: عندما نقابل من يثير انزعاجنا، وغضبنا، ويعكر صفو مزاجنا، ويستفزنا بأسلوب وسلوك يلجأ إليه هذا الشخص من أجل تحقيق غايتين أحدهما إيجابية تكمن في تحفيز الآخرين على العمل، والأخرى سلبية تهدف إلى إثارة غضب الآخرين فقط، وهذا ما يطلق عليه الشخصية المستفزة، وصاحب هذه الشخصية يهدف إلى إثارة شيء ما في نفس الطرف الآخر من خلال القول، أو الفعل، وهو يعلم جيداً الأشياء التي تهيج، وتزيد من عصبية الشخص الذي أمامه، فيعمد لفعل هذه الأشياء لإثارة غضبه، واستفزازه، ويرجع هذا إلى حالة سلوكية سلبية بداخله، فقد يكون صاحب الشخصية المستفزة ليس لديه ثقة بنفسه، فيلجأ إلى هذه الأفعال لمجرد لفت الانتباه، أو لإثبات تميزه على الآخرين، أو ربما يكون الاستفزاز بشكل عفوي دون قصد من الشخص.
التعامل مع المستفز
وتابعت نظام إن الشخصية المستفزة من أصعب الشخصيات التي يمكن أن يتعامل معها الإنسان لذا علينا رصد أفكار محددة بدقة للتعامل مع هذه الشخصية، حيث يمكننا التعامل معه بدبلوماسية فعند التعامل مع هذه الشخصية الصعبة يجب التعامل معها بطريقة صحيحة، فكما نعلم أن لكل فعل رد فعل معاكس، فنحن يجب أن نستخدم فنون الرد الأنسب، والسلوك المتزن، وضبط النفس، وعلينا أن لا ننفعل ونضبط أنفسنا، ولا نجعل أنفسنا عرضة للمستفزين، وتعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على ضبط انفعالاتنا، بعد التدريب على ذلك مراراً بحيث نصل إلى مرحلة لا نمكن هذا الشخص من أن يشعر بأنه فعل شيئاً يستفزنا فيه أصلاً، أو أنه يشعرنا بالنقص، كما يمكننا كبح غضبنا من خلال ترتيب التنفس عن طريق تقطيع التنفس لشهيق متقطع لست مرات خلال سبع ثوان، ومن ثم زفير لعشر مرات خلال إحدى عشرة ثانية، وعلينا جعل سعادتنا هي الهدف الأول دون تعكير هذا الهدف بأي سلوك عابر للآخرين، أو كلمات، فالحياة بالنهاية أبسط من ذلك، كما علينا أن نحاول التماس أعذار للآخرين عند قيامهم بأي سلوك يستفزنا، فلا يجب الانطلاق من فكرة أن الجميع يحاولون استفزازنا فقد نشعر بذلك نتيجة وجود مشكلات بداخلنا لاعلاقة لها بسلوكهم الذي اعتبرناه سلبياً، أو قد يكون فعلهم ليس عن قصد، وعلينا هنا التأكد هل الموضوع وأسلوبه عام أم يخصنا بالذات؟، فإذا كان أسلوبهم معنا فقط يجب هنا أن نركز على ذواتنا، ونكبح انفعالنا وفق ما ذكر آنفاً، وعلينا أن نتعلم الاتزان، وضبط ردودنا الانفعالية، والمتسرعة، وأن نتقن أسلوب الحوار، ومهارات الحديث التي تكسبنا الهدوء في كافة ردودنا، كما أننا لسنا مجبرين على الرد على كل الأسئلة التي تطرح علينا، ويمكننا اللجوء للتجاهل الذي يعد من أهم أساليب التعامل مع الشخص المستفز، وتجنب الدخول معه في الحوار، وذلك سيكون الطريقة المثلى لإيقافه، ويمكننا جعله يشعر بالتهميش فهؤلاء الأشخاص لا تجدي معهم أساليب الإقناع عادة، وفي تجاهلهم نحتفظ بقيمة ذاتنا، ونجعلهم يشعرون بانعدام القيمة من خلال معاملتهم على أنهم غير موجودين أساساً، وهذه الطريقة تعزز شعور الأشخاص المستفزين بأنهم مهزومون، وأن استفزازهم جاء بلا فائدة، فعدم الاهتمام بما يقولون، أو ما يفعلون يعد درساً بالغاً لهم، ولأمثالهم، أما في حال الوقوف عند تصرفاتهم، والتعامل معهم بالمثل فإن هذا قد يخلق تأزماً أخلاقياً وأدبياً ينحدر بنا إلى مستواهم، ويؤدي إلى استمرارهم في لغتهم الحوارية غير المريحة للأطراف الآخرين، ما يسبب مشكلات لا طائل، ولانهاية لها، ومن الحلول أيضاً التعامل معهم ببرودة أعصاب، وعدم الغضب، لأن الاستمرار في جدالهم، وحواراتهم العقيمة، والرد عليهم بالمثل، يشعرهم بالبهجة بسبب اعتلالات موجودة في داخلهم، كما يتحقق مطلبهم في الإثارة، ولفت الأنظار إليهم، وبالتالي نجاح طرق استفزازهم، وتشجيعهم على تكراره، من جهة أخرى فهناك حالات لايجدي التجاهل نفعاً فيها فقد يكون هناك صلة، أو قرابة بيننا وبين هذا المستفز، وهنا يتوجب علينا محاولة تقديم النصائح لهذا الشخص ليتخلى عن شخصيته الاستفزازية، والحرص على التكلم معه بهدوء، وثقة كبيرة، وتعزيز أهمية الحوار الودي معه لمحاولة إقناعهم بالتخلي عن تصرفاته السلبية.
بشار محي الدين المحمد