رسائلهم.. منازلهم
يهوى أهل الأدب وتدق افئدتهم كما الجميع، لكنهم عندما تترى فيوضات الدفق العاطفي في عروقهم وتدب كما بنت الكروم تحت جلدهم، فإنهم يعطون للحب في كل أحواله، بُعدا ساميا رفيع المعنى، رقيق الدلالة، بهي الوصف، وهذا لا ينسحب على أهل الأدب في مكان وزمان دون غيرهما، بل إنهم وعبر مختلف الجغرافيا العالمية، والأزمنة السحيقة منها والقريبة، رفعوا المثال المقدس للحب، وعبروا عن ذلك بكروم من الجمال الباذخ المعنى والبلاغة والوصف، ولعل أرشق وأجمل ما جاء في هذا الشأن، هو تلك الرسائل التي كانت حمّالة قلوبهم فوق أسطرها، وتفاصيل وجدهم بين حروفها، ولنا في بعض الأمثلة عن هذا ما يثري ويغري:
من بابلو نيرودا إلى زوجتِهِ: “احرميني الخبزَ إن شئتِ، احرميني الهواءَ، لكن لا تحرميني ضحكتَكِ”
من طه حسين إلى زوجتِه سُوزان: “بدونكِ أشعرُ أنّي ضريرٌ حقّاً، أما وإنّي معكِ. فإني أتوصلُ إلى الشّعورِ بكلّ شيء”
من مزمل أزادي إلى حبيبتِهِ: “لا شيء مهم،غيرَ أن الطّريق التّرابي الّذي كنتُ أقطعهُ مشيّاً للوصول لبيتكم، تمّ رصفهُ وإضاءته، لا يحتاجُ خطيبَك الجديد أن يقطعَ الوحلَ كما كنتُ أفعل”
من كافكا إلى ميلينا:”أنا لا أحبٌّكِ أنتِ. بَلْ أُحبُّ ما هو أكثر من ذلك، أُحبُّ وجودي الذي يتحققُ من خلالكِ.
من مريد البرغوثي إلى رضوى عاشور: أنتِ جميلةٌ كوطن مُحرر، وأنا مُتعبٌ كوطن مُحتل.
من غسّان كنفانّي إلى غادة السّمان:”مأساتي ومأساتُك أنني أحبُّكِ بصورةٍ أكبر من أنْ أُخفيها وأعمق من أنْ تَطمُريها”.
من جولييت إلى فيكتور هوجو: “أحبّك، إنها حقيقةٌ! أحبُّكَ رغماً عني، رغماً عنك، رغماً عن كل هذا العالم”.
من جُبران إلى ميّ زيادة: أحب صغيرتي غير أنّني لا أدري بعقلي لماذا أحبُّها؟ يكفي أنّني أحبُّها بروحي وقلبي.
من ليو تولستوي إلى ڤاليريا آرسينڤ:”قد أحببتُ جمالك مُنذُ زمن، ولكني بدأتُ للتو في حبِّ الخالد والأزليّ فيك: قلبك، روحك.”
من جيفارا إلى زوجته: عزيزتي تمسكي بخيطِ العنكبوت ولا تستسلمي.
من جالا إلى بول إيلوار: “دلّلني. أشفق عليَّ، لستُ أملكُ شيئاً، لا كبرياء ولا طموح، إنني عارية وضعيفة أمامك.”
من دوستويفسكي لزوجته آنّا: “لم أخنْكِ حَتى في الذاكرة”.
من الأديب الرّافعي إلى الأديبة ميّ زيادة: لو رأيتني، وأنا أقرأُ رسائلِكِ لرأيتِ أنكِ لا تكتبينّ لي كلاما، بل تزرعينّ في الورقِ زَهر أنفاسِكِ فيأتيني فأقرأهُ.
إعداد: تمّام علي بركات