العالم يفقد توازنه.. الحل في ضرائب استثنائية على غرار ألمانيا 1945
يؤكد اقتصاديون ومسؤولون وقادة شركات أن الجائحة تعمّق اللامساواة الكبيرة أصلاً في كافة أنحاء العالم وحتى داخل الدول المتطوّرة، معتبرين خلال لقاءات “ايكس- ان- سين” في باريس، أن تقليصها سيكون تحدياً كبيراً في عالم ما بعد هذه الجائحة.
وأوضح الاقتصادي بيار دوكس، الأستاذ الفخري في جامعة ليون 2، أثناء اللقاء الاقتصادي الذي عُقد نهاية الأسبوع، أن “الأوبئة تجنح إلى إسقاط العالم في الجهة التي يميل إليها أصلاً. هي بطريقة ما، مسرّع وكاشف لنقاط الضعف”.
وقال مارك ستابيل الباحث في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد) المتخصّص في التفاوت: “كل هؤلاء الأشخاص الذين استمروا في العمل رغم المخاطر.. هم أشخاص من الطبقات المتدنية”. وأشار إلى أن سياسات التقشف التي انتُهجت في الدول المتطورة لدى الخروج من أزمة 2008 “خفّفت نوعية الخدمات العامة، في قطاع الصحة مثلاً، ودعم الأشخاص المعوزين الذين ليس لديهم وظيفة”، ما جعلهم أكثر عرضة اليوم. وصرّحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد: “من الواضح أنه سيكون هناك زيادة في اللامساواة”. لكن ثمّة تفاوتاً ناجماً عن تفشي الجائحة يجب الاحتراس منه، هو التفاوت بين الأجيال، وفق الخبيرة الاقتصادية الإيطالية إيلسا فورنيرو التي كانت وزيرة عمل في بلادها بين عامي 2011 و2013. وأضافت أن “الأجيال الأكبر سنّاً دفعت الثمن الأكبر من حيث الأرواح البشرية.. وفي ما يخصّ التبعات الاقتصادية، فإن تدابير العزل مثلاً مع إغلاق المدارس، تركت الأطفال والمراهقين خارج النظام التعليمي.. ما يمكن أن تكون له تداعيات على المدى الطويل.. على إدماجهم في الاقتصاد”.
وأظهرت دراسات أُجريت بعد أزمة 2008 أن الأجيال التي عانت في دخول سوق العمل خلال الأزمة لم تتمكّن أبداً من تعويض تأخرها في مسيرتها المهنية.
ويرى خبراء أنه إضافة إلى الإنعاش الاقتصادي لتعزيز ارتفاع نسبة النمو، ينبغي إيجاد حلول لاتساع هذه التفاوتات، ويدعو بعض الاقتصاديين بينهم غابريال زوكمان إلى فرض ضرائب استثنائية على الأكثر ثراءً، على غرار النموذج الألماني بعد 1945. وأوضح أن ألمانيا “اختارت فرض رسوم مؤقتة وتصاعدية إلى حدّ كبير على (أصحاب) الثروات الكبيرة”، على عكس فرنسا وبريطانيا اللتين فضّلتا ترك التضخم يزيد لتقليص الدين.
من جهتها، اعتبرت إيلسا فورنيرو أن الديون الضخمة للدول من أجل دعم الإنعاش الاقتصادي “قد تتسبّب بعبء جديد تتحمله أجيال الشباب” وينبغي أن تساعد هذه الديون أيضاً “الشباب في الاستثمار في الموارد البشرية”. ورأى كيفن سنيدر من مؤسسة ماكينزي الاستشارية أن الاستثمارات من أجل مكافحة التغير المناخي يجب أيضاً أن تلتفت نحو الفئات الأشدّ فقراً لأن الأشخاص “الأضعف دائماً هم الذين سيجدون صعوبة في تحمل الصدمة”.
وبالنسبة لرئيسة مصرف “اي ان جي فرانس” كارين فان جينيب، يجب الذهاب أبعد من المجال الاقتصادي و”تجديد العقد الاجتماعي: حان الوقت للقيام بذلك، هذا ما يجب القيام به في وقت الأزمة”.