من الاستئناس إلى الانتخاب
السويداء ـ رفعت الديك:
ما زالت نتائج الاستئناس الحزبي لاختيار كتلة البعث لانتخابات مجلس الشعب ضمن دائرة الأخذ والرد، ويبدو أن هذه الحالة هي الأهم عند إسقاطها على النتائج المحققة، فالحراك الحواري الذي خلقته عملية الاستئناس الحزبي بين الرفاق البعثيين أولاً، ومع جماهير الحزب ثانياً، وكذلك في الأوساط الاجتماعية تالياً، يشكل بحد ذاته نقطة في غاية الأهمية لجهة تحريك المياه الراكدة لجهة دور الحزب خلال الفترة السابقة، اذا ما استثنينا الدور الخدمي الذي حول الرفاق البعثيين إلى وكلاء عن المؤسسات الخدمية، ومتلقين للانتقادات عن تلك المؤسسات.
وبالعودة إلى قراءة النتائج، وبغض النظر عن الأسماء التي فازت أو خسرت، يمكن حصر تلك النتائج في ثلاث نقاط أساسية: أولها أن هذه الانتخابات جاءت بعد سلسلة من العمليات الانتخابية التي شملت انتخاب قيادات الفرق الحزبية والشعب، وكذلك الفروع، ومن الملاحظ أن كل مرحلة رغم ما سادها من شوائب وأخطاء ساهمت بالتأسيس لمرحلة أكثر نضجاً، فتكرار العملية الديمقراطية بمستوياتها المختلفة صوّب آليات الاختيار بحيث أخذت تسير باتجاه الموضوعية والتحرر من المؤثرات الاجتماعية، وإن كانت تحتاج الكثير للوصول إلى النتائج المرغوبة، رغم صعوبة الوصول إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التشابكات التي تحيط بهذه العملية. ومن الملاحظ أن حالة الوعي الانتخابي بدأت تتبلور أكثر بين صفوف الرفاق البعثيين، وإن كانت النتائج لاتخلو من بعض التداخلات.
هذا يقودنا للحديث عن النتيجة الثانية، وهي قدرة الجهاز الحزبي، مع تكرار التجربة الديمقراطية، على التخلص إلى حد ما من أمراض الانتخابات التي غالباً ما تكون طاغية ومؤثرة، وهي التكتلات والشللية، وقد بدأت تبرز بشكل واضح قناعة الرفاق البعثيين بضرورة تحرر أصواتهم من أية قيود ومكبلات. وإن كان البعض وجد في الاستئناس إجراءً ديمقراطياً مسقوف الفعالية، إلا أن ذلك لا ينفي وجود نتيجة مهمة تتمثل في تضيق الخناق أمام خيارات القيادات في عملية الاختيار، وقد تركت لنفسها حق الاختيار من الضعف بهدف حلحلة بعض اللامرغوب به لتحقيق التمثيل الجغرافي والتنوع المطلوب. وإن كان هذا الحق دفعها لفرض وجود العنصر الشاب والمرأة في القائمة، وهذا الأمر الأكثر أهمية وجدلاً، فقد أثار زوبعة من الانتقادات التي تقول إن هذا الإجراء سيحرم قائمة البعث أولاً، والمجلس تالياً، من الخبرات والكفاءات العلمية، خاصة في الفروع محدودة المقاعد، وقد يكون الحل – هنا – بعدم الزام قرار تشكيل الكتلة بوجود هذا المعيار في كافة التشكيلات الفرعية، بل بالكتلة البعثية ككل، وهذا يحقق نوعاً من عدالة الكفاءة.
ولاشك في النهاية أن نجاح أي تجربة أو حالة انتخابية داخل صفوف الحزب سيدفع بالقيادة إلى الاتجاه نحو خطوة أكثر تقدماً لنصل إلى مرحلة تكون كتلة البعث فيها منتخبة من قبل الجهاز الحزبي، عبر مؤتمرات مناطقية وفرعية، دون أية فروضات أو تعليمات، وبعيداً عن الاستئناس أو ضعف العدد.