نصرالله يطلق معركة التقدّم زراعياً وصناعياً لإنقاذ لبنان
دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحكومة اللبنانية إلى بذل كل ما بوسعها من أجل حل الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلاد، معتبراً أن التهديد الأمريكي يمكن أن يكون مناسبة للقيام بخطوات مهمة جداً لوضع لبنان على الطريق الصحيح باتجاه الاستقرار الاقتصادي، ومبيناً أن التوجه للدول المفتوحة أبوابها يبعث برسالة للأمريكي وغيره أن للبنان خيارات أخرى ولا يمكن إسقاطه، وأوضح أن حزب الله اتخذ قراراً بخوض “معركة التقدّم زراعياً وصناعياً” في مواجهة الانهيار والجوع، داعياً كل اللبنانيين إلى المشاركة في هذه المعركة، قائلاً: “كما كنا في الحرب والميدان وانتصرنا في معركة التحرير ضد التكفيريين وأفشلنا المؤامرات سنكون اليوم في معركة الزراعة والصناعة من أجل إنقاذ لبنان لأننا عندما نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع سنصبح شعباً ذا سيادة”.
وأضاف السيد نصر الله: إنّ الوضع الحالي في لبنان وما يعيشه اللبنانيون على المستوى الاقتصادي والمعيشي يحتاج إلى إخلاص وجهود الجميع، موضحاً أنّ مقاربة الوضع الاقتصادي يجب أن تكون مقاربة وطنية تشمل كل اللبنانيين وأيضاً المقيمين في لبنان، وأشار إلى أنّ الحديث عن التوجه شرقاً “لا يعني الانقطاع عن العالم بما فيه الغرب والولايات المتحدة باستثناء الكيان الغاصب”، مشيراً إلى أنه “لا نريد قطع أي أوكسجين عن أي أحد ونضع كل اعتباراتنا جانباً ليعبر لبنان هذه المرحلة الصعبة”.
وأكد نصرالله أن فشل المخطط الأمريكي الصهيوني الداعم للإرهاب في المنطقة، ولا سيما في سورية، دفع بالولايات المتحدة إلى توسيع نطاق تدخلاتها بالشؤون الداخلية للبنان الأمر، الذي برز من خلال ممارسات السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، والتي أضرت باقتصاده بشكل مباشر، وأضاف: إن السفيرة شيا قامت بالتحريض بين اللبنانيين وتدخلت في التعيينات الرسمية في المناصب المرتبطة بالبنك المركزي اللبناني وهو ما يعد بمثابة “عمل استعماري”، مشدداً على أن الشعب اللبناني هو من يحدد مصير الحكومة في لبنان وليس السفيرة أو الخارجية الأمريكية، وأن قرار القاضي اللبناني محمد مازح بمنعها من الحديث إعلامياً يعبر أن في لبنان قضاة وطنيون وشجعان في هذا الزمن الصعب أمام السياسة الأمريكية.
وتوجّه السيد نصر الله للسفيرة الأمريكية في لبنان بالقول: “كل من قتل في حرب تموز في رقبة دولتك المجرمة القاتلة الداعمة لإسرائيل.. أنتم من أتيتم بالإرهاب التكفيري وتمكنون الإرهاب الإسرائيلي من الفلسطينيين”، مؤكداً أن أخطر ما يجري الآن هو ضم أراض فلسطينية من الضفة الغربية إلى الكيان الغاصب، مشدداً على أن المقاومة الوطنية اللبنانية جاهزة لفعل أي شيء إلى جانب الفلسطينيين في مواجهة هذه الخطة المشؤومة.
وكان رئيس مجلس الوزراء اللبناني حسان دياب حذّر من خطورة ما يسمى “قانون قيصر”، الذي فرضته الإدارة الأمريكية على سورية، وتداعياته على الوضع الاقتصادي والمعيشي في لبنان. ولفت دياب خلال اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى خطورة بدء الكيان الإسرائيلي بالتنقيب عن النفط والغاز بمحاذاة المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، مشدداً على حقوق لبنان المشروعة في مياهه الإقليمية المعترف بها دولياً.
وتطرق البحث خلال الاتصال إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الراهنة في لبنان والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتجديد لقوة حفظ السلام المؤقتة في جنوب لبنان في نهاية شهر آب المقبل.
إلى ذلك رد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم على كلام السفيرة الأمريكية الذي أثار جدلاً، معتبراً أنه “قلب للحقائق”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدير عملية تجويع لبنان، وقال: إن اتهام السفيرة الأمريكية في لبنان، دوروثي شيا، لـ”حزب الله” وأمينه العام بتهديد استقرار لبنان وعرقلة التقدم الاقتصادي فيه وتحويل مليارات الدولارات من مالية الدولة لصالح الحزب، هو “قلب للحقائق”، مضيفاً: “أن تقلب شيا الحقائق وتعتبر أن عدوان أمريكا على لبنان اقتصادي واجتماعي هو من قبل “حزب الله”، فهذا ما لا يقنع أحداً ولن يصدقها أحد، وأضاف: “إن كلام شيا ناشئ عن شعور الإدارة الأمريكية بأن كل دعاياتهم وإعلامهم من أجل تحميل “حزب الله” المسؤولية فشلت، وهم يعوضون عن فشلهم بهذه الطريقة، وهذا ما يبرر توترهم”.
وأضاف: “الجميع في لبنان يعلم أن مشكلة الدولار، ومشكلة الاقتصاد في لبنان هي بالدرجة الأولى مسؤولية أمريكية، بسبب السياسات المتخذة ومنع الأموال الطازجة من دخول البلاد، ومحاولة التدخل في كيفية الإصلاح والإدارة والضغط على صندوق النقد الدولي? حتى لا يفرج عن القروض والمساعدات بطريقة سهلة”، وتابع: إن “عملية التجويع التي تحصل ضد لبنان? تديرها الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها، من أجل فرض سياسات على لبنان ليست لمصلحته، ومن أجل تحقيق أهداف تحتاجها “إسرائيل”، أي أن استمرار المقاومة مزعج لـ “إسرائيل” ويشكل خطراً عليها، وتريد الولايات المتحدة إنهاء المقاومة”.
ولفت قاسم إلى أن “الحزب يعلم أن حجم الهجمة كبير، لكنه أخذ قراراً بأن يسعى بكل جهد لبناء الدولة، ويعمل من خلال الحكومة ومؤسسات الدولة لإنقاذ الوضع الاقتصادي، ويحاول تقديم مقترحات تساعد على تحسين الأوضاع، منها ما طرحه مؤخرا الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله من ضرورة الاتجاه شرقاً بهدف تنويع الخيارات.
في سياق متصل، نظمت جبهة الإعلام المقاوم، التي تضم مجموعة إعلاميين وأسرى سابقين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وقفة احتجاجية في بيروت رفضاً لتصريحات شيا وتدخلها في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وتخلل الوقفة كلمات نددت بكلام السفيرة شيا واتهامها الشعب اللبناني ومقاومته بالإرهاب وقيامها بالتحريض وبث الفتن بين اللبنانيين.
وقال المسؤول الإعلامي لرابطة الشغيلة حسن حردان في كلمة له إن لبنان يواجه تمادياً أمريكياً في استباحة سيادته واستقلاله من قبل السفيرة الأمريكية على نحو مخالف للمعاهدات والمواثيق الدولية مؤكداً التمسك أكثر من أي وقت بالمقاومة التي أثبتت أنها ضمانة لبنان لردع العدوانية الإسرائيلية وحماية ثرواته وحقوقه.
ودعا حردان إلى الانفتاح والتنسيق مع سورية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين باعتباره السبيل لكسر الحصار وإحباط أهداف ما يسمى “قانون قيصر” الذي يسعى إلى خنق البلدين عبر منع التواصل والتعاون الاقتصادي بينهما.