بعد النفط والكهرباء.. أردوغان يهيمن على الاستثمارات في ليبيا
تسعى ميليشيات “الوفاق”، برئاسة فائز السراج، إلى تقديم مقدرات وثروات الشعب الليبي لصالح النظام التركي المتأزم اقتصادياً، وذلك لضمان بقائه في السلطة، وفي هذا السياق بدأ نظام أردوغان جني ثمار تدخلّه في ليبيا، حيث بحث السراج مع مسؤولين عودة الشركات والاستثمارات التركية إلى البلاد.
جاء ذلك خلال اجتماعه مع ما يسمّى وزير التخطيط طاهر الجهيمي ورؤساء أجهزة التنمية وتطوير المراكز الإدارية، وتنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق، وتنفيذ مشروعات المواصلات، وصندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وممثلين عن مصرف ليبيا المركزي، وإدارة القضايا، وديوان المحاسبة، وسوق الأوراق المالية، بحسب بيان لمكتب السراج.
وأفاد البيان أن الاجتماع بحث مشاريع البنى التحتية المتوقفة والمتعاقد على تنفيذها مع شركات تركية، ولم تُستكمل بسبب ما مرّ بالبلاد من ظروف استثنائية، وفي مقدمتها مشاريع الكهرباء والطاقة، إضافةً إلى مشاريع جديدة من شأنها المساهمة في تقديم خدمات فاعلة وسريعة للمواطنين.
وأكد السراج، خلال الاجتماع، أهمية استئناف العمل في المشروعات المتوقفة، وأن تكون هذه العودة منطلقاً لعملية شراكة مدروسة ومتوازنة بين البلدين “الصديقين” تشمل القطاع الخاص في ليبيا!.
لكن حديث السراج عن شراكة وصداقة هو مجرد محاولات للتعمية على الهيمنة الأردوغانية المرتقبة على الموارد المالية الليبية، في محاولة من أردوغان تسديد فواتير عجزه بلاده التجاري والاقتصادي.
وتحوّلت أموال الشعب الليبي ومقدراته عملياً إلى لقمة سائغة لدى نظام أردوغان، الذي يسعى إلى استنزاف ثروة الليبيين، مقابل مواصلة الدعم العسكري لميليشيات “الوفاق”.
وفي إطار تسديد فواتير التدخل التركي، فوّضت “حكومة الوفاق” الأسبوع الماضي، محافظ البنك المركزي في طرابلس، الصديق الكبير، بتحويل الديون المتراكمة عليهم لصالح النظام التركي في زيارته الأخيرة ولقائه مع أردوغان، وعقب زيارة وزير الخارجية ورئيس المخابرات ووزير المالية إلى طرابلس قبل أيام قليلة.
وتشمل الديون المتأخرة، حسب مصادر ليبية، سداد الصفقة المتعلقة بالطائرات المسيرة بكل أنواعها.
ويعيش الليبيون، خاصة في مناطق سيطرة الميليشيات، أوضاعاً صعبة بسبب التدهور الاقتصادي، إضافةً إلى تراجع الخدمات ناهيك عن التدهور الأمني مع سيطرة المجموعات المتشدّدة ونشرها للرعب بين السكان، بينما تعمل “الوفاق” على تسديد فاتورة الدعم التركي من قوت الليبيين.
وبينما تتراجع خدمات أساسية في الغرب الليبي على غرار توفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والفشل في تخفيض أسعار المواد الأساسية وترميم البنية التحتية، يعمل السراج وميليشياته على دعم الاقتصاد التركي الغارق في أزماته وذلك عبر تسديد أقساط ديون بمليارات الدولارات.
وفي كانون الثاني سارعت “الوفاق” في طرابلس لنجدة الليرة التركية المتهاوية من خلال ضخّ أربعة مليارات دولار في خزينة المصرف المركزي التركي، في الوقت الذي يعاني فيه الليبيون من شحّ في السيولة، الذي تراجع خلال الشهور الماضية.
وسعى أردوغان، في إطار استنزاف ثروة الشعب الليبي، لتوقيع مذكرة تفاهم جديدة مع “الوفاق” عبارة عن تعويض مبدئي بقيمة 2.7 مليار دولار عن أعمال نفذت في ليبيا قبل عدوان الناتو 2011، في محاولات متواصلة لنهب ثروات الشعب الليبي.
وكان النظام التركي وقع في تشرين الثاني مذكرة تفاهم مع السراج اعتبرت محاولة تركية لسرقة أموال الشعب بحجة التعاون، كما حاول وضع يده على مؤسسة النفط الليبية ومقرها طرابلس، لكن الجيش الوطني الليبي والقبائل قرّرت توقيف إنتاج وتصدير النفط في الحقول والموانئ التي تقع تحت سيطرتهم وذلك لمنع محاولات نهب ثروات الليبيين من قبل أردوغان وزعماء الميليشيات، الذين راكموا بدورهم ثروات كبيرة.
ويعلم الجيش الوطني الليبي وقادته خطر وتداعيات الهيمنة التركية على مقدرات الشعب الليبي، حيث قال قائد الجيش المشير خليفة حفتر: “إنّ ليبيا تواجه ثالوث الشرّ المتحالف من إرهاب وخونة والنظام التركي، الذين يحاولون السيطرة على ليبيا ويهدّدون وجودنا”، وأضاف في كلمة خلال حفلة تخريج دفعة من ضباط الكلية العسكرية في مدينة توكرة شرق بنغازي: “إنّ العدو التركي أصبح ينشئ القواعد وغرف العمليات في المنطقة الغربية، ويرسل ضباطه ومرتزقته للقتال في أرضنا والبوارج الحربية إلى شواطئنا ويسعى إلى السيطرة على مقدّرات شعبنا وثروات بلادنا ليعالج بها أزمته الاقتصادية”، وأكد حفتر الاستمرار في القتال، قائلاً: “إنّنا وإذ سلمنا إلى دعوات التهدئة من قبل الدول الصديقة إلا أننا لن نرضى في استغلال ذلك لجلب المرتزقة لتعزيز قدرات العدو ولن نضيع دماء الشهداء إلا بزوال الغزاة والمرتزقة من أرضنا وسنواصل الكفاح حتى التحرير”.
ووجّه المشير حفتر التحية للدول الشقيقة والصديقة، التي أدركت أطماع النظام التركي وخطره على أمن ووحدة ليبيا وعلى المنطقة.
ولا يزال الجيش الوطني الليبي يحاول مواجهة الهيمنة التركية وردع الميليشيات والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معه.
وعقد حفتر، الاثنين، اجتماعاً موسّعاً مع رؤساء الأركان ومدراء إداراته وأمراء غرف العمليات العسكرية.
وأكد المكتب الإعلامي للقيادة العامة بأن الاجتماع العسكري الموسع عقد في مدينة بنغازي، وجرى خلاله استعراض ومناقشة ملفات عسكرية هامة “في كافة الاتجاهات”، مشيراً إلى أن الاجتماع شهد طرح الترتيبات والخطط اللازمة للمرحلة القادمة.
ويأتي الاجتماع تزامناً مع الغارات الجوية التي استهدفت التواجد التركي في قاعدة الوطية الجوية، الذي ألحق خسائر كبيرة بالمعدّات والذخائر التركية.