اتفاقية سيداو.. خطوات جريئة للحفاظ على حقوق المرأة ولكن..!
الكلام في اتفاقية سيداو لإلغاء مظاهر العنف والتمييز ضد المرأة مهم جداً في الوقت الحالي لأننا مجتمع عانى من حالة الحرب، والآن يعاني من حصار اقتصادي، وكما نعلم فإن هذا كله سيزيد العنف الأسري ضد النساء، كما سيزيد تقييد حركة النساء، والمشكلات الأسرية خاصة مع أهل الزوج في حال وفاته، والمطالبة بحضانة الأطفال، والتعويضات الخاصة بهم، وتزداد حالات إخراج الفتيات من المدارس، وتزويجهن في عمر مبكر، وقيام المرأة بأعمال ذات طبيعة قاسية قد لا تتناسب مع طبيعتها الجسدية، وازدياد الخلافات الزوجية، وحالات الهجر، والطلاق، إضافة للمشكلات الاجتماعية التي تعاني منها اللاجئات، والنازحات كرفض المجتمع الجديد لهن، والتحرش الجنسي، والابتزاز ممن يطلبن منهم المساعدة والعون، ولا ننسى أن المساواة تعبر عن تطور المجتمع ككل، فبقاء النصف الآخر بعيداً عن الواجهة يعني أن نصف المجتمع معطل، والعكس صحيح وفقاً لما أكدته الباحثة الاجتماعية أمل العلي، ولكننا حتى الآن نواجه مجموعة من التحفظات على بنود هذه الاتفاقية التي تدعو الدول الأطراف لاتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج، والعلاقات الأسرية، حيث تصطدم التحفظات بتطبيق الشريعة الإسلامية، وقانون الأحوال الشخصية، فيما يتعلق بالولاية، والقوامة، والوصاية على الأطفال، وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية، كذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والوظيفة، وتحديد سن أدنى للزواج، كما تحفظت سورية حتى الآن على منح المرأة المساواة مع الرجل في منح جنسيتها لأطفالها، وتعتقد العلي أن هذه التحفظات ناتجة عن التفسير الخاطئ لأحكام الشريعة الإسلامية خصوصاً، والاعتماد على الرواية التاريخية الجاهزة أكثر من إعمال الفكر المنطقي في كتاب الله عز وجل الذي جاء واضحاً في أحكام المرأة، ومكانتها، وحقوقها التي هضمتها العادات البالية، ورواسب القبلية، والجهل، كما نوّهت العلي بضرورة نشر الثقافة القانونية، وتحديثات القوانين المتعلقة بالمساواة، وإقامة المحاضرات التوعوية تمهيداً لتطبيق مثل هذه الاتفاقية، فما الفائدة من تطبيق قانون متطور، أو اتفاقية، والناس تجهلها؟، وما الفائدة في حال كان النص القانوني متطوراً بينما بعض رجالات القانون يحملون رواسب المجتمع في فكرهم، ويرجحون الأعراف عند إعمال قناعاتهم؟، ولماذا لا نخصص ساعات دراسية تعنى بنشر الثقافة القانونية للطلاب منذ المرحلة الإعدادية، فأغلب المواطنون يجهلون بالقانون، ولايعرفون معظم حقوقهم، ومع ذلك رأت العلي أنه يتوجب على جميع المؤسسات المطالبة بإتمام تطبيق هذه الاتفاقية، وكل ما يخص المساواة بين المرأة، والرجل، وتمنت أن تثمر كل الجهود والاجتماعات المعقودة للتفاهم حول هذه التحفظات.
طبقنا الممكن منها
المحامية دولت إبراهيم اعتبرت أن اتفاقية سيداو من أبرز المواضيع الاجتماعية، ومن الخطوات الجريئة، والمهمة الهادفة للحفاظ على حقوق المرأة، ورغم أن الاتفاقية لم تنفذ بدقة إلا أنها ستنفذ مهما طال الوقت للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بعد أن اعتمدت هذه الاتفاقية الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأهم ما تضمنته هذه الاتفاقية هو المساواة بين الرجل والمرأة، وأن تعمل الدول الموقعة على الاتفاقية بجميع التدابير الرامية لتعديل، أو إلغاء القوانين، والممارسات القائمة على التمييز ضد المرأة، وكذلك منع الاتجار بالمرأة، واستغلالها، وأن تحصل على حقها في التعليم، والرعاية الصحية، والمعاملات المالية، وحقوقها في الملكية، والتصويت في كل الانتخابات، أي إن هذه الاتفاقية جاءت شاملة لكل المجالات الحياتية، والاجتماعية للمرأة، وقد أحدثت هذه الاتفاقية خطوة نوعية كان لها أثر إيجابي على حياة المرأة على مستوى عدد كبير من البلدان العربية، أما في سورية فالمرأة سيدة بكل ما تعنيه الكلمة لها تكريمها، وعملها، ومكانتها في كل مجالات الحياة، وحقوقها مصانة، ومازالت الخطوات الإيجابية تتوالى، وتستمر لتعزيز حقوق المرأة، حيث شهدنا مؤخراً تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي جاء مناصراً للمرأة، ومؤكداً على صون حقوقها في الزواج، والطلاق، والمهر، وفي حال تعدد الزوجات، والحضانة، والعمل، والسفر، ولكن بالمقابل لابد أن يبقى للرجل تفضيل في جوانب معينة، ولا يمكن بأي شكل أن تحدث أية اتفاقية للمساواة بالمعنى الحرفي الكامل، والتطبيق الفعلي بينهما، وبذلك يمكننا القول: إننا طبقنا ٨٥% من اتفاقية سيداو بالمساواة بين الرجل، والمرأة، وطبقنا
١٠٠ % فيما يخص التمييز، وحق ممارسة الحرية الشخصية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية ليبقى للمرأة شخصيتها وكيانها المستقل.
بشار محي الدين المحمد