“ببساطة” في جزئه الثاني.. إطالة ولوحات رتيبة وغايات مادية!!
لم يحظ الجزء الثاني من مسلسل “ببساطة” الذي عرض في الموسم الرمضاني الأخير بتلك المتابعة الجماهيرية الكبيرة كما كان متوقعاً له، كون الترشيحات التي صبت قبل عرضه وضعته ضمن أفضل المسلسلات التي ستعرض في الموسم الدرامي، لكنه قلب كل التوقعات، وخيّب آمال الكثيرين، بعدما جاءت غالبية لوحاته رتيبة ومملة ومكشوفة، ولم يتمكن مخرج العمل من إحداث نهاية سعيدة ومضحكة لمعظم اللوحات، ولم تشفع بعض لوحات الكاتبين مازن طه ومعن سقباني في إخراج الزير من البير، ليقع المسلسل في الإطالة التي كانت عبئاً ثقيلاً عليه.
ويبدو أن القائمين ومنتجي المسلسل أرادوا بجزئه الثاني أن يكون نسخة طبق الأصل عن “بقعة ضوء”، وامتدوا بالمسلسل إلى ثلاثين حلقة معظمها عجاف، بعدما قدم المسلسل نفسه في جزئه الأول عبر لوحات واسكتشات سريعة وقصيرة ضمن إطار كوميدي ناقد وخفيف وسريع، نجح في ترك ابتسامة رقيقة على وجه متابعيه، وجمع معادلة الشكل مع المضمون، فنال متابعة جماهيرية كبيرة، وبدأ الحديث عن نهايات لوحاته الخفيفة المضحكة يتناولها الشارع ويستشهد بها، لأنه أشار بوضوح وجرأة تارة وبدلالة وترميز أحياناً أخرى إلى واقع يومي حار وساخن على مستوى القضايا الصغرى والكبرى المتداولة في أحاديث الناس وشجون حياتهم، فدخل في الحياة اليومية من زوايا الهم المعيشي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما أدى إلى ابتعاده عن استجداء الابتسامة وعن التهريج والمجانية والإدعاء الفارغ، فجاءت لوحاته في جزئه الأول وكأنها عبور وملامسة سطحية لمشكلة أو قضية يومية يعيشها المواطن السوري، تدغدغ دون أن توخز.
و إذا كنا فرحنا بنجاح الجزء الأول، فإننا نفرح أيضاً بنمو أذواق المشاهدين التي صارت تميز بين الغث والسمين، واتسعت فسحة تفاؤلنا كثيراً بأن نرى الجزء الثاني بشكل أفضل وأجمل بلوحات تحاكي وتلامس همومنا ومشاكلنا بطريقة كوميدية جميلة، لكن يبدو أن النهم المادي والأرباح الكبيرة ولغة المال، دفعت القائمين عليه إلى هذه السقطة التي قد تؤثر على مستقبل مسلسل ما زال يحبو في سنواته الأولى.
“ببساطة”، بجزئه الثاني، ثمة أمر بالغ الأهمية يتعلق بالصدى، وأقصد هنا أن الذي شاهدناه من فناننا باسم ياخور كان صدى باهتاً لكثير من الأعمال الفنية المتميزة لهذا الفنان، فهل يشفع للمرء تاريخه لكي نقبل حاضره، وإن كان شاحباً، أعتقد أن العكس هو الصحيح، لأن التاريخ الحافل بالإنجازات يحتم على صاحبه أن يتأمل طويلاً قبل أن يقدم على عمل جديد، لا شك أن الأمر ليس بهذه بالسهولة التي فكر بها أي إنسان، أن تقول له، اقعد واجتر تاريخك، أو استظل بأغصان الماضي، ولكن أليس هذا أهون ألف مرة من القول، ليتني لم أرك على هذه الحال، وبقيت في ذاكرتي كما كنت أعرفك.
مهند الحسني