الانتخابات ورسالة السوريين
ريناس إبراهيم
لا يمكن فصل الانتخابات التشريعية بدورها الثالث عن سياق الأحداث على المستوى السياسي، الذي يتجلى في نهج الحوار والإصلاح والمصالحات الوطنية التي بدأتها الدولة السورية، وكذلك التطوّرات على المستوى العسكري، والمتمثّلة بالانتصارات التي يحققها جيشنا الباسل على طريق تحرير كامل التراب السوري.
فعلى المستوى السياسي، لا تزال القيادة السورية تؤكّد إصرارها على ما بدأته منذ بداية الحرب على سورية: محاربة الإرهاب أينما وُجِد وضرب مكامنه، بالتوازي مع إطلاق حملة مصالحات وطنية في مختلف الأراضي السورية، لاحتضان أبناء سورية الذين غرّر بهم ولم تتلطخ أيديهم بالدماء، وتسوية أوضاعهم قانونياً ليعاد إدماجهم في المجتمع السوري.
كل تلك الجهود التي تبذلها الدولة السورية في الداخل والخارج إنما هي ترجمة حقيقية لإرادة السوريين بأن لا ممثل شرعي لهم إلا من انتخبوه وأعطوه الشرعية بتأييدهم والتفافهم خلفه، والانتخابات التشريعية الحالية هي ترسيخ لهذه الترجمة وسيكون إقبال المواطنين على المشاركة في الانتخاب تمثيلاً حقيقياً للديمقراطية والتمتع بالحقوق الأساسية.
ورغم التمويل المادي والعسكري والسياسي الهائل للجماعات الإرهابية المسلحة، فقد حسم صمود الجيش العربي السوري وعقيدته الراسخة معارك عديدة على شراستها، في إدلب والبادية السورية وريف حلب وغيرها من الأراضي السورية، ما سيتيح لأكبر عدد من المواطنين المشاركة في الاستحقاق الانتخابي وإيصال ممثليهم إلى مجلس الشعب.
هذا كلّه يفضي إلى أن الانتخابات التشريعية رغم أنها حدث دوري متكرر واعتيادي، إلا أن مجرى الأحداث جعلها رسالة للعالم أجمع بأن الدولة السورية انتصرت بإدارتها الحكيمة للأزمة، وبالتفاف الشعب السوري حول قيادته، الأمر الذي ترجم المعنى الحقيقي لتضحيات الجيش في دفاعه عن الوطن، وصاغ عنوان المرحلة القادمة بأن الولاء والانتماء الوطني غير مرهون بظروف سياسية أو اقتصادية، وإنما هو حالة إنسانية عليا تسمو بالهوية الوطنية وترّسخ استقلالها.