بعض ما يحدث في كواليس تحسين سعر الصرف.. ممنوع أي انتكاسة جديدة!!
حسن النابلسي
إذا ما حاولنا التسلّل إلى كواليس الجهود المبذولة لتثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نجد أن هذه الجهود قد أثمرت حقيقة عن إجراءات اقتصادية أفضت إلى استقرار نسبيّ بسعر الصرف، ولعلها المرة الأولى التي يتمّ فيها وضع سيناريو مدروس يستهدف تحقيق توازن بين العرض والطلب على القطع الأجنبي، وانعكاس ذلك بالإيجاب على سعر الصرف.
وبيّنت المصادر أنه يتمّ العمل على مراحل ثلاث: الأولى مرحلة صدّ الانخفاض الذي حصل خلال الفترة الماضية ووصل إلى عتبة الـ 3500 ليرة في السوق السوداء، وهي الأعلى بتاريخ سعر الصرف، وعدم السماح بتجاوز هذه العتبة، وقد تمّ بالفعل تجاوز هذه المرحلة. فيما تمثلت المرحلة الثانية بالاشتغال على إرجاع السعر إلى عتبة الـ 2200 – 2400 ليرة، من خلال إجراءات عدة تمثلت بمنع التهريب ووقف منح التسهيلات خاصة الدوارة ذات الأسقف المفتوحة، وهنا توضح مصادرنا نقطتين مهمتين: الأولى أن وقف التهريب بنسبة 80% خفّف الطلب على القطع الأجنبي، ولاسيما أن التهريب يستنزف نحو 3 – 4 ملايين دولار يومياً. وتكمن النقطة الثانية في أن وقف منح التسهيلات الائتمانية كان له أثر إيجابي على توفير القطع، فمن كان يحصل على مثل هذه التسهيلات، وخاصة الدوارة ذات الأسقف المفتوحة، كان يضارب بها خاصة خلال فترة توقف النشاط الاقتصادي إثر الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا، مشيرة إلى أن هناك من حصل على قرض ربما وصل إلى مليار ليرة كرأس مال عامل وليس كقرض بناء، وكان يدفع فوائد بقيمة 16%، في ظل توقف النشاط الاقتصادي، ويأخذ إعفاءات من التأمينات الاجتماعية على عماله، فمن أين كان يؤمن نسبة الـ 16% إذن..؟! ما يعني أن هناك مضاربة بأرقام خيالية!!
ويبقى أخيراً الاشتغال على المرحلة الثالثة التي تستهدف زيادة الموارد لتحسين مستوى العرض من الدولار مقابل مستوى الطلب عليه، وذلك من خلال تنشيط الصادرات والموارد، فبعد تحقيق التوازن النسبي بسعر الصرف وتخفيضه إلى عتبة الـ 2300 – 2400، لابد من تنشيط الموارد المدرّة للدولار (صناعة – زراعة – صادرات)، إذ بيّنت المصادر أن الضغط حالياً يتمّ باتجاه موازاة العرض مع الطلب إلى حدّ ما، من خلال استمرار وقف التهريب، وتنمية الصادرات، وتشجيع المغتربين للاستثمار في سورية، بغية الوصول إلى مرحلة يكون فيها العرض أكثر من الطلب، وهذا الأمر لا يحدث بين ليلة وضحاها، وإنما يستوجب استمرار العمل على الإجراءات المتخذة آنفة الذكر وتطويرها بشكل مستمر، إذ أن تثبيتها وتطويرها يقي سعر الصرف من شر الوقوع بانتكاسة محتملة، خاصة وأن لدى سورية الكثير من المقومات المساعدة على ذلك، من زراعة وصناعة إضافة إلى أموال المغتربين التي يمكن استمالتها للاستثمار في سورية.
واستبعدت المصادر حدوث انتكاسة لسعر الصرف، لا بل اعتبرته “خطاً أحمر”، مشدّدة على سياسة الحسم والمضي قدماً في تطبيق هذه الإجراءات التي أعطت نتائج سليمة، وبالتالي فإن أي خلل بهذه الإجراءات هو انتكاسة.