الوزير الخليل: لسنا بحاجة لأحد في ظل ما نمتلكه من حجم أموال ضخم!
دمشق – سلمان إبراهيم
وضع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل حداً لما يشاع حول انهيار الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن اقتصادنا لا يزال بمنأى عن ذلك رغم ما يواجهه من تحديات لا تخفى على أحد، كان آخرها جائحة كورونا التي قطعت سلال التوريد بإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، ما تسبب بالمحصلة بتوقف كلي لبعض القطاعات كالسياحة، وآخر جزئي في قطاعات كالصناعة والتجارة، إلى جانب تداعياتها الخطيرة على تصريف المنتجات والوصول للكساد كما حدث في بعض المنتجات النسيجية.
وبث الخليل خلال ندوة حوارية أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب جرعة من التفاؤل مؤكداً أن الواقع الاقتصادي يسير باتجاه التخفيف من ضرر العقوبات بتوفير ما نسبته 45% من مستلزمات الإنتاج، معتبراً “أننا لسنا بحاجة لأحد لاسيما في ظل ما نمتلكه من حجم أموال ضخم”.
وعزا وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أسباب تردي الوضع المعيشي في سورية إلى الفساد وما يلعبه من دور سلبي لجهة انعدام ثقة المواطن بالحكومة، إضافة إلى الممارسات والضغوط الخارجية المتمثلة بقانون قيصر، وأزمة لبنان الأخيرة وما جلبته من ضرر واضح على قطاع المال والأعمال السوري، نتيجة وقوع رجالات الأخير بفخ الإغراء بإيداع أموالهم في المصارف اللبنانية بنسبة فائدة وصلت إلى 13% رغم تحذيرهم مسبقاً من هذا الأمر.
وتعمق الخليل خلال الساعات الأربع للندوة التي حملت عنوان “الواقع الاقتصادي السوري والإجراءات الحكومية” بسبر ما يعانيه الاقتصاد الوطني نتيجة المحاولات الكثيرة لتفريغ البلد من القطع الأجنبي باعتماد أساليب عدة بالمضاربة على سعر صرف الليرة كالصفحات الخارجية المشبوهة، يضاف إليها ما يحصل في الشمال السوري مضاربات شديدة للتأثير على سعر الصرف، مستغلين في ذلك سوء الأوضاع الاقتصادية في البلدان المجاورة كالعراق والأردن ولبنان، لافتاً إلى أن المصرف المركزي يقوم بإجراء دراسة لوضع حد لهذه المضاربات.
ولم يتجاهل وزير الاقتصاد الانفتاح الكارثي على تركيا خلال سنوات ما قبل الأزمة وانعكاساته على الاقتصاد السوري، وخاصة لجهة تأثيراته السلبية على إغلاق كثير من المنشآت الصناعية وبالتالي فقدان منتجاتها في السوق المحلية نتيجة ما كان يتمتع به المنتج التركي من منافسة قوية أمام نظيره السوري لاسيما لناحية السعر.
وتطرق الخليل إلى الإجراءات الحكومية المعول عليها لتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي، ليبين أن الحكومة تعمل على تفعيل مبدأ المقايضات وقد بدأت بالفعل مع إيران، فيما لا تزال الصين حذرة بهذا الجانب، مشيراً في ذات السياق إلى مقترح قانون الاستثمار الجديد معتبراً إياه من أفضل قوانين الاستثمار في العالم، نظراً لما يزخر به من امتيازات خاصة للمشاريع ذات الأولية.
وتطرق وزير الاقتصاد إلى دليل الاستيراد الذي يقوم على مبدأ الترشيد بهدف تخفيض الاستيراد إلى الحد الأدنى، مقابل العمل على زيادة الصادرات خاصة الزراعية وصادرات الصناعات التحويلية، والسماح لكثير من الموردين استيراد مادة واحدة بهدف تفعيل المنافسة في السوق، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على مجموعة من الإجراءات الشعبية الكفيلة بتحسين الواقع المعشي منها افتتاح أسواق شعبية لإلغاء دور الوسيط التجاري بين الفلاح والمستهلك، مركزاً أنه وخلال 9 سنوات الحرب لم تستورد سورية أية مواد زراعية باستثناء مادتي القمح والبطاطا وفي فترات محددة، لافتاً بذات السياق إلى أن إنتاج سورية من القمح كافي لولا منع ما يسمى قسد بالسماح للفلاحين تسليم محصولهم للحكومة السورية.
وأكد الخليل أن المخرج الأساسي مما يعيشه الاقتصاد الوطني من ظروف صعبة يتمثل بالاعتماد على الذات من خلال تنشيط الزراعة بالدرجة الأولى والصناعة، فهما الرافعة الحقيقية للمستوى المعيشي، دونما أن ينكر دور الحكومة بتوفير مستلزمات الإنتاج وخفض تكاليفه عبر تفعيل التشريعات المتعلقة بالإعفاءات من الرسوم الجمركية وغيرها، مشيرا إلى نجاح الحكومة في بعض القطاعات الزراعية والصناعية كصناعة الزيوت والكونسروة.
وبالنسبة لقطاع الأدوية بين الخليل أنه يعاني من قلة في بعض المواد الأولية بالتوازي مع ارتفاع حاد بالأسعار، مبيناً أن المؤسسة العامة للتجارة الخارجية تستورد دواء مشافي وزارات الصحة والتعليم العالي والداخلية بقيمة 400 مليار ليرة سورية سنوياً وتوزع مجانا، فضلاً عن استيراد لقاحات الأطفال المحصورة بالمؤسسة فقط.
ونوه وزير الاقتصاد إلى ما يعانيه قطاع الأعلاف والدواجن من قلة عدد المستثمرين فيه، موضحاً أن العلف يعتمد على الذرة الصفراء التي بحاجة لمجففات غير متوفرة لدينا، لافتاً إلى أنه يتم العمل على تفعيل معملين لها لتأمين الأعلاف وبالتالي تفعيل منشآت الدواجن البالغ عددها أكثر 12500 منشأة.