محليات

قانون حراج جديد بعقوبات رادعة.. ونهج تشاركي مع الأهالي لحماية الغابات

ازدادت حجوم التعديات على الغابات والمناطق الحراجية بشكل ملحوظ، لجهة عدد الحرائق والمساحات المحروقة وعدد الأشجار التي تعرضت للقطع الجائر، الأمر الذي استدعى دق ناقوس الخطر لما تشكله الغابات من ضرورة ملحة للتوازن البيئي والمناخي ومصدر مهم للأخشاب والأحطاب التي يتم الحصول عليها بشكل نظامي ومرخص وليس عن طريق القطع الجائر أو الحرائق المفتعلة.‏

ويقول الدكتور حسان فارس مدير الحراج في وزارة الزراعة أن الاحتطاب المنزلي للسكان المحليين لا يؤثر على ديمومة الغابات واستمرارها، وإنما الخطر الأكبر يتمثل بالحرائق التي تلتهم الغطاء النباتي الأخضر إلى جانب التعديات بالتحطيب الجائر لأصحاب النفوس الضعيفة من تجار، وهو من الأسباب التي تؤثر بشكل خطير على تراجع نسب الغطاء النباتي الحراجي وتقلل من الحضور الضروري للغابات، وهذا ما تسعى مديرية الحراج للحد منه ومتابعته من خلال ما نص عليه القانون رقم 6 لعام 2018 الذي وصف بالقانون الحضاري ويهدف إلى تنمية وتطوير الثروة الحراجية وإدارتها بشكل مستدام، بالإضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية وتثبيت الكثبان الرملية والتقليل من الزحف الصحراوي من خلال المشاريع المنفذة من قبل وزارة الزراعة، فهو قانون ينظم إدارة العمل ويوضح الإجراء السليم للاستثمار والعمل ويعاقب المخالف، وفي قانون الحراج قد تصل العقوبة إلى الإعدام في حال تسبب شخص ما في إشعال حريق في الغابات، وهذا الحريق أدى إلى التسبب بموت أحد أفراد عناصر الإطفاء أو موت مواطن، بالإضافة إلى عقوبة السجن المؤبد في حال تسبب الحريق بعاهة دائمة لأحد أفراد عناصر الإطفاء أو الفنيين العاملين في الحراج، بالإضافة إلى العقوبات المالية والتي قد تصل إلى مئات ألوف الليرات السورية وهذا ما يحدده القضاة قياساً بنوع المخالفة أو الجرم المرتكب.‏

وبالوقت نفسه، فقد اعتمد القانون على نهج الإدارة التشاركية بحيث يتم إشراك السكان المحليين في إدارة الغابات من خلال التأكيد على أن الغابات هي ثروة وطنية يجب المحافظة عليه، وبالتالي يتولد لدى السكان شعور بأنهم هم من يملكون هذه الثروة، وبالتالي يجب المحافظة عليها والاستفادة منها من خلال الحصول على الأحطاب اللازمة لحياتهم اليومية، وكذلك كل ما يتعلق بالنباتات الطبيعية التي تنبت في الغابة والتي معظمها نباتات طبية وأزهار يمكن الاستفادة منها بشكل شخصي أو بيعها لمحلات العطارة وغيرها، وبذلك يستفيد المواطن بتأمين دخل له من خلال ذلك وأيضاً يكون قادراً على تأمين الحطب لاحتياجاته اليومية فقط وليس للتجارة كما يفعل البعض، وتعزيزاً لهذا الجانب فقد نص قانون الحراج الجديد رقم 6 لعام 2018 على إحداث اللجان الأهلية الحراجية على مستوى القرى والبلدات والمدن للحصول على حق الانتفاع أيضاً شريطة أن يكون هذا الحق متفقاً عليه ما بين المواطن الذي يسكن بالقرب من الغابات والحراج، وبين إدارة الغابات بطرق فنية مدروسة تحقق الغاية والهدف الذي لأجله لحظ هذا في قانون الحراج, وتقوم عناصر الضابطة الحراجية بقمع مخالفاتهم وفق الضبوط الحراجية وإحالتها إلى القضاء لنيل العقوبة المتناسبة مع ما نص عليه قانون الحراج رقم 6 لعام 2018.‏

ويوضح الدكتور فارس أن الغابات والحراج بوصفها ثروة وطنية كانت هي الأخرى مستهدفة بالتخريب والتدمير والإساءة من قبل الإرهاب الممنهج والمنظم الذي طال كل مناحي الحياة في البلاد، وتعرضت للقذائف التي كانت تطلقها المجموعات الإرهابية على المناطق الآمنة مما أدى إلى نشوب حرائق كبيرة فيها..‏

ويبين مدير الحراج أن الغابات في سورية تمثل 3% من إجمالي المساحة بواقع 527 ألف هكتار، منها 58% حراج وغابات اصطناعية، والباقي غابات طبيعية، وتنتشر على طول الشريط الساحلي من اللاذقية إلى طرطوس، إضافة إلى الجزء الشمالي الغربي من محافظة حماة ومحافظة إدلب وشمال حلب، وهذه المنطقة تعرضت أجزاء كبيرة منها للإرهاب ما أدى إلى قطع الأشجار الحراجية فيها ومنها الأشجار المعمرة والمهددة بالإنقراض، وكذلك تعرضت لقذائف الإرهاب مما أدى إلى نشوب حرائق فيها وخسارة مساحة كبيرة من غاباتها لا يمكن حصرها حالياً كون الدخول إلى تلك المناطق يحتاج إلى حذر حفاظاً على سلامة الفرق الفنية العاملة في مديريات الزراعة دوائر الحراج.‏

مبينا أن أغلب الأراضي الزراعية المحروقة تسودها الأشجار الحراجية وهي مجاورة للغابات، وهذا يعتبر من أحد أسباب الحرائق الحاصلة بالغابات نتيجة انتقال النار من الأراضي الزراعية إلى الأراضي الحراجية، علماً أنه يتم القيام بنشر التوعية لدى المزارعين عبر الوحدات الإرشادية بالمناطق بضرورة توخي الحذر عند إضرام النار في المخلفات الزراعية الناتجة عن زراعاتهم، كما تقوم مديرية الحراج بالتحريج الاصطناعي للمواقع المحروقة بعد إزالة الأخشاب والأحطاب من مخلفات الحريق، ويتم تأهيل الموقع وزراعته بالأنواع الحراجية المناسبة للظروف البيئية والمناخية للمنطقة المعنية.‏ ويتم أيضاً قمع المخالفات التي تطرأ على المواقع الحراجية ومنها الأراضي الحراجية المكسورة، وذلك بكتابة الضبوط الحراجية اللازمة وتحويلها إلى القضاء وإصدار قرار نزع يد وتنفيذه بزراعة الأنواع الحراجية المناسبة للمنطقة.‏ ويجري العمل على رفع الكثافة للمواقع الحراجية الطبيعية والمتدهورة من خلال زراعة نفس الأنواع الموجودة في المنطقة أو استبدال للأنواع إن أثبتت الدراسات عدم ملاءمة النوع للمنطقة نتيجة تغير الظروف المناخية وهذا محتمل وجوده وفق ما أثبت في مؤتمر باريس للاحتباس الحراري..‏

وفي السياق ذاته، يشير الدكتور فارس إلى ما تقوم به الحراج من استصلاح للأراضي وخاصة منها الوعرة والصخرية واستثمار الجيوب الترابية وزراعتها أيضاً بالأنواع الحراجية المطلوبة صنوبر ثمري، صنوبر بروتي، سرو عمودي، سرو أفقي، كازوارينا، عفص، لذاب، الأرز، الشوح، روبينيا، غلاديشيا، نخيل مروحي، ازدرخت بأنواعه، سماق، بطم، زعرور، دفلة، سنديانيات، وأنواع أخرى من عريضات الأوراق ومخروطية, وفيما يتعلق بالتجهيزات الفنية ولوازم العمل في مديرية الحراج أشار الدكتور فارس إلى أن المديرية تسعى إلى اتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة ووضع الخطط الإنتاجية والاستثمارية المبنية على دراسات من قبل كادر متدرب مختص بعلوم الغابات وذلك لزيادة المساحة الخضراء والحفاظ على ما تبقى من الأراضي الحراجية، وترفع الخطط والدراسات إلى الجهات المعنية لرصد المبالغ اللازمة للتعويض عن الخسائر التي أصابت مستلزمات العمل من صهاريج وجرارات وسيارات حقلية ودراجات هوائية ومناشير.

عبد الرحمن جاويش