“ألم”.. أنور فؤاد الجندي يروي معاناة أخيه مع السرطان
“ألم” هو عنوان العمل الأدبي الروائي لمؤلفه أنور فؤاد الجندي، الصادر عن دار بعل للطباعة والنشر، والعنوان المباشر للكتاب ليس إلا تلخيصا بليغا للحكاية التي يحيا الكاتب تفاصيلها ويحيك مفاصلها مما عايشه واختبره، ما يذكرنا برواية “باولا” للكاتبة إيزابيل الليندي التي تدور في فلك مشابه، خصوصا وأن “ألم” تروي معاناة أخيه مع مرض عضال استقر في رأسه، فتغيرت حياته كلها، وما كان بهيا مفرجا مبهجا بالأمس، صار لا يُطاق ولا يرحم من فرط قسوته، لينعكس هذا الألم غير المحتمل ليس على حياته فقط، بل على حياة العائلة، الأب، الأم، الأخوة، الزوجة، الأولاد، عالمه هو في المقلب الآخر، أيضا سيرخي عليه هذا الألم عباءته الثقيلة الظلال، لقد اختفى العالم الذي كان يعرفه ويدركه بروح رياضية ومقبلة على الحياة، وصار السواد الحالك هو ما يواجهه في كل لحظة، فالخوف استوطنه، وذكريات الأمس صار وقعها أكثر وطأة وأشد أثرا على العقل المشوش بالألم الشديد، وما يتركه من آثار مدمرة على النفس والحياة نفسها من جهة، وباحتمالية النجاة من هذا المرض العضال في منطقة حساسة وخطيرة كالرأس، والعودة إلى السباحة مجددا في نهر الحياة الجارف من جهة أخرى.
يسرد أنور الأحداث بلغة سلسة رشيقة، ليست باللغة الأدبية الروائية عموما، بقدر ماهي مكتوبة باللغة اليومية، وكأنه في حالة توثيق للأحداث التي عايشها عن قرب، خصوصا وأنه من كان يرافق أخاه المريض في مختلف مفاصل رحلته مع المرض، ولعله أراد أن يفرد أجنحته في الفضاء الروائي، بعمل مأخوذ بأكمل وبأدق تفاصيله من واقع عايشه واختبره بشكل مباشر كما سلف، يقدم فيه قرابينه الأدبية للتجربة الحياتية المنهكة، تلك التي خاضها أخاه وهو في ريعان شبابه.
تمّام علي بركات