الصور والمصالح تتزاحم على بوابة البرلمان والبرامج الهادفة مستبعدة!
طغت الصور البراقة لمرشحي مجلس الشعب على معظم الساحات والشوارع، مرفقة بألقاب مبتدعة تلفت الأنظار أو بضعة كلمات تلامس هموم ومطالب الناخبين، لتوظيفها كمفتاح ذهبي يحصد المزيد من أصواتهم، على حساب وضوح برامجهم الانتخابية – إن وجدت – والتزامهم بالمسؤولية والواجب تجاه من أعطاهم الثقة لتمثيلهم أمام الحكومة، ولكن تكرار خيبات أمل الناس ممن مثلهم في مجالس سابقة، وقد تكون لاحقة أيضاً، غيّر توجّه الكثيرين عن المشاركة وإعادة التجربة بغضّ النظر عما حملته القوائم من أسماء قديمة أو جديدة حضر معها أو غاب برنامج تنموي أو خدمي، فغياب البرامج المدروسة أو تنصّل البعض من وعوده الانتخابية في ظل عدم المحاسبة أو الرقابة على تنفيذه قلّص الأمل المرجو من تصويب بوصلة المجلس ودوره في اجتراح قرارات صائبة تلامسُ أرض الواقع، وتنقل بشفافية هموم ومطالب من أوصلهم إلى مقاعدهم البرلمانية، ليتحوّل المجلس إلى مظلة تكتنفها المصالح والعلاقات الشخصية مع السلطة التنفيذية.
رجال أفعال
ما سبق يستوجب ردم الفجوة بين الشعب ومجلسه عبر جملة من البرامج الهادفة التي يجب أن يطرحها المرشحون ويلتزموا بتطبيقها تحت قبة البرلمان، إذ بيّن الدكتور زكوان قريط الأستاذ في الاقتصاد أن البرامج التنموية والاقتصادية اللازمة للمرحلة القادمة موجودة وواضحة لمن أراد العمل بها، وهي تلبي تطلعات المجتمع واحتياجات الاقتصاد الوطني، ولكن برامج الحملات الانتخابية تزدحم بالوعود التي سرعان ما تتلاشى بُعيد حصول أصحابها على مقاعدهم، وللأسف وعلى الرغم من وجود العديد من الملفات المهمّة التي تشكل أس تطور الاقتصاد الوطني والنهوض به إلا أنها لم تُطرح على الساحات، كبرامج دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعدّ عماد الاقتصاد، بالتوازي مع أهمية ملف أبناء الشهداء والجرحى، وبرامج توفير فرص العمل والحدّ من البطالة والكثير الكثير من القضايا المعيشية التي ترهق المواطن بالدرجة الأولى. ولفت قريط إلى أهمية دخول رجال أعمال وصناعيين المشهد الانتخابي، شريطة أن يتحوّل رجال الأعمال إلى رجال أقوال وأفعال يساهمون في تصويب صورة المجلس أمام ممثليه، بالتوازي مع ضرورة وجود آلية أو نظام لتقييم أداء أعضاء مجلس الشعب فيما بعد تساهم في تقييم عمل عضو المجلس، كإضافة نقاط إلى رصيده أو حجب الثقة عنه، كي لا يستفيد في أربع سنوات من حصانة دبلوماسية دون عمل يذكر.
مجرد مصالح
بدوره أكد الدكتور شفيق عربش الأستاذ الجامعي أن برامج مرشحي مجلس الشعب، إن وجدت، هي برامج إعلانية براقة تهدف للفت الأنظار وحشد الأصوات لأجل الوصول إلى مقاعد المجلس فقط، ومعظم الإعلانات اقتصرت على صور معدلة على برامج الفوتوشوب دون برنامج. وبيّن أن الإشكالية تكمن في غياب قوانين ملزمة لأعضاء مجلس الشعب بضرورة تبني برامج واضحة وآلية تنفيذها، مما أتاح الفرصة لوصول بعض الشخصيات القادرة على إطلاق وتمويل حملاتها الانتخابية بصرف مبالغ مالية ضخمة تمكنها من ضمان أصوات بأعداد كبيرة، وضمنت فوزها المتكرر بانتخابات المجلس دورة بعد أخرى، لم يحصد الناخبون من وجودها سوى الموافقة على مقترحات الحكومة مهما حملت من سلبيات على حياة المواطنين. وأشار عربش خلال حديثه إلى أن وجود تلك الفئة بالمجلس أدى إلى عدم محاسبة وتصويب قرارات الحكومة واستهتار بعض المسؤولين بجلسات المحاسبة التي تمّت في المجلس، وتحوّله إلى ممر للمجاملات والمصالح الشخصية، كما أشار إلى أن هناك العديد من الآليات التي تمنح تأشيرة دخول للمجلس دون عرقلة كقوائم الوحدة الوطنية التي تضمن نجاحها المؤكد دون تقديم وعود أو برامج، لذلك لابد من إعادة هيكلة قوانين الانتخاب واعتماد آلية تضمن وصول من أثبت نجاحه في ميدان العمل إلى المجلس، وتعيد ثقة الشعب بمجلسه.
فاتن شنان