كتل نيابية تقدّم لائحة لسحب الثقة من الغنوشي
فيما يستعد الرئيس التونسي قيس سعيد للبدء بمشاورات مع الأحزاب والكتل البرلمانية لاختيار “شخصية جديدة” لتشكيل الحكومة بعد استقالة الياس الفخفاخ، قدّمت كتل برلمانية تونسية لائحة في البرلمان لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية، هشام العجبوني: “إن لائحة سحب الثقة التي تقدّمت بها الكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية، بلغت النصاب القانوني المطلوب (73 نائباً)”.
وتجاوزت القائمة العدد المطلوب الممثّل لثلث نواب البرلمان (73 نائباً)، وذلك بعد أن ضمت لاحقاً تواقيع نواب كتلة “الدستوري الحر”، والذين قالوا: إنهم أودعوا 16 توقيعاً اضافياً لدعم اللائحة المودعة بمكتب المجلس، ليرتفع اجمالاً عدد التواقيع إلى 89.
ويتهم مقدمو اللائحة الغنوشي بعدد من الخروقات المتعلقة بإدارة الجلسات وتجاوز النظام الداخلي للبرلمان. وبينت الكتل، خلال مؤتمر صحفي، أن سبب هذه العريضة هو التجاوزات المتكررة لرئيس البرلمان وتوظيفه للإدارة في خدمة أجندات حزبية، كما بينت أن الغنوشي يتدخل في السياسات الخارجية متجاوزاً صلاحياته وأحكام الدستور، كما يقوم بالإدلاء بمواقف سياسية بخصوص مسائل إقليمية ودولية لا تنسجم مع المواقف الرسمية للدولة التونسية.
وقام الغنوشي، حسب الكتل التي قدمت عريضة سحب الثقة منه، باستقبال سفراء ووزراء أجانب وإصدار بيانات دون الرجوع إلى مكتب البرلمان، كما تعمد تفويض الإمضاء لرئيس ديوانه بصفة غير قانونية وتهميش دور أعضاء مكتب البرلمان.
وقام أيضا بعدم اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بالنظام الداخلي لوضع حد للانفلات والفوضى داخل البرلمان.
وأكدت الكتل أن الغنوشي يقوم بخرق ممنهج للنظام الداخلي للبرلمان والتلاعب بمواعيد اجتماعات مكتب البرلمان بهدف ضرب قرارات مؤسسات الدولة.
ويمكن للبرلمان سحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة (109 نواب) من أعضاء المجلس، بناء على طلب كتابي معلل يقدّم لمكتب المجلس من ثلث الأعضاء (73 نائباً) على الأقل، على أن يعرّض الطلب على الجلسة العامة للتصويت على سحب الثقة من عدمه في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط، وفق الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان.
وجاء طلب سحب الثقة بعد ساعات على قرار رئيس الوزراء المستقبل إلياس الفخفاخ، إقالة جميع وزراء “حركة النهضة” وعدم دعوتهم للاجتماع الوزاري الذي انعقد أمس الخميس.
وأصدرت رئاسة الحكومة بياناً قالت فيه: إن الفخفاخ قرر إعفاء “وزير الشباب والرياضة أحمد قعلول، ووزير التجهيز منصف السليتي، ووزير الشؤون المحلية لطفي زيتون، ووزير النقل واللوجستيك أنور معروف، ووزير الصحة عبد اللطيف المكي، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم شورى، من مهامهم، وقرر تكليف آخرين بدلاً منهم.
في الأثناء، يستعد الرئيس التونسي للبدء بمشاورات جديدة مع الأحزاب والكتل البرلمانية لاختيار “شخصية جديدة” بعد استقالة الفخفاخ.
وأعلنت الرئاسة توجيه رسالة إلى البرلمان لإعلامه بقائمة الأحزاب والكتل البرلمانية المعنية بالمشاورات السياسية من أجل اختيار مرشح جديد لتشكيل حكومة جديدة كما ينص على ذلك الدستور.
لكن استقالة الفخفاخ تلقائياً، والتي تعني استقالة حكومة بأكملها، أبقت المبادرة السياسية في مرمى الرئيس قيس سعيد، بحسب الدستور، وهو من سيتولى اختيار الشخصية الأقدر لتولي مهمة تكوين حكومة.
وبحسب الفصل 89 من الدستور يقوم الرئيس في أجل 10 أيام بمشاورات سياسية لاختيار مرشحه وتكليفه بتشكيل حكومة في مدة أقصاها شهر.
ويتعين على الحكومة الجديدة الحصول على الأغلبية المطلقة في البرلمان (109 أصوات) لنيل الثقة.
غير أن مهمّة سعيّد لن تكون بالهيّنة لإقناع النهضة (45 نائباً من أصل 217)، التي فشل مرشحها لرئاسة الحكومة الحبيب الجملي مطلع العام 2020 في نيل ثقة البرلمان، وتمّ المرور إلى الفخاخ، الذي رشحه الرئيس، وقبلت به درءاً لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها آنذاك. واستغرقت المفاوضات السابقة منذ أن أجريت الانتخابات النيابية في تشرين الأول 2019 نحو أربعة أشهر من التجاذبات السياسية إلى حين تم الاتفاق على الفخفاخ ونيله الثقة نهاية شباط.
وحتى إذا لم توافق حركة النهضة على المرشح الذي سيقدمه الرئيس فإن الأخير ربما يقدم على حل البرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة، وهي الفكرة التي دعت لها أكبر نقابة عمالية بشرط تعديل قانون الانتخابات والقيام باستفتاء على النظام البرلماني لتجاوز المأزق الذي وضعت فيه الأحزاب السياسية البلاد.