حماية المستهلك تبدأ من اجتثاث المتواطئين!

حسن النابلسي

تتضاءل الآمال المعلّقة على تولي وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي، ولاسيما لجهة أن يحدث فارقاً بالمشهد العام للأسواق، وخاصة في ضبط الأسعار وقمع الاحتكار، فواقع الأسواق يزداد سوءاً، علماً أن سعر صرف الليرة بدأ بالتحسّن التدريجي دونما انعكاس على أسعار المواد والسلع في الأسواق التي لا تزال مسعّرة على أعلى نقطة وصل إليها سعر صرف الدولار في السوق السوداء!!

وعلى اعتبار أن نتاج عمل الوزير الحالي لحماية المستهلك، ومن سبقه بتولي حقيبة هذه الوزارة، لم يثمر عن شيء كبير حتى الآن، فإن ذلك يعني بشكل أو بآخر أن الأمر ليس مرتبطاً بشخص الوزير فحسب – مع التأكيد طبعاً على أهمية الدور المحوري للوزير – وإنما بالمفاصل التنفيذية بالإدارة المركزية والجهات التابعة للوزارة وكوادرها، بدءاً من المدراء العامين وصولاً إلى أصغر موظف.

المشكلة إذن لا تنحصر بشخص الوزير فقط، فما تزخر به الوزارة من كوادر منتشرة على مساحة الجغرافية السورية لا يزال يعمل بالعقلية نفسها والنهج المعتمدين منذ إحداث الوزارة عام 2012، والمفعمين بالترهل والتجاوزات، والقبض من تحت ومن فوق الطاولة دونما حسيب أو رقيب، وإن وجد من يحاسب فإن الحساب يكون بالحدّ الأدنى، وبلا نتائج تذكر!

الوزارة بحاجة إلى تغيير جذريّ مترافق مع إجراءات محاسبة ذات حزم وحسم غير مسبوقين، وعامل التموين، سواء أكان مراقباً أم مديراً مركزياً، أو مديراً عاماً ربما، لايزال بحلّ عن الرقابة وقد يكون غير مبالٍ بها. وإذا ما أخذنا مثلاً ارتفاع أسعار الدخان الوطني المنتج محلياً مئة بالمئة بأكثر من ضعفين، وباعتراف الوزارة ذاتها على لسان معاون الوزير، ندرك عندها عجز الوزارة وفشلها بانسياب هذه المادة بالسعر الرسمي لها، فهناك من يحتكر هذه المادة ويطرحها بالأسواق وفق مزاجية معينة تحقّق له الربح الفاحش، مع التأكيد هنا على عدم التشجيع على التدخين، وإنما القصد من هذا المثال إثبات تواطؤ بعض كوادر الوزارة أو عجزهم في حال عدم التواطؤ عن قمع الاحتكار؛ وكذلك الأمر بالنسبة لمادة المتة التي لم تنخفض أسعارها رغم انخفاض سعر صرف الدولار!

نؤكد أخيراً على نقطة في غاية الأهمية: إذا لم يقم الوزير البرازي بحملة تطهير للوزارة تطال الكوادر كافة، مع التلويح بعصا المحاسبة، فإن ما اتخذه وما سيتخذه من إجراءات ستبقى – أغلب الظن – حبراً على ورق.

hasanla@yahoo.com