أوراق الاقتراع؟!
يحاول البعض بشكل أو بآخر نشر ثقافة الإحباط والتشاؤم المبنية على قاعدة “ما في شي صح!”، ويعمل بكل جهد لتمرير هذه الصورة السوداوية إلى الشارع بطرق مختلفة وعبر اختلاق الشائعات والطعن في شرعية ما يحصل، ورسم الكثير من إشارات الاستفهام التي تطمر أي إيجابية ممكنة تحت أنقاض المخالفات والتجاوزات التي تشي بفساد كبير، ومن هنا تتم شرعنة الدعوات لعدم ممارسة الحق الانتخابي والانكفاء عن صناديق الاقتراع التي تشكل المعبر الوحيد لآمال المواطن السوري المحكوم اليوم أكثر من أي وقت مضى بالوعي وإدراك أهمية هذا الاستحقاق الوطني في تجسيد آماله وطموحاته واستعادة حياته التي سرقتها سنوات الحرب وعقوبات “قيصر” الجائرة.
ولا يخفى على أحد أن انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث تشكل أولوية وطنية وقاعدة تأسيسية لاستحقاقات أخرى تحتضن المستقبل السوري بكل تطلعاته، وهي في الوقت ذاته محطة مهمة ومفصل بارز في الحياة الدستورية والسياسية للمجتمع السوري، خصوصاً أنها تتم في خضم المعركة الوطنية للدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب والإنجازات الكبيرة والعظيمة التي تحققت عبر عقود من النضال الجماهيري على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والتي شكلت في أحلك ظروف المؤامرة الدرع الواقي والحصين في مواجهة تلك القوى والعصابات المسلحة الممولة والمدربة اللاهثة وراء سراب تدمير سورية ودفعها للتخلي عن أهدافها وثوابتها الوطنية والقومية.
وطبعاً انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث التي انطلقت بالأمس تعكس وتؤكد حقيقة الانتصار السوري الذي تم، وهذا ما يشكل الحافز الأكبر لإنجاح هذا الاستحقاق الدستوري الذي مهما شابته الأخطاء والعثرات التي تحدث في إي عملية انتخابية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، إلا أنه يبيّن بما لا يقبل الشك أن الحفاظ على الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية والإصرار على استمرار الحياة الدستورية رغم كل الضغوط والتحديات ورغم كل الآلام والجراح التي تحملها السوريون في سبيل عزة الوطن وصيانة وحدته واستقلاله.. يشكل أهم عوامل الثبات والتحدي في وجه العدوان وداعمية ومنفذية، ويشكل في الوقت نفسه أحد أهم بشائر النصر الآتي الذي نراه قريباً بهمة وتضحيات وصمود كل السوريين الشرفاء.
ولاشك أن الرهان على وعي المواطن السوري الذي كان خلال سنوات الحرب، وسيكون الآن في هذه المرحلة المصيرية على مستوى المسؤولية الوطنية من خلال مساهمته في إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري بالمشاركة الواسعة والمعمقة لاختيار من يرى فيه آماله وطموحاته.. بات في خانة الرابح مع ما شهده اليوم الانتخابي من مشاركة واسعة واصطفاف جماهيري مع قوائم الوحدة الوطنية التي تمثل تطلعات ليس البعثيين فقط، بل المجتمع السوري بأكمله، هذا إلى جانب الخيارات الكثيرة التي تعج بها ساحة المرشحين المستقلين، والتي تمثل في غالبيتها كفاءات كبيرة في مختلف المجالات.
إن ممارسة الحق الدستوري لا تكون إلا من خلال صناديق الانتخاب التي لابد من أن نغذيها بأوراق الاقتراع وبروح المسؤولية والواجب والأمل بسورية المعافاة من كل آثار وآلام سنوات العدوان، وبالخلاص النهائي من كل مظاهر الفساد والتواكل واللامبالاة ولبناء قطاع اقتصادي قوي بجناحيه العام والخاص.. يضمن ويكرس استقلالية القرار السياسي والاقتصادي، وتحسين المستوى المعيشي وتعزيز مقومات الصمود الشعبي في مواجهة كل التحديات المتمثلة بالإرهاب والحصار الجائر، وبكل تأكيد صحة الاختيار لأعضاء مجلس الشعب ودعم قوائم الوحدة الوطنية يشكل رسالة قوية للعالم بأن سورية بخير وبأنها وحدها القادرة على تحديد مستقبلها.
بشير فرزان