عدم ترويج المصارف لبرنامج دعم أسعار الفائدة يضع العصي بعجلات التمويل
دمشق – حسن النابلسي
لم يتمخّض برنامج دعم أسعار الفائدة عن النتائج المتوخاة لجهة تفعيل التمويل المصرفي للمشاريع الإنتاجية، علماً أن اللجنة الاقتصادية أوصت بجلستها رقم 3 تاريخ 26/ 1/ 2019 بصرف المبالغ المخصّصة في الموازنة العامة للدولة لدعم أسعار الفائدة، وقدرها 20 مليار ليرة سورية، لمجموعة من البرامج المستهدفة من جهة، وتوصلت كلّ من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ممثلة بهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، والمصارف العامة، إلى اتفاق إطاري لتحديد آليات الدعم والتسوية اللازمة لتنفيذ هذه التوصية، من جهة ثانية، مع الإشارة هنا إلى أن الدولة تتحمّل 7% من فوائد القروض التي تمنحها للمنشآت الإنتاجية.
أسباب ومسببات
ما سبق يشي بأن ثمّة خللاً، أو عائقاً، أو إشكاليةً ما، وما إلى ذلك من أسباب ومسبّبات، حالت دون الإقبال على تمويل مشاريعهم من المصارف، ولعلّ ما يزيد الاستهجان من عدم الإقبال على هذا البرنامج، هو أنه مشجع لكل راغب بالتمويل كونه يعفيه بنسبة 7% من سعر الفائدة من جهة، ويخفّف على المصارف ما يثقل كاهلها من كتل نقدية جاهزة للإقراض من جهة أخرى.
ملتزمون بالاتفاق ولكن!
حاولت “البعث” الوقوف على تعثّر تطبيق هذا البرنامج، وتبيّن أنه في الوقت الذي تؤكد مصادر وزارة الاقتصاد إتمام ما عليها في هذا الموضوع، من خلال الاتفاق الإطاري مع المصارف الذي أوضح مهام كل طرف، وآليات تنفيذ هذا البرنامج الذي يعوّل عليه لتعزيز البنية الإنتاجية، وانعكاس ذلك على تحسن سعر صرف الليرة وقوتها الشرائية، تؤكد المصارف أيضاً أنها قامت بما عليها وفق ما تضمنه الاتفاق الإطاري، وأن الكرة الآن في ملعب الراغبين بالتمويل.
حلقة مفقودة
ولدى التقصي عن الحلقة المفقودة، وجدناها حقيقة بالمصارف، إذ لم تضطلع الأخيرة – وفقاً لمصادر خاصة – بمهمة الترويج للبرنامج، وإبلاغ فروعها بالمحافظات بما تمّ التوصل إليه مع الوزارة، إذ أن هناك عدداً كبيراً من الصناعيين لم يتمّ إعلامهم بالاتفاق الإطاري لتنفيذ هذا البرنامج، علماً أنه يصنّف بخانة الامتيازات التي تقدمها الحكومة، ويفترض أن يلقى إقبالاً كبيراً!
دور الوزارة
أمام هذا الواقع تعرض “البعث” تفاصيل الاتفاق الإطاري، لعلّها تساهم بالإضاءة عليه وإيصاله إلى الشريحة المستفيدة منه، وسنبدأ بدور الأطراف المعنية بهذا الاتفاق، حيث تتولى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، بالتنسيق مع الوزارات المعنية، عملية إعداد برامج الاستهداف متضمّنة التفاصيل المتعلقة بنطاق الاستهداف المكاني والقطاعي، ومعايير الاستفادة من البرامج، والنسبة المئوية من سعر الفائدة التي ستتحملها هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، وكذلك سقف الدعم لكل برنامج وفق واحد أو أكثر من “معايير قيمة الدعم، أو النسبة المحددة من مبلغ الـ 20 ملياراً، أو عدد المستهدفين كحدّ أقصى”، كما ويكمن دور الوزارة في التفاصيل المتعلقة بسقف القروض أو التمويلات المستهدفة بالدعم “حيث يلزم”، وتحديد فترة نفاذ البرنامج، والتي يمكن خلالها التقدم للمصارف للاستفادة منها.
دور المصارف
فيما تتولّى المصارف دراسة طلبات المتقدمين ومطابقتها مع الشروط الواردة في البرنامج، وتحديد ما إذا كانت شروط البرنامج تنطبق على محددات المشروع وغاية القرض أو التمويل، إضافة إلى دراسة الملف الائتماني والجدارة الائتمانية للعملاء وفق الأصول المتّبعة لديها، ونظم عملياتها وتعليماتها التطبيقية، وأدلة إجراءاتها وسياساتها، وتحديد أهلية العميل للحصول على التمويل وعلى مسؤوليتها، وإعلام الهيئة بالمتقدمين للحصول على تمويلات مدعومة لكل برنامج وفق آلية تبادل الوثائق التي سيتمّ الاتفاق عليها بين الطرفين.
كما يقوم المصرف –بموجب هذا الاتفاق – باحتساب كتلة الفوائد أو العوائد المدعومة التي ستتحملها الهيئة خلال مدة التمويل كاملة، وإبلاغ الهيئة بجداول الدفعات لأصل الدين وأقساط الدعم، والحصول على موافقتها على أحقية المتقدمين، وإعلامها بالمستفيدين فعلياً من البرنامج وحصلوا على تمويل، وحجم التمويلات الممنوحة ومقدار الدعم المترتب على هذه التمويلات وجدول الدفعات.
دور الهيئة
ويتمثّل دور هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بمخاطبة المصارف ببرامج الدعم المقرّة من قبل الجهات الوصائية، والإعلان عن البرنامج وتحديد فترة نفاذه والوثائق المطلوبة للتقدم، ومراجعة بيانات العملاء الواردة من المصارف، ومطابقتها مع الشروط الواردة في البرامج المستهدفة، وتحديد ما إذا كان مقدم الطلب يستحق الحصول على الدعم بشكل نهائي غير قابل للإلغاء، ومن ثم الموافقة على الدعم وقيمته، وتزويد المصرف خلال فترة 15 يوم عمل كحدّ أقصى بنتائج دراسة ملفات المتقدمين، مع بيان الرفض في حال تمّ رفض طلب أحد المتقدمين، وإعلام المصارف في حال إنهاء، أو تعليق، العمل في أحد البرامج، أو نفاذ الدعم.
آلية الدفع والتسوية
وتضمن الاتفاق الإطاري آلية الدفع والتسوية، وبموجبها تقوم الهيئة بإعلام وزارة المالية بالتكلفة التقديرية لمبلغ الدعم لكل برنامج، وطلب تحويل المبلغ إلى الحساب المتفق عليه، في حين تقوم المصارف المانحة بمخاطبة الهيئة بالمستفيدين من البرنامج عند كل عملية منح فعلية، وطلب تحويل مبلغ الدعم، وعندها تقوم الهيئة بفتح حسابات رئيسية لدى المصارف العاملة تستخدم حصراً لتسديد المبالغ المتعلقة بدعم الفائدة أو العائد، إضافة إلى قيامها بتحويل كامل مبلغ الدعم المستحق لصالح العميل إلى حسابها المفتوح لدى المصرف المعنيّ، ليقوم الأخير بفتح حساب فرعي لكل تمويل، ويتمّ تحويل مبلغ الدعم الخاص به إلى هذا الحساب، ومن ثم تتمّ تسوية أقساط الدعم.
تسوية الأقساط
وأوضح الاتفاق آلية تسوية أقساط الدعم من خلال عرضه لحالتين:
الأولى في حال قيام العميل بالالتزام بالتسديد، تقوم المصارف باقتطاع أقساط الدعم بحسب قيمة الفوائد أو العوائد المحدّدة بجداول الدفعات المعتمدة والمبلغة للهيئة من الحساب الفرعي عند الاستحقاق دون الرجوع إلى الهيئة، وتتمّ تسوية أقساط الدعم في الحسابات الختامية للمصرف أصولاً.
وتتمثّل الحالة الثانية بأنه في حال تخلّف العميل عن التسديد -ولأي فترة كانت- يقوم المصرف بالتوقف عن اقتطاع أقساط الدعم من تاريخ التوقف عن التسديد، ويتمّ العمل وفق مسارين:
الأول في حال تخلّف العميل عن تسديد الأقساط وتسوية الأقساط غير المسدّدة، قبل تصنيف القرض أو التمويل ضمن فئة التسهيلات الائتمانية متدنية، أو منخفضة القيمة، وفق الضوابط والتعليمات المحدّدة بقرارات مجلس النقد والتسليف ذات الصلة، تقوم المصارف باستئناف اقتطاع أقساط الدعم بما فيها أقساط الدعم عن فترة التوقف عن التسديد وتسويتها أصولاً في حساباتها.
والثاني في حال تعثّر العميل، وتصنيف القرض أو التمويل ضمن فئة التسهيلات الائتمانية متدنية أو منخفضة القيمة وفق الضوابط والتعليمات المحدّدة بقرارات مجلس النقد والتسليف ذات الصلة، يفقد المتعامل حقه بالدعم ويقوم المصرف بتحويل المتبقي في الحساب الفرعي إلى الحساب الرئيسي.
ونصّ الاتفاق على أن العميل لا يفقد حقه بالدعم في حال إجراء عملية إعادة هيكلة للدين، في حال بقي تصنيف العميل ضمن إحدى فئات التمويلات أو التسهيلات الائتمانية غير المتعثرة غير متدنية القيمة، ويتحمّل العميل منفرداً كافة التكاليف والنفقات الإضافية المترتبة على عملية إعادة الهيكلة.
ويلتزم المصرف، وفقاً للاتفاق، بإعادة الرصيد المتبقي في الحساب الفرعي إلى الحساب الرئيسي عند التسديد المبكر، أو تخفيض مدة القرض أو التمويل، وبما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة لحالة التمويلات المدعومة الممنوحة من المصارف الإسلامية.